الاعتراف المغربي بإعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني في مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء المغربية سبَّب صدمة صعبة ومفترق طرق بين الدولة وحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي.
إذ إنه، في أغسطس الماضي، أكد رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، معارضة أي تطبيع مع الكيان الصهيوني.
ولا شك أن حزب العدالة والتنمية لم يصدر بياناً حاسماً حول الموضوع إلى الآن، بانتظار اجتماع الأمانة العامة للحزب غداً السبت، فإن الوضع الحرج للحزب والحكومة معاً مع الدولة اتجه نحو التعقيد والتداعي؛ إما باتجاه خضوع الحزب وحكومته تحت رغبة الدولة أو معارضتها؛ مما سيضع استقرار الحكومة في موضع شك.
وللعلم، إن التعديلات والتوافقات التي تمت إبان حراك المغرب، خلال العقد الماضي، بأن تقتسم الحكومة والملك السلطة وإدارة الدولة، حيث إن الملك هو رئيس النظام والحكومة، وهناك الوزير الأول (سعد الدين العثماني)، فالملك هو من يحدد كل ملامح السياسة الخارجية، حتى وإن كان الوزير يختار من أحزاب الائتلاف الحكومي، فليس للعثماني وحكومته أي دور في منع التطبيع، ولكن يتوجب عليه أن يصدر موقفاً واضحاً.
وقد أعلن العثماني -كوزير أول- رفضه التطبيع في إعلان سابق، وهو إعلان احترمه القصر، ويبدو أن التوجه الحالي يتجه نحو إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني مع السماح بمعارضة القرار، والإعلان عنه من أحزاب وفعاليات لها مواقف تاريخية مع القضية الفلسطينية! وهذا ما حدث من قِبَل مؤسسات وطنية وإسلامية يساهم فيها حزب العدالة وأعضاؤه، لكن بلا شك أن قرار حزب العدالة غداً قد يضع الحكومة في وضع حرج مع الدولة، وإن كانت إكراهات السياسة تجعل من حزب إسلامي براغماتياً بشكل أعمق.
من جهة أخرى، إعلان ترمب أن الصحراء المغربية تابعة سيادياً للمغرب، إنما هو مكسب إعلامي لا أكثر؛ إذ لن يترتب عليه أي تثبيت قانوني لهذه السيادة، مع وجود إدارة جديدة قادمة قد تلغي كل خيارات ترمب ووعوده، إذا أضفنا أن تياراً من الديمقراطيين والجمهوريين يعارضون هذه الخطوة، لكنهم لا يمانعون من التطبيع بين الكيان الصهيوني والمغرب.
في المحصلة، يحقق الكيان الصهيوني اختراقاً جديداً على حساب القضية الفلسطينية، ومن بلد يترأس قمة القدس!
مع التصريح بأن المغرب سيقف مع الحقوق الفلسطينية، لكن ليس لديه ما يقدمه لإلزام الكيان الصهيوني بهذه الحقوق بعد تطبيع العلاقة معه.