وفاء لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، نود الإشارة إلى أن “المجتمع” تعيد نشر كلمات سموه بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك حتى عام 2018، أعدها الكاتب الإعلامي د. عصام الفليج في كتاب ضمن سلسلة “مآثر صباح الخير” (5).
الكلمة الثامنة لعام 1434هـ/ 2013م:
بسم الله الرحمن الرحيم..
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) صدق الله العظيم.
الحـمـد لله حمداً كثـيـراً طيباً، والصلاة والـسـلام على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين..
من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، نتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا، وأن يعيد هذا الشهر الفضيل علينا وعلى بلدنا العزيز وهو يرفل بأثواب العز والفخر وعلى الأمة العربية والإسلامية بالأمن والسلام والرخاء.
إخواني وأبنائي..
يطيب لي أن أتحدث إليكم في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك جرياً على عادتنا في كل عام، لنجدد التهنئة بحلول هذا الشهر الفضيل، ونبارك لكم العشر الأواخر منه، داعين المولى القدير أن يحفظ بلدنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، آخذين بالاعتبار ما يحدث في الدول المحيطة بنا من دروس وعبر تفرض علينا توخي المزيد من الحيطة والحذر لتلافي تداعياتها وآثارها.
إخواني وأبنائي..
لقد خص المولى تعالى شهر رمضان المبارك بفضائل عظيمة وفرض صيامه وأنزل فيه كتابه الكريم فقال جل وعلا: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)، وضاعف فيه الأجر والثواب، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فما أحوجنا لاستغلال أيامه ولياليه الفضيلة بالطاعة والاستزادة من الأعمال الصالحة والإقبال على تلاوة كتابه الكريم والالتزام بأحكامه.
إخواني وأبنائي..
عاشت الكويت منذ أيام عرساً ديمقراطياً، مارس المواطنون حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم لعضوية مجلس الأمة، مجددين بذلك تأكيدهم على أصالة مسيرتنا الديمقراطية وتجذرها في نفوسهم، وعلى محبتهم وولائهم لوطنهم الكويت ولنظامه الديمقراطي.
إخواني وأبنائي..
لقد أكرمنا الله جل وعلا بالإسلام ديناً الذي جعل التسامح والعفو والمغفرة من أسمى وأنبل راياته، ويسعدني بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أن أصدر عفواً أميرياً على كل من صدرت بحقهم أحكام نهائية في القضايا المتعلقة بالمساس بالذات الأميرية ويتم تنفيذها بحقهم حالياً، وذلك مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم..
(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) صدق الله العظيم.
وإنه ليسرني بهذه المناسبة أن أعرب عن خالص التهنئة لمن نال شرف تمثيل المواطنين الكرام، راجين بأن يكونوا عند حسن الظن بهم لتحمل الأمانة والمسؤولية التي ألقيت على عاتقهم للعمل على تحقيق طموحات المواطنين، والإسراع بإنجاز الخدمات العامة المقدمة لهم على أحسن وجه، وتحريك عجلة التنمية في البلاد بعيداً عن الصراع والاختلاف المؤدي إلى قصور الهمة وبطء الإنجاز.
وإننا إن شاء الله مقبلون على مرحلة جديدة خلال هذا الفصل التشريعي الجديد، ستشهد فيها البلاد انطلاقة واعدة نحو آفاق من التقدم والتنمية والعمل الجاد، لتنويع مصادر الدخل، ومتابعة تنفيذ الخطة التنموية، وإقامة المشاريع الحيوية الكبرى، وذلك من خلال التعاون المثمر والبناء والمأمول بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إخواني وأبناء ديرتي..
بهدي من الله تعالى وتوفيقه عقد في شهر مارس الماضي المؤتمر الوطني الأول للشباب تحت شعار “الكويت تسمع”، وقد رفع لي أبنائي المشاركون في هذا المؤتمر وثيقة وطنية مهمة تضمنت توصيات عديدة تهم شباب هذا الوطن وتسهم في تحقيق تطلعاتهم ورؤاهم المستقبلية لخدمة بلدهم الكويت، وقد وجهت الحكومة إلى دراسة هذه التوصيات المهمة والإسراع في تنفيذها، وها نحن نرى عدداً من هذه التوصيات حقيقة على أرض الواقع.
إن الهدف من هذا المشروع الوطني للشباب هو الاهتمام ورعاية هذا الجيل الواعد وإشراكهم في صنع القرار وتمكينهم من المساهمة في تحمل المسؤولية الوطنية بالمشاركة بمسيرة التنمية المستدامة لبناء كويت الحاضر المستقبل.
إخواني وأبنائي..
يقول المولى عز وجل في محكم تنزيله: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، فقد أنعم الله علينا بنعم لا تُعد ولا تُحصى تستحق منا الحمد والشكر والثناء، والتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وإشاعة المحبة والتواد فيما بيننا، وتعميق وحدتنا الوطنية التي كانت ولا تزال لنا السور الحصين، والمحافظة على ثوابتنا الوطنية، وطرح كافة قضايانا الداخلية ومناقشتها في موضوعية، دونما تجريح أو اتهام، عن طريق تبادل الرأي والحوار الهادئ والهادف للوصول لأفضل الحلول لها بدلاً من الاختلاف الدائم الذي لا طائل من ورائه سوى بث روح الفرقة والنزاع والتعصب امتثالاً لقوله تعالى: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
إن ما يشهده العالم من حولنا من تطورات متسارعة ومتغيرات وأحداث مؤلمة تستوجب استخلاص العبر، وتدعونا إلى تكاتف جهودنا لحماية وطننا العزيز والحفاظ على أمنه واستقراره، وتوجيه كافة الجهود والطاقات والإمكانيات للنهوض بوطننا الغالي لتحقيق ما ننشده له من رقي ونماء ورخاء.
إخواني وأبنائي..
ونحن إذ نعيش هذه الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك التي شرفها الله تعالى بتنزيل القرآن الكريم في ليلة هي خير من ألف شهر، لنرفع أكف الدعاء للمولى جل وعلا متضرعين إليه أن يغسل قلوبنا من كل غل وهمّ، لنبقى دائماً إخوة متحابين متآلفين، ولتستمر سواعدنا قوية لبناء وطننا الكويت، ورعاية الأمانة التي حافظ عليها الآباء والأجداد لتسليمها للأبناء والأحفاد من بعدنا، ليظل وطننا الغالي واحة أمن وسلام وازدهار بإذن الله تعالى.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يحقق لأمتينا العربية والإسلامية كل العزة والنصر، ويديم على أوطانها الأمن والاستقرار والازدهار، ويوحد صفوف شعوبها، ويجمع كلمتهم على الخير والمحبة والتآلف.
مستذكرين في هذه الليالي المباركة أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وأميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، سائلين الباري عز وجل أن يسبغ عليهما رحمته وغفرانه، ويسكنهما فسيح جناته مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ويتقبل بواسع رحمته شهداءنا الأبرار الذين بذلوا دماءهم الزكية دفاعاً عن الوطن وأن يسكنهم جنات النعيم، وأن يرحم جميع موتانا ويتغمدهم بعفوه ومغفرته ورضوانه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.