تتعرض الهدنة التي أوقفت إطلاق النار بين نظام الأسد وداعميه من جهة، وفصائل المعارضة في آخر معاقلها على التراب السوري بمحافظة إدلب من جهة أخرى، لاحتمال الانهيار بعد أن وجهت الطائرات الروسية، الإثنين الماضي، ضربة لأحد مراكز تأهيل الجيش الوطني السوري في المحافظة، تسببت بمقتل نحو 80 من مقاتلي فيلق الشام إضافة إلى إصابة العشرات.
فصائل المعارضة ترد
فصائل المعارضة السورية بادرت بالرد على الغارة في اليوم التالي، من خلال قصف مواقع لنظام الأسد في حلب وإدلب وحماة واللاذقية، وأعلنت الجبهة الوطنية للتحرير، في بيان صدر يوم الثلاثاء الماضي، عن مقتل وجرح عناصر من قوات النظام والقوات الروسية بقصف مواقع لهم في محور مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي.
وأشارت الجبهة، في بيانها، إلى أنها قتلت وجرحت قرابة 50 عنصراً، ودمرت 4 مرابض مدفعية، و30 موقعاً، و4 آليات عسكرية، فضلاً عن تدمير مبنى غرفة قيادة عمليات في بلدة معصران.
ويبدو أن الضربة التي وجهتها المعارضة كانت مؤلمة، فبادر كعادته بالانتقام من خلال قصف المدنيين، بحسب الصحفي السوري فادي الحلبي.
الحلبي قال لـ”المجتمع”: إن نظام الأسد هاجم بالصواريخ أحياء في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، ما أدى لمقتل 4 مدنيين بينهم طفل، وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وأضاف: كما قامت قوات النظام بقصف الحي الشمالي من مدينة أريحا، بعشرات القذائف موقعة أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين.
وتابع الحلبي: كما قصفت قوات النظام مناطق في بلدة تيديل بريف حلب الغربي؛ ما تسبب بمقتل رجل وامرأة وإصابة 3 مواطنين بجروح متفاوتة الخطورة، منوهاً إلى أن خروقات النظام ومعه روسيا لم تتوقف على الإطلاق، فقبـل ثلاثة أيام من الهجـوم الروسي على مركز تأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب، استهدف هجوم صاروخي موقعاً في ريف جرابلس فيه مصاف بدائية لتكرير النفط الخام، ما أدى لمقتل 7 مدنيين وإصابة 20 آخرين.
وأشار إلى أن هذه التطورات زادت مخاوف 4 ملايين مدني في محافظة إدلب من عودة الأعمال العسكرية المتوقفة منذ أشهر بسبب استمرار الخروقات من قبل النظام وموسكو.
روسيا لا تدعم السلام
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاجم روسيا واتهمها بأنها لا تدعم السلام في سورية، في كلمة ألقاها، أمس الأربعاء، أمام اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في مقر البرلمان بالعاصمة أنقرة.
وقال الرئيس التركي: إن استهداف روسيا مركزاً لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب مؤشر إلى عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار في المنطقة.
وأضاف: الذين يدعون أن وجودهم في سورية هدفه محاربة “داعش”، هم في الواقع يستخدمون ذلك ذريعة فارغة، فتركيا هي البلد الوحيد الذي يخوض كفاحاً بالمعنى الحقيقي ضد هذا التنظيم، وهي قادرة على تطهير كامل سورية من التنظيمات الإرهابية إذا لزم الأمر.
وتحدث الرئيس التركي عن وجود تنظيم إرهابي على حدود بلاده مع سورية، في إشارة إلى مسلحي حزب العمال من أكراد سورية، في مناطق خارج السيطرة التركية، على الرغم من الوعود التي قُطعت لأنقرة بخصوص أبعادهم عن الحدود.
وأشار أردوغان إلى أن بلاده مستعدة للقيام بعملية عسكرية جديدة في سورية في حال لم يتم الالتزام بإبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها، وقال بهذا الخصوص: في حال لم يتم الوفاء بوعود إخراج الإرهابيين من الخطوط التي تم تحديدها في سورية، فإن لتركيا الحق في إخراجهم متى أرادت.
وتابع: أن الشعب السوري يدفع بدمائه وأرواحه ثمن ألعاب النظام الإستراتيجية والتنظيمات الإرهابية التي تأتي من خارج المنطقة، مؤكداً أن تركيا لا يمكنها الوقوف إلى جانب هذا النفاق والظلم.
في هذه الأثناء دخلت الولايات المتحدة على خط الأحداث المتصاعدة في إدلب، وقال الممثل الخاص للتواصل بشأن سورية جيمس جيفري في بيان: نحن قلقون للغاية إزاء التصعيد الخطير من قبل القوات الموالية للنظام، والانتهاك الواضح لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب.
وأضاف أن نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون يهددون استقرار المنطقة، وهذه التصرفات تطيل أمد الصراع وتعمق معاناة الشعب السوري.
وجدد جيفري دعم بلاده لدعوات الأمين العام للأمم المتحدة من أجل وقف فوري لإطلاق النار، مشيراً بهذا الخصوص إلى أنه قد حان الوقت لنظام الأسد وحلفائه لإنهاء حربهم الوحشية التي لا مبرر لها ضد الشعب السوري، فالحل لتحقيق السلام في سورية يكمن في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم (2254).
جدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن المشار إليه في كلام الممثل الأمريكي الخاص للتواصل بشأن سورية، صوت عليه المجلس في ديسمبر 2015، ونص على بدء محادثات السلام بسورية في يناير 2016، وأكد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد، ودعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية، مطالباً بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
ونص القرار على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام والمعارضة للمشاركة في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة.
وأعرب عن دعم مجلس الأمن للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون ستة أشهر.