سلطت حادثة مقتل الصيادين الشقيقين محمود وحسن الزعزوع، يوم الجمعة الماضي، وإصابة شقيقهما ياسر، ومصادرة قاربهم، الأنظار نحو معاناة الصيادين في غزة.
وأظهرت الحادثة، حجم المصاعب التي يواجهها صيادو غزة، بسبب تضييق سلطات الاحتلال عليهم، واضطرارهم نحو الاتجاه جنوبا، في محيط الحدود المائية مع مصر، ما يجعلهم عرضة للقتل أو الاعتقال.
والدة الصيادين الثكلى “أم نضال” الزعزوع، أكدت أن “أبناءها خرجوا من أجل لقمة العيش الكريمة، ولم يخطر ببالهم أن يتعرضوا لنيران الجيش المصري”.
وقالت: إنها “باعت مصاغها من أجل شراء قارب صيد، كي يعملوا عليه ويعشيوا بكرامة”.
وتساءلت في حديثها لـ”قدس برس”: “لماذا قتل الجيش المصري أبنائي؟ أليسوا هم من شاركوا في إنقاذ صياديكم، حينما جرفت العاصفة قاربهم العام الماضي تجاه بحر غزة؟”.
وأضافت: “هكذا يتم رد الجميل لنا بقتلهم بهذه الطريقة الوحشية”.
وأشارت إلى أن أحد أبنائها عريس بانتظار إقامة حفل زفافه وهو حسن، أما ياسر الصغير فهو فتى لا يتجاوز الـ18 من عمره.
بدوره، هاتف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية عائلة الزعزوع، وقدم لهم التعازي والمواساة باستشهاد أبنائهم الصيادين محمود وحسن، مؤكدًا أن “حماس” تقف إلى جانبهم في هذا المصاب الجلل.
وأوضح “هنية” أن “هناك اتصالات تجري مع المسؤولين في مصر لتأمين عودة نجلهم الثالث (ياسر) إلى قطاع غزة”.
وأعلنت نقابة الصيادين في غزة الإضراب عن العمل، وإغلاق بحر القطاع كاملاً أمام الصيد لمدة يومين، احتجاجاً على مقتل الصيادين، وتضامناً مع عائلاتهم.
تنديد فلسطيني
ونددت الفصائل الفلسطينية باستهداف الصيادين الفلسطينيين من قبل البحرية المصرية، مطالبة السلطات المصرية بالإفراج عن الجريح ياسر”.
وأكدت الفصائل في بيانات متفرقة لها أن “إطلاق النار بقصد القتل صوب هذا القارب أو غيره أمر مستنكر ومدان”.
وطالبت الفصائل “السلطات المصرية بفتح تحقيق جدي في هذه الجريمة، والإفراج الفوري عن المصاب، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم”.
من جهته طالب الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب بـ”تشكيل لجنة تحقيق حول استشهاد الصيادين الفلسطينيين، في عرض البحر على الحدود الفلسطينية المصرية”.
وقال الغريب لـ”قدس برس”: “يجب أن تكون هذه اللجنة سريعة عاجلة للوقوف على حيثيات ما جرى مع الصيادين الفلسطينيين، على قاعدة أن الدم الفلسطيني ليس رخيصا”.
مقتل الشابين الزعزوع أعاد للأذهان طريقة تعامل الحكومة الفلسطينية في غزة، مع الصيادين المصريين الذين فُقدوا في البحر؛ ففي 17 يناير عام 2019، وفور وصول إشارة إلى قوات البحرية الفلسطينية، في قطاع غزة، بجرف عاصفة لقارب صيد مصري، استنفر رجال القوات البحرية برفقة الصيادين، في عمليات بحث طويلة ومنهكة، وتمكنوا من إخراج 6 صيادين على قيد الحياة من أصل 7، وتم تسليمهم للجانب المصري في معبر رفح البري معززين مكرمين، ولم توقف “البحرية الفلسطينية” أعمال البحث حينها، إلا بعد العثور على جثة الصياد السابع وتسليمه للجانب المصري.
ومنذ العام 2010، قضى 6 صيادين فلسطينيين، بنيران القوات البحرية المصرية، خلال مزاولتهم مهنة الصيد على الحدود المصرية الفلسطينية.
وفي 12 مايو 2010، أطلقت “البحرية المصرية”، النار على قارب صيد فلسطيني، كان على متنه 5 صيادين من عائلة البردويل، فقتلت أحدهم، وجرحت واعتقلت الـ4 الآخرين.
وفي 5 نوفمبر 2015 قتلت “البحرية المصرية” الصياد فراس مقداد، أما في 13 يناير 2018 فسجل استشهاد الصياد عبد الله زيدان، في حين قتلت الصياد مصطفى خصر أبو عودة في 7 نوفمبر 2018.
ويضطر الصيادون الفلسطينيون إلى الاقتراب من المياه المصرية والصيد في محيطها، نظرًا لاستهدافهم المستمر من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي، وتضييق مساحات الصيد عليهم.
وتحظر قوات بحرية الاحتلال على الصيادين الفلسطينيين الإبحار مسافات طويلة في عرض بحر غزة، وتستهدفهم بإطلاق النار عليهم.
ويعمل في مهنة الصيد في غزة قرابة 4 آلاف صياد فلسطيني، يعيلون 60 ألف نسمة، في ظل حصار مشدد منذ 14 سنة متواصلة.