رغم تأكيد الخبراء القانونيين استحالة تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمصلحة الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، فإن الأخير لا يزال يصرّ على أن الانتخابات مسروقة ويرفض الاعتراف بفوز خصمه الديمقراطي جو بايدن.
ونقلت مراسلة “الجزيرة” في واشنطن وجد وقفي أن الولايات المتحدة تعيش حالياً فوضى لم تشهد مثلها منذ عشرات السنين.
ومع بدء بايدن بتشكيل فريقه الانتقالي لتسلّم السلطة، ردّت الإدارة الجمهورية بـ3 خطوات تؤكد أن الولايات المتحدة دخلت في أزمة دستورية.
ولاية ثانية لترمب
عاد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته إلى الحديث عن سرقة الانتخابات، والطعن في فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن.
وفي تغريدة على “تويتر”، اليوم الثلاثاء، قال ترمب: “نتائج الانتخابات ستبدأ بالظهور الأسبوع المقبل وسنفوز فيها”.
وتعهد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعملية “انتقالية سلسة” في الولايات المتحدة نحو ولاية ثانية للرئيس دونالد ترمب.
وقال بومبيو، في مؤتمر صحفي، اليوم الثلاثاء: “سيكون هناك انتقال سلس إلى ولاية ثانية لترمب”.
ويزعم ترمب أن هناك تزويراً انتخابياً هائلاً حدث في الانتخابات الرئاسية، وأطلق سلسلة من الدعاوى القضائية للطعن في النتيجة، لكنه لم يقدم حتى الآن أي دليل قوي يدعم هذه الادّعاءات.
ورغم تلقّي بايدن التهاني من شخصيات جمهورية وازنة بينها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، فإن العديد من الجمهوريين يقفون في صف الرئيس ترمب الرافض التسليم بالهزيمة.
وفي وقت سابق، قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل: إن الرئيس ترمب من حقه النظر في “المخالفات”.
وأضاف أن ترمب “له الحق بنسبة 100% بالنظر في مزاعم المخالفات وتقييم خياراته القانونية”، وقبل مخاطبة مجلس الشيوخ.
واعتبر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ أنه “لا داعي للذعر والمجمع الانتخابي هو الذي سيحدد الفائز في الانتخابات”.
الامتناع عن نقل السلطة
أفادت صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) بأن البيت الأبيض أمر الوكالات الفدرالية بتجنب التعاون مع الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب جو بايدن.
وكان مسؤولو الوكالات في الحكومة الفدرالية قد جهزوا المكاتب والنشرات الخاصة بالعملية الانتقالية استعداداً لاستقبال فريق بايدن، قبل أن يأمر البيت الأبيض بعدم الاعتراف بالفريق إلى أن تصدّق إدارة الخدمات العامة على نتائج الانتخابات.
ونقلت مراسلة “الجزيرة” أن القانون يلزم الإدارة الحالية بتقديم 6 ملايين دولار لفريق المرشح الفائز لاستغلالها في تأجير المكاتب وشراء الأجهزة وغير ذلك من الوسائل الضرورية للعمل الانتقالي.
وأضافت أن إدارة ترمب ترفض منح هذا المبلغ لفريق بايدن، وتمنع الوكالات الحكومية من اطلاعه على البيانات المالية والاقتصادية والمعلومات الاستخبارية التي ينص القانون على تقديمها للمرشح الفائز.
قرار واستقالة
وفي خضم الأزمة، استقال المشرف على تحقيقات الانتخابات بوزارة العدل الأمريكية، بعد ساعات من سماح وزير العدل بإجراء تحقيق في مزاعم ارتكاب مخالفات في انتخابات الرئاسة التي أعلن المرشح الديمقراطي جو بايدن فوزه بها، في حين يشكك في نتائجها المرشح الجمهوري الرئيس دونالد ترمب.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) أن مسؤول هذه التحقيقات بوزارة العدل ريتشارد بيلغر استقال بعد أن أذن وزير العدل الأمريكي وليام بار لممثلي الادّعاء الفدرالي بالتحقيق في مزاعم ارتكاب مخالفات في الانتخابات.
وقالت “نيويورك تايمز”، و”واشنطن بوست”، ووسائل إعلام أخرى: إن بار ذكّر ممثلي الادّعاء بضرورة تقصّي مزاعم وجود مخالفات في التصويت قبل أن تتحرك الولايات للتصديق على النتائج في الأسابيع المقبلة، وحثّهم في الوقت نفسه على عدم الاكتراث بالمزاعم “الخيالية أو بعيدة الاحتمال”.
والتحقيقات بشأن عمليات تزوير انتخابية محتملة هي عادة من صلاحيات الولايات، إذ إن كل ولاية تضع قواعد الانتخابات الخاصة بها وتشرف عليها، ولا تتدخل وزارة العدل في حالات كهذه إلى حين تثبيت النتائج والانتهاء من عمليات إعادة الفرز.
وعادة لا يُسمح لممثلي الادعاء بالتصرف إلا بعد توفر النتائج النهائية، وقد يستغرق ذلك أياما أو أسابيع بعد انتخابات 3 نوفمبر، استناداً إلى القوانين المحلية، ويجب على الولايات إبلاغ واشنطن بالنتائج النهائية المعتمدة في موعد لا يتجاوز 8 ديسمبر المقبل.
ورفعت حملة ترمب دعوى قضائية ضد سكرتيرة بنلسفانيا كاثي بوبكفار ومجالس الانتخابات في 7 مقاطعات مختلفة في الولاية، لاتهام نظام التصويت بالبريد بأنه “يفتقر إلى جميع علامات الشفافية والقابلية للتحقق الموجودة في تصويت الناخبين بأنفسهم”.
وتسعى الدعوى القضائية إلى استصدار أمر قضائي طارئ لمنع مسؤولي الولاية من التصديق على فوز جو بايدن بها.
الاتجاه الآخر
في المقابل، نقلت شبكة “سي إن إن” (CNN) عن أحد مستشاري ترمب أنه بدأ يدرك أنه خسر الانتخابات، وأنه يبحث فعلاً مع مساعديه احتمال الترشح للرئاسة في عام 2024.
وكان موقع “أكسيوس” (Axios) قد نقل عن مصدرين عائليين أن ترمب ناقش موضوع الترشح مع مستشاريه، معتبراً أن إثارة ترمب للموضوع هو أوضح مؤشر على إقراره بالهزيمة أمام بايدن رغم استمراره في رفضها علناً.
ورغم إعلان كبرى وسائل الإعلام الأمريكية فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، فإنها لم تعلن بعد الفائز النهائي في 3 ولايات هي جورجيا وكارولينا الشمالية وألاسكا، في حين وقع خلاف بشأن أريزونا، إذ رأت بعض وسائل الإعلام أنها حسمت لمصلحة بايدن، خلافاً لمؤسسات إعلامية أخرى تنتظر فرز ما تبقى من الأصوات.
وحصل بايدن حتى الآن على 290 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي -عند أخذ أريزونا في الحسبان- مقابل حصول ترمب على 214 صوتاً فقط، وحتى لو فاز الأخير بجميع الولايات المتبقية، فإنه لن يتمكن من بلوغ عتبة 270 صوتاً المطلوبة للفوز بالرئاسة.