عقدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان، اليوم الجمعة، لقاءً إعلاميًا خاصًا مع رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، تحدث فيه عن تطورات القضية الفلسطينية، خاصة بعد انعقاد مؤتمر الأمناء العامين في بيروت، وتطورات القضية الفلسطينية، في ظل سياسة التطبيع العربي الإسرائيلي.
ووصف هنية، خلال اللقاء، “صفقة القرن” بأنها خديعة القرن، خاصة أنها تريد إزهاق روح القضية الفلسطينية.
وتابع: أمام هذا الوضع، توصلنا إلى رؤية للتعامل معها، عبر تأسيس تحرك موازٍ يرتقي لمستوى التحدي الذي نواجهه، ما يعني أننا أمام تهديد إستراتيجي، لذلك يجب أن يكون لدينا رؤية إستراتيجية للتعامل معها، فلا يصح الاكتفاء بردود الفعل ولا بالخطوات المجزوءة ولا بتثبيت نظريات ومواقف سياسية أو إعلامية، بل لا بدّ أن يكون هناك رؤية متكاملة للتعاون لمواجهة مخططات الاحتلال.
وأردف هنية: والمرتبط بهذه المسألة هو أن الإستراتيجية أيضًا قائمة على محاولة دمج “إسرائيل” في المنطقة، كدولة صديقة أو حليفة، وسط تصريحات جديدة للرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، يتحدث فيها عن تمنيات أمريكية بأن تحذو مزيد من الدول العربية طريق التطبيع مع الاحتلال.
واسترسل: هذا الأمر محاول لإنقاذ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، خاصة أنه يمرّ بأزمة غير مسبوقة، على صعيد الائتلاف الحاكم، مع توقعات بأن يذهب الكيان الإسرائيلي إلى انتخابات جديدة أخرى، ما يدلّ على بنية سياسية للكيان الإسرائيلي لم تعد بمستوى التماسك الذي كانت عليه سابقًا، الأمر الذي يدفع بالكيان وحلفائه إلى تسريع ملفات التطبيع.
إستراتيجيات فلسطينية للمواجهة
وأضاف رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”: “هذه الأمور تجعلنا كفصائل فلسطينية نقرأ في الإستراتيجية التي يجب أن نتحرك على أساسها لمواجهة هذا الوضع بكل إمكانياته وأوضاعه، وذلك عبر استراتيجية وفلسفة المواجهة التي ترتكز على ثلاثة مسارات، هي:
المسار الأول هو استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، لأن العامل الفلسطيني هو العامل الأهم في المواجهة”.
وأكد هنية: “ومن هنا بادرنا كحماس ومن خلال الشهور القليلة الماضية، بالقيام باتصالات مكثفة، وتحديدًا مع حركة فتح وبقية الفصائل الفلسطينية، حيث أجريت اتصالات مع الرئيس محمود عباس عدّة مرات، لبحث آليات تحريك الماء الراكد في الحالة الفلسطينية الداخلية، الأمر الذي ساعد في توحيد الجهود أمام الخطر المشترك، وسط التهديدات التي تطال حماس وفتح والسلطة الفلسطينية كذلك وفصائل المقاومة كلها”.
وتابع: “مشروع أوسلو، الذي كان السبب الرئيس في القسمة السياسية في الساحة الفلسطينية قد وصل إلى نهايته، ولم يعد مشروع التسوية صالحًا للتداول الوطني الداخلي، وهو لم يعد قاعدة انطلاق لبرنامج سياسي مشترك”.
أما المسار الثاني، فقال هنية: “هو مسار المقاومة، خاصة أننا نتعامل مع احتلال استيطاني إحلالي قائم على السيطرة على الأرض وتهجير الشعب، حيث العمل على وضع أسس للمقاومة الشاملة التي تبدأ بمقاومة شعبية وسياسية وإعلامية وقانونية وداخلية وخارجية وعسكرية”.
وأشار هنية إلى أنه ومع هذا الواقع، “لا بدّ لنا من بناء شبكة تحالفات إقليمية ودولية نرتكز عليها في مواجهة الهجمة غير المسبوقة على القضية الفلسطينية، وهذا لا يعني أن نتمحور في اتجاه ضد آخر، بل أن نستند على كتلة صلبة في المنطقة وعلى امتداد وجود شعبنا للتصدي لهذا الخطر الكبير، وهذا لا يعني أيضًا أننا في حالة صدام أو خصومة مع كل مكونات المنطقة، فحماس تدير علاقاتها بتوازن دقيق وعلى قاعدة الانفتاح على الجميع”.
أما المسار الثالث، فتحدث هنية عن أنه “مسار الدائرة الإقليمية والدولية، وحينما نقول الدولية فبشقيها الرسمي والشعبي”.
اجتماع ناجح
وأوضح هنية: “اجتماع الأمناء العامين كان ناجحًا، وذلك استنادًا لأمرين: هما البيان المشترك الذي تمّ الاتفاق عليه، أما العلامة الثانية فهو اتفاقنا على أن نسير في المسارات المركزية عبر تشكيل لجان تضع التصور للمسارات التي ذكرتها سابقًا، ضمن جدول زمني محدد، واللجان هي: لجنة تطوير المقاومة الشعبية في أماكن تواجد شعبنا في الأرض المحتلة وتحديدًا في الضفة الغربية، وهذا يتم من خلال تشكيل قيادة وطنية تضمّ جميع الفصائل”.
وتابع: “أما اللجنة الثانية، فاختصاصها ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية ووضع خارطة طريق لإعادة تفعيل وتطوير المنظمة ومدخل هذا الموضوع هو من خلال مجلس وطني فلسطيني جديد ينتخب في الداخل وحيثما أمكن في الخارج، والذي يشكل بدوره لجنة تنفيذية تضم كافة الفصائل، أم اللجنة الثالثة فمهمتها وضع تصور لإنهاء الانقسام الحاصل بين الضفة وغزة”.
مواقف لا تتبدل
وفي الحديث عن التصريحات التي خرجت إلى الإعلام من قبل هنية، والتي تضمنت تهديدات للكيان الإسرائيلي من بيروت، والردود التي حصلت على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد هنية، أن “خطاب حماس الإعلامي والسياسي لا يتغير ولا يتبدل بتغير المواقع أو العواصم، ونحن نعيد ونكرر وعلى المنابر كافة، أن ذراعنا طويل وسوف يضرب العدو بالوقت الذي نقرر، ولكن ليس المقصود إطلاقًا أننا نطلق تهديدات في بيروت لصالح توريط لبنان في شيء خارج عن السيادة والرؤية اللبنانية الجامعة”.
وأضاف، “ولكن يجب أن يكون لشعبنا الفلسطيني في المخيمات قرار في مشروع التحرير والعودة، ولكن كيف يمارس هذا الدور، هذا يتقرر لاحقًا، وضمن قواعد السلوك التي نحترمها في الدولة المتواجد فيها”.
وضع مأساوي
ووصف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان بأنها مأساوية، خاصة تلك التي تقع مباشرة على البحر.
وأضاف: “كذلك زرت مخيم عين الحلوة، وللأسف منازله عبارة عن غرف صغيرة، لا تتسع لسكانها”.
وأكد هنية: “طالبنا القيادات اللبنانية والمراجع والرئاسيات، توفير قواعد العيش الكريم والحقوق المدنية والإنسانية لأهلنا الفلسطينيين في لبنان، سواءً عبر حقه في الإعمار أو التوظيف أو التملك، وهذا لا يعني أننا قد قبلنا بديلًا عن فلسطين، ولكن طالما أنّ الفلسطيني موجود في لبنان، فعلى الجميع تأمين حياة كريمة له وتعزيز صموده داخل مخيمه”.