كُتب على الفلسطيني أن تكون تفاصيل حياته مهددة ببنادق الاحتلال والمستوطنين، حتى وهو يقطف ثمار الزيتون من شجرة ترمز للسلام والطمأنينة.
في موسم قطف الزيتون ينتشر المزارعون مع عائلاتهم في حقولهم التي هددها الاحتلال بإقامة مستوطنات وأسيجة أمنية، فيكون المزارع على بعد أمتار من معسكرات الجيش ونقاط المراقبة وأسيجة المستوطنات وبنادق حراس المستوطنات، فحياتهم على هذا النمط، الذي لا يتكرر في العالم إلا في فلسطين.
في قرية دير نظام شمال غرب رام الله، قصة المواطن عاطف التميمي الذي زرع الاحتلال في أرضه معسكراً للجيش ونقطة مراقبة منذ الانتفاضة الثانية، ومنذ سبع سنوات سمح له بدخول أرضه وقطف ثمارها مع التعايش مع مزاجية الحراس والجنود.
مغامرة
يقول المواطن الستيني عاطف التميمي: نحن نأتي إلى الأرض لقطف الزيتون، وهذه الرحلة هي مغامرة بحد ذاتها، فنحن لا نبعد سوى أمتار قليلة من معسكر يراقب حركاتنا داخل أرضنا، فعدد شجرات الزيتون قرابة الـ80 شجرة، وتاريخياً نحن هنا، والاحتلال زرع المعسكر في أرضنا، واقتلع عدداً من الأشجار لبناء المعسكر، وفي كل مرة نتعرض للمساءلة من قبل الجنود، وتارة يمنعوننا وتارة أخرى يسمحون لنا، وحتى المياه من مرافق المعسكر يتم تحويلها إلى أشجار الزيتون داخل الحقل.
حياة بفوّهات البنادق
يتابع التميمي حديثه قائلاً: قبل المعسكر كنا في بحبوحة من العيش، لكن اليوم نعيش حياة بظروف أمنية، فعندما أنظر إلى المعسكر وبنادق الجنود مصوبة باتجاهنا أشعر بالخوف على أولادي وأطفالهم، فهذه المناظر توجد في المعارك وجبهات القتال، ليس في موسم قطف ثمار الزيتون، وتتم مصادرة الجرار الزراعي في بعض الأحيان، كما أنهم يجبروننا على الخروج من الأرض مبكراً عند حلول المساء.
مشاهد مرعبة
يسرد التميمي مشاهد موسم قطف الزيتون: في بعض المرات نرى الجنود داخل الحقل ومعهم كلاب ويمارسون ساديتهم علينا، وحتى سياراتنا نمنع من إدخالها إلى الحقل، كما أن أي عمل داخل الأرض يحتاج إلى تصريح من الإدارة المدنية، وأصبحت الأرض لا قيمة لها بسبب وجود معسكر بجانبها.
أما الحاجة أم حسين، زوجة المزارع عاطف التميمي، تقول: كل شيء ممنوع داخل الحقل، وفي بعض المرات تأتي وحدات من الجيش تمارس الإرهاب بحقنا، ويأتون بملابس فاضحة (شورتات بدون قمصان) تخدش الحياء، فنحن هنا عائلات كاملة تأتي من أجل قطف الزيتون.
حالة تأهب
وفي موقع قرية جيت غرب مدينة نابلس، يضطر الأهالي إلى قطف ثمار الزيتون بالقرب من بؤرة جلعاد الاستيطانية التي يسكنها حاخامات وأفراد من عصابة “تدفيع الثمن”.
يقول المزارع يوسف سدة: في كل موسم قطف للزيتون نتأهب لحوادث قد ينفذها سكان مستوطنة جلعاد الاستيطانية، فهم يأتون بالمركبات الجبلية “تراكتورون” ويهددون بأسلحتهم وعربداتهم واستفزازاتهم، فحياتنا في رعب مع هذه المستوطنات ودوريات جيش الاحتلال.
قطف الثمار مبكراً
بلدة عزون شرق قلقيلية تجاور مستوطنة معاليه شمرون فيها حقول الزيتون في الجهة الشرقية للبلدة، ويضطر الأهالي إلى قطف الثمار مبكراً خوفاً من إرهاب المستوطنين.
يقول الناشط حسن شبيطة: موسم الزيتون لا أمان فيه من الجيش والمستوطنين، فقد غابت عنه الطقوس التراثية التي كانت متوارثة منذ القدم، فكل عائلة تكون على عجلة من أمرها كي تقطف الثمار بسرعة وتغادر الحقل، فإرهاب المستوطنين ينشط في موسم قطف الزيتون.
الفلسطينيون يعتمدون على موسم قطف ثمار الزيتون، فهي تشكل لهم دخلًا مهماً من مدخولاتهم السنوية، وفي هذا العام يتراوح سعر الكيلوجرام من الزيت ما بين 28 إلى 30 شيقلاً، بسبب قلة الثمار نتيجة الأجواء المناخية الحارة التي سادت في فصل الصيف وأثناء عقد الثمار.