– مصدر أمني لـ”المجتمع”: المنطقة التي استهدفتها الطائرات الأمريكية منطقة عمليات معقدة التضاريس
– الكعبي: واشنطن تعول على وجودها في العراق كخيار إستراتيجي في تنفيذ أجندتها بالمنطقة
نفذت مقاتلات أمريكية سلسلة ضربات جوية استهدفت جبال مكحول شمالي العراق، التي تمتد من محافظة صلاح الدين إلى محافظة نينوى، بمسافة تبلغ أكثر من 40 كيلومتراً، وبارتفاع يبلغ نحو ألف متر، وتتميز بتضاريس معقدة وكثرة التجويفات والكهوف الطبيعية التي لطالما كانت ملاذاً لمسلحي “تنظيم القاعدة”، ومن بعده “تنظيم الدولة” (داعش).
وقالت وزارة الدفاع العراقية، في بيان، أمس السبت: إن الضربة التي نفذت ضمن جهود التحالف الدولي في الحرب على تنظيم “داعش”، أسفرت عن تدمير 5 أوكار لعناصر عصابات “داعش” الإرهابي.
منطقة عصية على الجيش
مصدر أمني في قيادة عمليات الجزيرة كشف لـ”المجتمع” أن المنطقة التي استهدفتها الطائرات الأمريكية هي منطقة عمليات معقدة التضاريس استعصت على الجيش العراقي في الأيام الماضية، الأمر الذي اضطر قيادة العمليات للاستعانة بالتحالف الدولي.
وقال النقيب حواس الجبوري: إن وحدات الجيش العراقي واجهت صعوبة في التقدم نحو سلسلة جبال مكحول، بسبب وجود ألغام وفخاخ وضعها مقاتلو “داعش”، الأمر الذي تسبب بخسائر في صفوف الجنود، لذا تم الاعتماد على الطيران في ضرب أوكار التنظيم.
وأضاف أن عملية تدمير أوكار “داعش” هي ثاني عملية جوية للتحالف الدولي بالمنطقة نفسها خلال أقل من ثلاثة أيام، مشيراً إلى أنها استهدفت كهوفاً وأنفاقاً للتنظيم ضمن سلسلة الجبال صعبة التضاريس.
وتابع الجبوري أن الضربات كانت ناجحة بشكل كبير، حيث إن المواقع التي تم تدميرها عبارة عن مقرات لقيادة مسلحي “داعش”، مشيراً إلى أن المعلومات الاستخبارية التي لدينا تشير إلى أن هذه الأوكار استقبلت في الأيام الماضية قيادات من التنظيم قدمت من سورية مستغلة ثغرات بين حدود البلدين.
وكانت السلطات العراقية أطلقت، في نوفمبر الماضي، عملية عسكرية لملاحقة فلول تنظيم “داعش” في سلسلة جبال محكول، شاركت فيها قوات عراقية مؤلفة من عدد من وحدات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، وبإسناد من التحالف الدولي.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية، الثلاثاء الماضي، مقتل 7 مسلحين من أعضاء التنظيم في قصف جوي ومدفعي في سلسلة جبال مكحول، إضافة إلى مقتل 6 آخرين خلال اشتباكات وقصف جوي في جبال مخمور الواقعة بمحافظة نينوى 400 كم شمال العاصمة بغداد.
وخلال الشهور الأخيرة، زادت وتيرة الهجمات التي يشنها مسلحو “داعش”، في المناطق الممتدة بين محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى.
تعاون أمريكي بلا حدود
الإعلان عن الضربات الجوية الجديدة، التي قامت بها الطائرات الأمريكية دعماً للقوات العراقية، دفع المراقبين للتساؤل عن حقيقة إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها مؤخراً من العراق.
وقال المحلل السياسي حسين الكعبي لـ”المجتمع”: إن التعاون الأمريكي مع القوات العراقية في حربها المستمرة ضد “داعش” يكشف أن واشنطن تعول على وجودها في العراق كخيار إستراتيجي في تنفيذ أجندتها في المنطقة، مشيراً إلى أن إعلان الرئيس الأمريكي سحب الجزء الأكبر من قوات بلاده من العراق يتعلق بموازنات الداخل الأمريكي.
وكان وزير الدفاع الأمريكي بالإنابة كريستوفر ميلر، أعلن عن خفض عدد الجنود الأمريكيين في العراق بحلول 15 يناير 2021، بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية أن وزارة الدفاع الأمريكية، تلقت أوامر للإسراع بسحب القوات من أفغانستان والعراق حتى مراسم التنصيب المتوقع للرئيس المنتخب الجديد جو بايدن، في 20 يناير القادم.
الكعبي أشار إلى أن بغداد لا يمكنها أن تستغني عن الدعم الذي يقدمه التحالف الدولي في مواجهة تنظيم “داعش”، رغم إعلانها أنها تمتلك الإمكانيات العسكرية لتعويض خروج القوات الأجنبية، لأن القوات العراقية خصوصاً الجوية غير قادرة بقدراتها الذاتية على مواجهة التنظيم الذي يتنقل قادته ومقاتلوه بين الحدود السورية والعراقية.
وكانت الحكومة العراقية أعلنت، في ديسمبر 2017، عن تحقيقها الانتصار على “تنظيم الدولة” (داعش)، باستعادة الأراضي التي سيطر عليها منذ صيف عام 2014، وتبلغ ثلث مساحة العراق.
ورغم ذلك لا يزال التنظيم يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة من العراق، ويشن هجمات بين الحين والآخر على القوات العراقية، ويوقع خسائر في صفوفها، إلى جانب قيامه بهجمات عبر تفجير السيارات المفخخة وعمليات الاغتيال في مناطق متفرقة من العراق.