تواجه عملية إجراء الانتخابات العراقية المبكرة في العراق، التي أقرت في يونيو من العام المقبل، عقبات عديدة بسبب خلاف الكتل السياسية المتعلق بتشريع قوانين ملزمة لإجرائها.
فقانون المحكمة الاتحادية هو أحد متطلبات إجراء الانتخابات لأنها أعلى سلطة قضائية في البلاد، مهمتها الفصل في النزاعات بين السلطات التنفيذية، وتفسير النصوص الدستورية، والمصادقة على نتائج الانتخابات، وقد شُكلت المحكمة عام 2005 بعد الاحتلال الأمريكي.
وفي ذات السياق، فإن قانون الانتخابات التشريعية، الذي يتم بموجبه تقسم الدوائر الانتخابية وتوزيعها في البلاد، يعتبر ركناً مهماً لا تتم الانتخابات بدونه، وكان مجلس النواب العراقي (البرلمان) أقر، في ديسمبر الماضي، قانوناً جديداً للانتخابات، استجابة لمطالب الشارع العراقي الذي خرج في تظاهرات عارمة مطلع أكتوبر الماضي مطالباً بالتغيير، لكن رئاسة الجمهورية لم تصادق على القانون حتى الآن، لعدم إكمال جدول الدوائر الانتخابية وجغرافيتها في كل محافظة وعددها، وهو الأمر الذي يتطلب تصويت البرلمان.
إشكالية المحكمة
تتألف المحكمة الاتحادية العراقية من رئيس و8 أعضاء، وقد اختل نصاب المحكمة منذ 9 أشهر بعد بلوغ عدد من أعضائها السن القانونية للتقاعد.
كما أن المحكمة تحتاج إلى تعديل في فقرات قانونها لتحديد مهامها، وفصل الصلاحيات بينها وبين مجلس القضاء الأعلى، هذه التعديلات أدخلت الكتل السياسية العراقية بالبرلمان في موجة من الخلافات، حيث طالبت بعض الكتل بإضافة فقرة في مسودة تعديل القانون تلزم بإضافة فقهاء بالشريعة الإسلامية من السُّنة والشيعة إلى أعضاء المحكمة، وهو الأمر الذي اعترض عليه ممثلو الأقليات واعتبروه “محاولة لتكريس الطائفية السياسية”، مطالبين بأن يكون لها الحق بوجود ممثلين لهم في المحكمة في حال إقرار هذه الفقرة على اعتبار أنهم من المكونات العراقية الأصيلة.
الخلافات أنهت جلسة للبرلمان الإثنين الماضي، دون التوصل إلى أي اتفاق حيال الفقرات المختلف عليها، بعد انتهاء قراءة ثانية لمسودة تعديل قانون المحكمة، بحسب رئيس كتلة “بيارق الخير” في البرلمان محمد الخالدي، الذي قال في تغريدة عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إن القانون يواجه حالياً اعتراضات واسعة بسبب بند ورد في المشروع يتعلق بتعيين فقهاء إسلاميين، وتمثيل المكونات داخل المحكمة.
وأضاف الخالدي: هناك مشكلات جوهرية يمكن تجاوزها أو معالجتها مع القوى السياسية، والقانون مهم جداً ويجب حل جميع الخلافات بشأن فقرة فقهاء الشريعة الإسلامية، وتمثيل المكونات قبل تمريره داخل مجلس النواب.
المحامي سرحان القدو، قال في حديثه لـ”المجتمع”: إن المحكمة الاتحادية تعد المحكمة الدستورية العليا في العراق، ويترتب على وجودها أحد أهم الأمور وهو المصادقة على نتائج الانتخابات، وبدونها لن يكون للانتخابات أي قيمة واقعية.
وأشار إلى أن العديد من الإشكالات أثيرت حول المحكمة في المرحلة الماضية، حيث اتهمت بالانحياز في قرارتها لجهات سياسية معينة داخل العملية السياسية، تجلى ذلك في النزاع السياسي عام 2010 بعد فوز السياسي العراقي إياد علاوي بالانتخابات التشريعية، لكن المحكمة أوجدت تفسيراً مغايراً للدستور، لصالح غريمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فحكمت بأن تشكيل الحكومة من حق من يشكل أكبر تحالف داخل البرلمان، وليس الذي يحوز بالعدد الأعلى من أصوات الناخبين، وبناء على هذا التفسير شكَّل المالكي الحكومة رغم فوز علاوي بأغلبية أصوات الناخبين.
وتابع القدو بالقول: إن الشارع العراقي يدرك ما يدور في أروقة السياسة العراقية، ولهذا انتفض الشباب في ثورة تشرين وقدموا أرواحهم لأجل إحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي، وما لم يتحقق التغيير المنشود فإن القادم ربما سيكون أخطر.
الدوائر الانتخابية
اعتمدت العملية السياسية منذ إقرار الدستور العراقي عام 2005، في ظل الاحتلال الأمريكي، في التجارب الانتخابية الماضية على نظام التمثيل النسبي، حيث يتم اعتبار المحافظة كدائرة انتخابية واحدة، وفقاً لنظامي القوائم المغلقة والمفتوحة، هذا الأمر يسمح بفوز مرشحين حصلوا على أصوات قليلة، بناء على حصول القوائم التي تدعمهم على أصوات كثيرة، وهو ما تعترض عليه الأحزاب الصغيرة، ومعها المتظاهرون في ساحات الاحتجاج.
ويتمحور الخلاف بين الكتل السياسية العراقية حول القانون الجديد في مسألة الدوائر المتعددة، إذ تحاول الكتل الكبيرة في البرلمان صياغة القانون على مقاسها لكي تحصل على أغلبية المقاعد في البرلمان الذي سيتشكل في الانتخابات المبكرة، ويرى مراقبون أنها تفعل ذلك وتتحالف فيما بينها، لكي تستمر في نفوذها الذي تشكل مع تشكيل العملية السياسية في العراق عام 2003، وهو عكس ما يطالب به الشارع العراقي.
وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أعلن، أمس الثلاثاء، في تغريدة، أن يوم السبت المقبل سيكون موعداً نهائياً لحسم الخلافات والتصويت على القانون.
وقال الحلبوسي: أصبح لزاماً إكمال الدوائر الانتخابية لإنجاز قانون عادل ومنصف، لإجراء انتخابات مبكرة تلبي تطلعات الشعب وتعبر عن إرادته.
واستدرك: لذلك أدعو القوى السياسية جميعاً أن تتحمل مسؤولياتها لإنجاز القانون وحضور جلسة السبت، 26 سبتمبر، التي سيكون جدول أعمالها بفقرة واحدة مخصصة لإكمال الدوائر الانتخابية.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أكدت، في الأول من أغسطس الماضي، استعدادها لإجراء الانتخابات المبكرة في الموعد الذي حدده رئيس الوزراء الكاظمي في السادس من يونيو 2021، ووضعت لذلك 4 شروط، هي إنجاز قانون الانتخابات، وإكمال نصاب المحكمة الاتحادية، وتهيئة الموازنة الانتخابية، وتوفير الرقابة الأممية.