في ظل اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة، ظهرت مواقف دولة الكويت لتؤكد للقاصي والداني موقفها العصي على التطبيع مع كيان الاحتلال الذي لا تتوقف مخططاته التدميرية تجاه المقدسات والشعب الفلسطيني.
هذه المواقف المشرفة من دولة الكويت دفعت الفلسطينيين للتعبير عن تقديرهم للموقف الكويتي المتقدم عن كافة الدول العربية والإسلامية، من خلال هذه اللقاءات التي أجرتها «المجتمع» مع عدد من الرموز الفلسطينية.
البداية كانت مع الشيخ كمال الخطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948م، نائب رئيس الحركة الإسلامية السابق، الذي قال لـ»المجتمع»: تعلمنا من الكويت كل موقف مشرف، فدولة الكويت؛ حكومة وشعباً، لها بصمات في تاريخ القضية الفلسطينية، ولم يكن من الكويت إلا أن تقف في صف القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى في قضية التطبيع الجارية، فما يجري هو تآمر على فلسطين وشعبها، فالاحتلال يريد من التطبيع جواز سفر للمرور لكل المنطقة بحرية مقابل سِلْم هزيل، فالكويت تدرك أن السلام ليس له أي فوائد مرجوة من كيان غاصب قاتل للأطفال وهادم للمقدسات وعدو للإنسانية، لذا نبرق للكويت؛ دولة وحكومة وشعباً، من قلب فلسطين التاريخية التي يريد الاحتلال طرد ما تبقى من أهلها، رسالة دعم وتقدير لهذا الموقف التاريخي في زمن الهرولة والخيانة والتطبيع.
أما رئيس الهيئة الإسلامية العليا خطيب المسجد الأقصى أمين المنبر الشيخ د. عكرمة صبري، الملاحق من المؤسسة الأمنية الاحتلالية، فيقول: أنا أعرف مواقف الكويت الداعمة للقضية الفلسطينية منذ زمن بعيد، وكلما طرقنا أبواب دولة الكويت كنا وما نزال نشاهد المواقف البطولية بكل ما تعنيه من تمسك بالثوابت، فهي الحضن الدافئ للقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، والشعب الفلسطيني يرى في الكويت الدرع الواقية والحامية لهم، والاحتلال يشن حرباً إعلامية عليها لمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، والمناهضة لكل محاولات التطبيع مع هذه الدولة الغاصبة لأرض فلسطين.
وندعو الله أن يحفظ الكويت من كل المتآمرين عليها، فهي دولة وازنة في دعم فلسطين وقضيتها التاريخية، ونحن في القدس المحتلة نعي تماماً أنها تواجه كل الضغوط لجرها إلى مربع التطبيع، وهي ترفض ذلك تماماً، فموقف رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم عبَّر عن مدى حب الكويتيين للفلسطينيين ودعمهم لهم، ومدى حقد الصهاينة على الكويت؛ دولة وشعباً.
ومن جانبه، قال البروفيسور إبراهيم أبو جابر، نائب رئيس حزب الوفاء الإسلامي في الداخل المحتل عام 1948م، ومن مدينة كفر قاسم التي ارتكب الاحتلال فيها مجزرة مرعبة عام 1956م: لو قارنَّا موقف الكويت بمواقف الدول التي طبَّعت وأيَّدت التطبيع لوجدنا اختلافاً شاسعاً وواسعاً، فالكويت تمارس سيادتها السياسية في هذا الموقف؛ فالسيادة لا تعني فقط أن تحكم على الأرض؛ بل أن تكون متميزاً في موقفك من القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، فقضية فلسطين لها عمقها العربي والإسلامي، والتنكر للقضية تنكر لكل المبادئ.
لا ننسى موقف الغانم
أما عضو لجنة الدفاع عن القدس المقدسي ناصر الهدمي فقال: مرة ثانية وثالثة ورابعة، تلتصق المواقف الرسمية لدولة الكويت بالمواقف الشعبية في دعم فلسطين وشعبها وقضيتها العادلة.
إن الشعب الفلسطيني لا ينسى موقف رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، حينما ألقى بـ «صفقة القرن» الظالمة في المهملات، معبراً بكل قوة ووضوح عن موقف الشعب الكويتي وممثليه، هذا الموقف الذي تجذر طيلة سني القضية الفلسطينية من دعم صادق للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهذا الموقف يتجلى اليوم بكل وضوح في خضم تهافت العديد من الدول لتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال وإنقاذها برئيس حكومتها الفاسد وراعيتها الظالمة لضمان جولة إضافية في حكم رئيسها «دونالد ترمب».
وأردف الهدمي قائلاً: إن الكويت كانت من أوائل الدول التي احتضنت الشعب الفلسطيني، وقدمت له العزيز والنفيس، معتبرة القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، ومتمسكة بقداسة الدفاع عن قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم الأعظم، ولا يسع الشعب الفلسطيني إلا العرفان بالجميل لكل من سانده أو قدَّم له يد العون، والتأكيد على أن مدينة القدس ومقدساتها، بل وفلسطين بكل ذرات ترابها، ما هي إلا جزء من وقف أمة الإسلام، وما الدفاع عنها وحمايتها إلا واجب كل فرد في هذه الأمة وشرف لكل متسابق مقدام.
وختم قائلاً: هنيئاً لدولة الكويت وشعبها وممثليهم وعلمائها الصادقين الذين وقفوا هذه المواقف المشرفة، والله نسأل أن يحفظ الأمة الإسلامية جمعاء من مكر الليل والنهار ومن ذل الفرقة والمعصية.
بدوره، قال وزير الأسرى السابق المهندس وصفي قبها، من مدينة جنين، الذي أمضى في سجون الاحتلال ما يقارب 20 عاماً: مما لا شك فيه أن دولة الكويت التي احتضنت مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد نكبة 1948م، ونكسة 1967م، كانت من الدول السباقة والأكثر دعماً وإسناداً للقضية الفلسطينية وفي كافة المحافل، سواء على الصعيد السياسي أم الدعم المالي والمادي، وقد تحمّلت هذه الدولة الشقيقة الكثير من الأعباء ودفعت ثمن وضريبة مواقفها الإسلامية والوطنية والقومية الأصيلة والثابتة من القضية الفلسطينية، واليوم وفي ظل سياسات التطبيع الخليجي مع الكيان الغاصب لأرضنا.
وتابع قبها قائلاً: من يتابع المواقف الشعبية والرسمية من التطبيع يجد أن هناك انسجاماً شبه كامل؛ حيث إن السياسة الرسمية الكويتية تنبع من نبض الشارع الكويتي الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا أحد شرايين الدعم الرئيس للشعب الفلسطيني؛ وهو ما ساهم بالتخفيف من معاناة هذا الشعب؛ حيث إن المواقف باتت واضحة وجلية، ومجمل الوقفات والاحتجاجات جاءت لتعبر عن ضمير الكويت شعباً وحكومة من الرفض الكامل للتطبيع مع كيان الاحتلال، ولم تخجل الكويت ورموز حكمها والمسؤولون والتيارات السياسية في كويت «الصباح» من التعبير عن الاستياء الشديد من انحياز الموقف الأمريكي الداعم للكيان، وقد صدرت تصريحات مسؤولة عكست استياء الحكومة الكويتية من تصريحات «كوشنير» المتعلقة بالتطبيع مع الاحتلال.
وأضاف قبها قائلاً: وفي هذا السياق، لا بد أن نستذكر المواقف المشرفة لمجلس الأمة الكويتي ورئيسه مرزوق الغانم، الذي تقدم بطلب تعجيل للجان المختصة للبت في القوانين المقترحة والمتعلقة بمقاطعة الكيان الغاصب، وتجريم التعامل والتطبيع مع هذا الكيان، وقد قام حوالي 85% من أعضاء مجلس الأمة الكويتي بإصدار عدة مواقف وبيانات تؤكد موقف الكويت الثابت للتصدي للتطبيع ومناهضته.
وعن التزام دولة الكويت قال قبها: إن التزام الكويت وانسجام الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي وتناغمه، يؤكد أن الكويتيين لن يقبلوا أي تغيير على سياسة بلادهم ومواقفهم من التطبيع المباشر أو من تحت الطاولة مع الكيان الصهيوني، ولن يقبلوا أي تراجع عن التزام دولة الكويت تجاه قضية العرب والمسلمين الأولى، والشعب الكويتي لم يخذل حكومته، وبقي موقفه الثابت والشجاع المتعلق بالقضية الفلسطينية.
إن مشاهد وصور جرائم سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ما زالت ماثلة في ذهنية الكويتي؛ حيث لا يمكن لأي كان نزعها من نفوس الكويتيين، لأنها محفورة بذهنهم، وحب فلسطين يسري في عروقهم، وقد شهد الشارع الكويتي سلسلة من المهرجانات والفعاليات الشعبية والنقابية الطلابية والحزبية، وصدرت البيانات المنددة والمستنكرة لمواقف بعض الدول المتخاذلة، وما تنظيم الفعاليات والمهرجانات إلا شكل آخر من أشكال رفض التطبيع المكثفة، ودعم لموقف الكويت الرسمي المساند للقضية الفلسطينية، والرافض لمواقف أمريكا التي تريد أن تفرض صوتها وقرارها على إرادة الكويتي ودفعه للركوب في قطار التطبيع الذي انطلقت رحلته، لذلك لم يصمت الشعب الكويتي وانفجر غاضباً من تصريحات الإدارة الأمريكية من اعتبار الموقف الكويتي «غير البناء» من التطبيع، حيث اعتبر ذلك تدخلاً سافراً بالشأن الكويتي الداخلي الذي سيبقى مناصراً للقضية الفلسطينية.
وختم قبها قائلاً: لقد أثبتت الكويت؛ حكومة وشعباً، أنها ترفض التدخل بسياساتها الداخلية، وترفض التطبيع، وهي لا تخشى التهديد والوعيد، وترفض الرضوخ لإملاءات الإدارة الأمريكية؛ فالكويت ستبقى بإذن الله إحدى القلاع والحصون المنيعة التي لن تسقط ولن تُخترق، وإنها لن تصمت على أي استفزازات تطال مواقفها أو تمس قيمها الدينية والقومية والأخلاقية، والقضية الفلسطينية بالنسبة للكويتي دينية ووطنية وقومية عروبية وأخلاقية، والكويت ستبقى تلتزم جانب الحق والصواب في مواقفها وسياساتها ولن تصمت على ضيم، وما يسيء للفلسطيني يسيء للكويتي.