العالم يراقب الانتخابات الأمريكية، وهذه هي الدول التي ستكسب وتخسر من نتائجها، يقول المعلق ديفيد إغناطيوس في صحيفة “واشنطن بوست”، فمع اقتراب يوم الانتخابات يقترب يوم الحساب لعدد من الدول التي راهنت مع أو ضد الرئيس دونالد ترمب.
وبالنسبة للقادة الأجانب الذين استفادوا وانتعشوا في ظل رئاسته فهناك مخاطر حقيقية لو خسر لصالح نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، وبالنسبة لمن تحدوا ترمب فهناك فرصة.
وفي محادثات الصحفي مع مسؤولين أجانب في الأسابيع الماضية دهش من اهتمامهم الشديد بما سيحدث يوم 3 نوفمبر، فقد قاموا بدراسة طريقة عمل المجمعات الانتخابية والتصويت عبر البريد وإمكانية حدوث عنف في مرحلة ما بعد الانتخابات والخلافات حولها أمام المحاكم، والقول بأن العالم يراقب لا يبدأ بوصف التركيز على الولايات المتحدة، فمن بين حلفاء أمريكا التقليديين، بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وأستراليا، هناك حنين لتعاون متجدد في سياسات يتم التنسيق حولها، ويعلق: يفتقد القادة الأجانب القيادة الأمريكية رغم غرورنا في بعض الأحيان وأخطائنا، وأخبرني الدبلوماسيون أن منظور ولاية ثانية لترمب يثير استغرابهم وقلقهم مثل بقية الأمريكيين.
لكن التركيز الأكبر على الولايات المتحدة ينحصر على الدول التي تركت السياسة الخارجية المتقلبة لترمب آثارها سلباً وإيجاباً عليها، وهي روسيا وكوريا الشمالية والصين وتركيا والسعودية وإيران.
وستكون هذه نقطة التركيز في المرحلة الانتقالية ما بين التصويت في 3 نوفمبر وحفل تنصيب الرئيس في 20 يناير 2021.
ولم يراهن أحد على ترمب مثلما راهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2016، وترك ترمب بوتين ولأسباب غامضة يواصل نشاطه، فهو لم يتحد تدخله في الانتخابات، ولا ما كشف عن وضع موسكو مكافآت على الجنود الأمريكيين في أفغانستان أو ما أخبر مسؤولون استخباراتيون به الكاتب أن روسيا مستعدة لضرب أعدائها وملاحقتهم حتى على التراب الأمريكي، تماماً كما سمم عملاء لها العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال في مارس 2018 في بريطانيا، وفي بعض الأحيان، يعبر بوتين عن اهتمامه بالتعاون الدبلوماسي مع ترمب حول التحكم بالسلاح النووي ووقف النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، وإذا كان ترمب في طريقه للخروج من الرئاسة، فالسؤال عن الكيفية التي سيعزز فيها بوتين مكاسبه التي حققها في سنوات ترمب.
ويجب أن يكون احتواء روسيا وسلوكها المتهور مهماً أياً كان الفائز، وراهنت كوريا الشمالية على ترمب، وتقترح رسائل الحب المتبادلة بين ترمب، وكيم جونغ أون، الرئيس الكوري، أن بلاده يمكنها الحصول على كل شيء بما فيه التنمية الاقتصادية بدون التخلص من السلاح النووي، وكان كيم منضبطاً في السلاح النووي والصواريخ الباليستية حيث تجنب الاختبارات في الذكرى الـ75 لحزبه الحاكم في 10 أكتوبر، ولو فاز بايدن فهل سيتجرأ كيم على إرسال رسالة تحد؟ علينا مراقبة الفضاء.
أما الصين، فقد تعاملت مع ترمب في عامه الأول ولكنها انتهت على قائمة أعدائه، ويدير الصينيون لعبة طويلة الأمد تتجاوز إدارة بعينها، ومع قرب الانتخابات الأمريكية أكدت بيجين الخطوط الحمر المتعلقة بتايوان، وهي أزمة تنتظر الانفجار في مرحلة ما بعد الانتخابات، وإن أرادات الصين الدفاع عن مصالحها في المرحلة الانتقالية، عندما تكون أمريكا منشغلة.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فقد عرف وببراعة الكيفية التي يلعب فيها على حب ترمب لنفسه في وقت وسع فيه من نفوذه العسكري في سورية وليبيا والعراق والآن أذربيجان، وكان الرئيس التركي قوياً في ملء الفراغ الذي تركته أمريكا لدرجة أغضب فيها فريق ترمب.
وإدارة جديدة قد تفرض عقوبات على تركيا ولكن أردوغان سيظل أستاذاً في أسلوب التنمر الذي اتبعه ترمب حتى بعد ذهاب هذا.
وعندما يتعلق الأمر بالخدمات المشتركة فعلاقات ترمب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ستكون على رأس القائمة. وتباهى ترمب قائلاً: حميت مؤخرته بعد جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وذلك حسبما أخبر الصحافي المعروف بوب وودرود في مقابلاته لكتابه غضب.
ونشر أنصار محمد سلمان نظرية خيالية مفادها أن الديمقراطيين يخططون لمؤامرة ضده، وربما كانوا يحاولون تعبئة السعوديين ضد أي ضغوط من إدارة بايدن، ولو ضعفت العلاقات مع السعودية بفوز بايدن فلربما حاولت روسيا والصين ولدرجة معينة إيران استغلال الفراغ، وكانت الأخيرة هي هدف ترمب، وهي البلد الذي يأمل أن يهزم ترمب، وعبرت إيران عن حذر في الأشهر الأخيرة قبل الانتخابات، حيث تنتظر إدارة جديدة تراجع قرار ترمب وتخليه عن الاتفاقية النووية.
وربما رغب بايدن بالضغط على إيران ورغبت الأخيرة بتحقيق نفوذ عبر تحركات قوية في مرحلة ما بعد الانتخابات، وعندما تكون أمريكا منشغلة في المرحلة الانتقالية هناك مخاوف من قيام الدول الأجنبية بتحركات، وعلينا ألا نخشى من مفاجأة أكتوبر ولكن ما بعد الانتخابات في نوفمبر، ديسمبر ويناير.