تحدثنا في الحلقة الأولى عن الخير؛ قدمناه بداية كما هو في كتاب الله تعالى: ” ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يرَهُ ” فتحدثنا مستفتحين بالصدق.
في هذه السطور سنتحدث عن المقابل للصدق؛ وهو الكذب وآثاره المدمرة بما أن العنوان يحمل النقيضين.
الكذب أسوأ الخلق والصفاة التي يُبتلى فيها الانسان ، فالكذب محور الاقتداء بالشيطان الرجيم أعاذنا الله به منه، الكذب يعني تزييف الحقيقة او تزييف جزء منها، والكذب ممقوت ومرفوض عند كل الأديان والمجتمعات الإنسانية والملل، فلا يرغب فيه ويتبناه إلا الشيطان الرجيم وأجناده وأنصاره.
العرب الشرفاء رغم كفرهم سابقًا؛ بل البشرية عمومًا يكرهون الكذب، ويرونه ليس من المروءة والرجولة والعزة، وما دار بين أبي سفيان رضي الله عنه وهرقل الروم من حديث حول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لدليل على هذه الأخلاق والمروءة للرجال بغض النظر عن الدين حينها.
لا شك الكذب منبوذ وممقوت ومحرم في كل الأحوال إلا ما أجازه الشرع في مواقفه الثلاث المعلومة شرعًا، ومن أعظم وأخس الكذب؛ الكذب الذي يكون في الدين وعلى الله تعالى بتحليل ما حرم وتحريم ما حلل كذبًا وزورًا وبهتانًا؛ قال تعالى: ” وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ “.
وكما جاء في الصحيح عن سيدنا علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ؛ وفي رواية مسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار “.
وكما قال أهل العلم والتخصص وأظنه ابن القيم إذا لم تخني الذاكرة بين في ذلك قائلًا: ” المباءة ” هو الرجوع الى الاستقرار ويكون هو الأصل له كاستقرار، أي اتخذه ” مباءة ” يستقر فيه لا كالمنزل الذي ينزل فيه ثم يرحل عنه، هو الاستقرار الثابت في نار جهنم نسأل الله السلامة والعفو والعافية.. نعم.. لأن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هو كذب على التشريع، والتشريع لا يشرعه إلا الله تعالى عن طريق الرسل والأنبياء.
الكذب كما أسلفنا هو سلاح الشيطان وفنه في محاربة الحق والدين والإسلام والمسلمين، فأول من كذب على آدم الشيطان الرجيم ” وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ” من أجل ارضاء حقده وحسده، وأيضا العدو الذي جنده الشيطان لمحاربة الحق والإسلام، وهاهي ” كذبة أبريل” كما يطلقون عليها، والتي مع الأسف الكثير منا يجهل أصلها ولما أوجدها العدو، وحينما نتابعها نجدها لا تقل فنًا ولا سيناريو عن فنية كذب الشيطان في إخراج آدم من الجنة!
يوم أن كان المسلمون في الأندلس وسيطرتهم عليها، حاول النصارى الحد من امتداد الإسلام ونفوذ المسلمين، فأرسلوا جواسيسهم وجراءهم ليكتشفوا سر قوة دين الإسلام والمسلمين، فعلموا أن سر قوتهم تقوى الله تعالى وتحري الصدق معه وتحاشي الكذب، فعمل النصارى استراتيجتهم لنخر ذلك، فتبرعوا بالخمور مجانًا من أجل النيل من المسلمين وبلادهم حتى سقط الحصن الأخير ” غرناطة ” وأطلقوا على هذه الحركة ” APRL FOOL ” بمعنى خدعة ابريل وما زالوا يحتفلون كل سنة ويعتبرون المسلمين حمقى.
هذا هو الكذب الذي يصنعه سيد الكذب الشيطان الرجيم وخدمه.
هذا هو الكذب الذي أخرج آدم من الجنة حيث كذب الشيطان عليه، والكذب نفسه ساهم مساهمة محورية في خروج الإسلام من إسبانيا، وها نحن نعيش حالة الكذب في التطبيع ودعوى رقي يهود وإنسانيتهم! ونكذب كتاب الله تعالى العظيم الذين حقرهم باضطراد.
الكذب سلوك خطير بل هو بذاته مشكلة سلوكية لها آثارها السلبية الخطيرة على المجتمع وعلى الفرد وعلى الأسرة، وقد أثبتت الدراسات العلمية أيضًا من قبل الاخصائيين؛ أن الكذب له أثرة السلبي على صحة الشخص الذي يعتاد الكذب، كما أنه تلافي قول الصدق والحقيقة قد تكون له مخاطره الكبيرة على الصحة أيضًا، وأكدت الدراسات أن الشخص الذي يعتاد الكذب هو عرضة للمشاكل الصحية بشكل عال ومعرض بشكل خطير الى التوتر والقلق والاكتئاب .
ــــــــــــ
إعلامي كويتي.