في 9 سبتمبر عام 2014، كرّمت منظمة الأمم المتحدة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بمنحه لقب «قائد العمل الإنساني»، واختارت الكويت «مركزاً عالمياً للعمل الإنساني»، تقديراً لجهود سموه وجهود الكويت في المجال الإنساني والتنموي، والذي تبين بشكل بارز في مؤتمرات المانحين للشعب السوري، الذي يعاني الملايين من أبنائه بسبب الحرب الدائرة فيه، فقد استضافت الكويت الثلاث مؤتمرات الأولى منها على أرضها في الأعوام 2013، و2014، و2015، كما شاركت في المؤتمر الرابع الذي عقد في بريطانيا عام 2016. ولم تقف مشاركة الكويت في الدعوة إلى مؤتمرات المانحين للشعب السوري، بل للعديد من الدول التي تعاني من المشكلات والمحن، منها مؤتمر دعم التعليم في الصومال، ومؤتمر تنمية شرق السودان، وإغاثة أطفال غزة، ودعم إعمار العراق، إلى جانب استضافة الكثير من القمم العربية، والأفريقية، والآسيوية.
مسيرة إنسانية:
وخلال هذه الأيام تحل علينا الذكرى السادسة لهذا التكريم الأممي لسموه، وفي هذا المقام نستذكر كلمات سموه الخالدة عقب تكريمه الأممي، والتي تحمل الكثير من المعاني الإنسانية، حينما قال: «إن دولة الكويت سنّت لنفسها منذ استقلالها نهجا ثابتا في سياستها الخارجية، ارتكز على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لكل البلدان المحتاجة، بعيدا عن المحددات الجغرافية والدينية والعرقية، انطلاقا من عقيدتها وقناعتها بأهمية الشراكة الدولية، وإن الجمعيات الخيرية الكويتية واللجان الشعبية سطرت صفحات من الدعم المتواصل لمشاريع إنسانية عديدة في آسيا وإفريقيا أصبحت الآن أحد العناوين البارزة لأيادي الخير التي يتميز بها الكويتيون».
ونستعرض في هذا الملف جانب من سيرة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه
مولده:
وُلد الشيخ صباح الأحمد في عام 1928م وهو حاكم الكويت الخامس عشر والابن الرابع لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الذي حكم الكويت من عام 1921 – 1950م.
تعليمه:
تلقّى الشيخ صباح الأحمد تعليمه في المدرسة المباركية، وأحضر له والده عدة مدرسين لتعليمه، كما أرسله والده لعدة دول للدراسة واكتساب المعارف والخبرة.
المناصب التي تقلدها:
تم تعيينه عام 1954م عضواً في اللجنة التنفيذية العليا المعنيةّ بتنظيم مصالح الدولة في عهد الشيخ عبدالله السالم، كما تم تعيينه رئيساً لدائرة الشئون الاجتماعية عام 1955م، ورئيساً لدائرة المطبوعات عام 1957م، وعند تشكيل وزارات الدولة بعد استقلال الكويت عام 1961م تم تعيينه وزيراً للإرشاد والأنباء، وأصبح رئيساً لوفد الكويت في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وفي عام 1963م تولى حقيبة وزارة الخارجية حتى عام 2003م، وهو العام الذي شهد توليه حقيبة رئاسة الوزراء.
توليه الحكم:
تولى الشيخ صباح الأحمد الحكم في 29 يناير 2006م بعد مبايعته، خلفا للشيخ سعد العبدالله، بسبب مرضه، فانتقل مسند الإمارة إلى سموه ليكون الحاكم الخامس عشر لدولة الكويت.
عمل إنساني مبكر:
ترأس سموه عدة مؤسسات أهلية وخيرية، فهو الرئيس الفخري للجنة الشعبية لجمع التبرعات منذ تأسيسها في عام 1954م إلى الآن، وهي لجنة خيرية أسسها عدد من تجار الكويت.
كما ترأس اللجنة الدائمة لمساعدات الخليج والجنوب العربي عام 1963م والتي نفذّت العديد من المشروعات التعليمية والتنموية في دول الخليج والجنوب العربي.
وسـاطته للإصلاح بين الدول:
للشيخ صباح الأحمد دور بارز وكبير في الإصلاح ذات البين بين الدول والشعوب والمنظمات منذ زمن بعيد.
ولا يزال يمارس هذا الدور، بل ويُطلب منه التدخل عند حدوث أزمات سياسية بين الدول، نظراً لحكمته وبُعد نظره وعلاقاته المتميزة وتقدير الجميع له، فيكون حكماً بين المختصمين، يُقدم لهم الحلول، ويساهم في حل النزاعات، وتكون له الكلمة المسموعة والمُقررة عند الجميع، فيرتضون حلوله ومبادراته وإصلاحاته.
مبادراته الإنسانية والخيرية:
ساهم الشيخ صباح الأحمد منذ توليه مقاليد الحكم في 2006م بمبادرات إنسانية عالمية لمساعدة الدول المنكوبة، من خلال إقامة مؤتمرات عالمية مانحة، ليتم من خلالها جمع التبرعات من الدول والحكومات والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم للدول التي أصابتها الكوارث والنكبات، واستمراراً للنهج الذي قامت به الكويت منذ سنوات عديدة من خلال الصناديق والمؤسسات الكويتية المانحة الحكومية والأهلية، منها الصندوق الكويتي للتنمية الذي تأسس في مطلع الستينات والذي بلغت قروضه الميسرة 4.5 مليار دينار، التي بلغت ما يقارب من 1000 قرض استفاد منها أكثر من مائة دولة، حيث ترأس هذا الصندوق الكويتي الشيخ صباح الأحمد منذ عام 1965م.
واستمر سموه في تقديم مساعداته وعطاءاته للدول والشعوب والمنظمات الإنسانية من أجل استقرار الإنسان وسلامته، فقد تبرعت الكويت بالعديد من المساعدات مثل: تقديم الكويت عام 2007 مبلغ 300 مليون دولار لدعم القضية الفلسطينية في مؤتمر المانحين في باريس. وإطلاق مبادرة الشيخ صباح الأحمد لتأسيس صندوق مالي في العالم العربي للمشاريع الصغيرة عام 2009م في مؤتمر القمة الاقتصادية التنموية الاجتماعية.
مؤتمرات المانحين
أقامت دولة الكويت عدة مؤتمرات للمانحين، وهي كما يلي:
– مؤتمر مانحين لشرق السودان في الكويت عام 2010: وقد شهد مشاركة 42 دولة بتعهدات مالية ومساهمات بقيمة 3.5 مليار دولار، وحضرته 30 منظمة إقليمية ودولية و78 منظمة مجتمع مدني و84 شركة، وساهمت الكويت فيه بمبلغ 500 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين الأول لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2013: وشاركت فيه 59 دولة بتعهدات بلغت 1.6 مليار دولار، وقدمت الكويت من خلاله 300 مليون دولار، وحضر المؤتمر 13 منظمة دولية إنسانية تعهدت بـ 194 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين الثاني لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2014م: وشاركت فيه 69 دولة و24 منظمة إنسانية بلغت فيه تعهدات الدول 6 مليارات دولار وقدمت الكويت فيه 500 مليون دولار وتعهدت المنظمات الدولية بـ 183 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة بالقاهرة عام 2014م: وشاركت في هذا المؤتمر 50 دولة تعهدت بتقديم 5.7 مليار دولار لمساعدة غزة بعد العدوان الصهيوني عليها، وقد قدمت الكويت مبلغ 200 مليون دولار، وجهتها لإعادة إعمار غزة في القطاعات السكانية والصناعية والتنموية
– مؤتمر المانحين الثالث لدعم الشعب السوري في الكويت عام 2015م: وشاركت فيه 79 دولة و40 منظمة إنسانية بتعهدات بلغت 8.4 مليار دولار، وتبرعت الكويت بـ 500 مليون دولار.
– مؤتمر المانحين الرابع لدعم الشعب السوري في بريطانيا عام 2016م: وشاركت فيه 70 دولة تعهدت بتقديم نحو 9 مليارات دولار، وقامت بريطانيا الدولة المضيفة، بدعوة أمير دولة الكويت للرئاسة الشرفية للمؤتمر، وقد قدمت الكويت في هذا المؤتمر 300 مليون دولار.
– مؤتمر مانحين لدعم التعليم في الصومال في الكويت عام 2017.
– المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاكات الكيان الصهيوني لاتفاقية حقوق الطفل في الكويت عام 2017.
– مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق في الكويت عام 2018: وقد شارك في هذا المؤتمر 76 دولة، تعهدت بتقديم 30 مليار دولار، وقد قدمت الكويت مليار دولار. كما قدمت الكويت العديد من المساعدات للدول والشعوب مما أثار إعجاب العالم بتلك المساعدات. وقد أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في مؤتمر القمة الإنسانية العالمية في تركيا في مايو 2016 على ضرورة إنهاء الصراعات والتوترات لمواجهة الأزمات الإنسانية، وأعرب فيه عن تقديم بلاده مبلغ 5 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وستستمر الكويت في عملها الإنساني لتنمية الدول والشعوب في ظل مسيرة حكام آل الصباح الداعمين للخير والمشجعين له، والشعب الكويتي والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص الداعم لمسيرة العمل الخيري.
– الكويت تحظى بثقة المجتمع الدولي ممثلاً في أعضاء الأمم المتحدة بترشيحها لفترة ولاية جديدة لتتولى عضوية غير دائمة في مجلس الأمن لمدة سنتين بترشيح 188 صوت من 193 دولة، لتتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في شهر فبراير 2018 لتعود بعد أربعين عاماً من عضويتها الغير دائمة لمجلس الأمن والتي كانت في عامي 1978، 1979 علماً بأن الكويت انضمت إلى الأمم المتحدة رسمياً في عام 1963.
– الكويت تستضيف المؤتمر الدولي للنزاهة من أجل السلام في يناير 2019.
– الكويت تتبرع في شهر مارس 2019 بــ300 مليون دولار أمريكي على مدى ثلاث سنوات لرفع معاناة الشعب السوري حيث بلغت تبرعات الكويت للشعب السوري حتى مارس 2019 بمبلغ 1.6 مليار دولار أمريكي.
– البنك الدولي يكرم سمو أمير دولة الكويت في مقر البنك الدولي لقاء دوره في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وإحياء السلام على المستويين الإقليمي والدولي.
– فزعت دولة الكويت عام 2020 لمواجهة جائحة كورونا، ودعا أمير دولة الكويت لفزعة عامة للتصدي لفيروس كورونا، وواجهت دولة الكويت أزمة كورونا باقتدار ، وقدمت مساعدات لعدة دول متضررة (فلسطين والصين وإيران) وتبرعت بمبلغ 60 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية ، وقامت الجمعيات الخيرية بعمل حملة تبرعات استطاعت جمع 30 مليون دولار في يوم واحد ، وتم تقديم مساعدات للمتضررين داخل الكويت استفاد منها الأسر والعمالة المتضررة ، كما قدمت الجمعيات الخيرية مساعدات للدول المتضررة من فيروس كورونا، وأثنت العديد من الدول والمنظمات الدولية بدور دولة الكويت المتميز في مواجهة فيروس كورونا (كوفيد 19).
كما قدمت الكويت تبرعات سخية لجمهورية لبنان إثر حادث الانفجار الكبير الذي سبب خسائر كثيرة.
قائد العمل الإنساني:
في 9 سبتمبر 2014م قامت منظمة الأمم المتحدة بتسمية أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – حفظه الله ورعاه قائداً للعمل الإنساني وتسمية دولة الكويت مركزاً للعمل الإنساني،
كما صدر تقرير عن منظمة (مبادرات التنمية العالمية) في بريطانيا عام 2014 يُفيد بحصول الكويت على المرتبة الأولى خليجياً والأولى عالمياً من 20 دولة نسبة إلى الدخل القومي وجاءت الكويت أكثر الدول سخاءً، كل هذه الإنجازات الإنسانية حققتها الكويت وتوجت جهودها الخيرية بمبادرات سموه، لتستمر الكويت محط أنظار العالم بأفعالها الإنسانية وبصماتها الخيرية التي ملأت شتى بقاع الأرض، لتبقى شاهدة على حب الكويت للعمل الخيري وتجذره في نفوس حكامها وأهلها.