* الباحث في سياسات الدفاع أردا مولود أوغلو:
– العقوبات الأمريكية على تركيا في إطار قانون “كاتسا” نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين
– القرار سيترك أثراً عميقاً في الذاكرة الاجتماعية وسيكون له أيضاً انعكاسات جيوسياسية
– الصناعات الدفاعية التركية قد تتأثير سلباً على المدى القريب إلا أنها قد تخرج من تلك المرحلة أقوى على المدى المتوسط
* محلل سياسات الدفاع طوران أوغوز:
– تركيا هي أول دولة في حلف الناتو تُطبق عليها عقوبات قانون “كاتسا” الأمريكي
– لأول مرة في تاريخ الناتو تقوم دولة عضو فيه بمساعدة روسيا ضمنياً بإضعاف حماية حدود الحلف
– صفقات الشراء الكبرى والصفقات الاستراتيجية تتم عبر وزارة الدفاع وليس عن طريق رئاسة الصناعات الدفاعية
اعتبر خبيران بمجال الصناعات الدفاعية، أن تركيا ستخرج أكثر قوة من مرحلة العقوبات الأمريكية، المفروضة عليها مؤخرا، جراء شرائها واختبارها منظومة الدفاع الجوية الروسية “إس 400”.
وفي حديث للأناضول، قال الباحث في سياسات الدفاع، أردا مولود أوغلو، إن تطبيق الإدارة الأمريكية عقوبات على تركيا في إطار قانون “كاتسا” يعد نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين.
وأضاف مولود أوغلو، أن “هذا القرار الذي سيترك أثرا عميقا في الذاكرة الاجتماعية، سيكون له أيضا انعكاسات جيوسياسية محتملة”.
وأوضح أن العقوبات تضمنت إلغاء رخصة التصدير لرئاسة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة التركية,
وأردف: “ذلك يعني أنها لن تتمكن بعد من شراء أي أنظمة أو أنظمة فرعية أو قطع غيار من الولايات المتحدة، من أجل المشاريع التي تشارك بها”.
وذكر أنه يجب ألا تكون هناك مشكلات في التصدير بخصوص المشاريع التي تم توقيع اتفاقيتها وبدأت بمرحلة التنفيذ، لأن الأذونات الخاصة بها قد صدرت بالفعل، و”مع ذلك يجب البحث عن حلول بديلة”.
والإثنين، فرضت واشنطن عقوبات على تركيا وفق قانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصومها المعروف بـ”كاتسا”، الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب، ودخل حيز التنفيذ في 2 أغسطس/آب 2017.
وأدرجت واشنطن، رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية إسماعيل دمير، ومسؤولي المؤسسة مصطفى ألبر دنيز، وسرحات غانش أوغلو، وفاروق ييغيت، إلى قائمة العقوبات.
الصناعات الدفاعية التركية أقوى من العقوبات
ولفت مولود أوغلو إلى أن العقوبات على رئاسة الصناعات الدفاعية التركية تشمل قطاع التمويل، حيث من المقرر منعها من الاستفادة من قروض التمويل التي تفوق 10ملايين دولار، ويقدمها بنك الصادرات والواردات الأمريكي.
وأردف: “إضافة لمنعها من الحصول على أي دعم من المؤسسات المالية التي تشارك بها الولايات المتحدة”، موضحاً أن ذلك سيصعب على رئاسة الصناعات الدفاعية توفير التمويل اللازم لمشاريعها.
وأوضح أنه يجب البحث عن مصادر وحلول بديلة، “إلا أن ذلك سيشكل عبئا ماليا وسياسيا”.
وذكر أن تأثيرات عقوبات “كاتسا” غير المباشرة قد تؤدي إلى تغيرات في مواقف وسياسات الدول التي تربطها علاقات جيدة مع واشنطن والشركات الموجودة بتلك الدول، تجاه تركيا ورئاسة الصناعات الدفاعية التركية.
واستطرد: “حتى لو لم تحدث تغيرات في القرارات أو المواقف السياسية، يمكن أن تتصرف هذه الشركات بحذر تجاه رئاسة الصناعات الدفاعية لعدم رغبتها في المخاطرة أو لتجنب رد فعل سلبي من واشنطن”.
واستدرك: “تأثر قطاع الصناعات الدفاعية التركية سلبا من هذه العقوبات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على المدى القريب يمكن أن يضر بأنشطة الإنتاج وبإيرادات الصادرات”.
وتابع: “إلا أنه من الممكن أن يخرج القطاع من تلك المرحلة أقوى على المدى المتوسط”.
أوروبا قد تحذو مثل الولايات المتحدة
من جهته، ذكر محلل سياسات الدفاع، طوران أوغوز، للأناضول، أن تركيا هي أول دولة في حلف الناتو تُطبق عليها عقوبات قانون “كاتسا” الأمريكي.
وأضاف أوغوز، أنه “لأول مرة في تاريخ (حلف شمال الأطلسي) الناتو تقوم دولة عضو فيه بمساعدة روسيا ضمنيا بإضعاف حماية حدود الحلف”.
وأردف: “التقييمات الأولى تشير إلى أن هذه العقوبات المفروضة تعد أخف خطوة يمكن اتخاذها، إلا أنه يمكن أن تحدث تطورات جديدة في موضوع العقوبات سواء تطورات إيجابية أو سلبية مع إدارة بايدن”.
وأشار لوجود خطر خفي وهو احتمالية أن تؤدي هذه العقوبات إلى تحفيز الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على تركيا.
وتابع: “الاتحاد الأوروبي لم يتخذ قرارا بفرض عقوبات على تركيا خلال قمة القادة الأخيرة، إلا أن الدول التي تمارس ضغوطا في الاتحاد لفرض عقوبات على تركيا مثل فرنسا واليونان وإدارة قبرص الرومية، ستستغل الخطوة الأمريكية”.
وأفاد بأن تلك الدول ستمارس ضغوطا أكثر على الدول المعارضة للعقوبات حاليا مثل ألمانيا وبلغاريا وإيطاليا، لاتخاذ قرار بفرض عقوبات أشد على تركيا خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها في مارس/ أذار المقبل.
حلول بديلة
وأكد أوغوز، أنه يجب انتظار تصريحات مفصلة من الإدارة الأمريكية بخصوص العقوبات لتقييم الوضع بشكل نهائي”.
وأردف: “إلا أن التقييمات الأولوية والمؤقتة في ضوء المعلومات المتاحة حتى الآن تشير إلى أن أكثر ما سيضر تركيا في العقوبات هو عدم منح إذن لتصدير التكنولوجيا وبعض المنتجات إليها”.
وتابع: “تحصل تركيا على أذونات وتراخيص مختلفة من الولايات المتحدة لبعض منتجات الصناعات الدفاعية ومنتجات المشروعات المشتركة ونقل التكنولوجيا، ومن الواضح أن هذه التراخيص ستتأثر بمستويات مختلفة وفقا للوضع”.
وذكر أن بعض صفقات الشراء الكبرى والصفقات الاستراتيجية تتم في الأساس عبر وزارة الدفاع وليس عن طريق رئاسة الصناعات الدفاعية.
وأضاف أنه يمكن حل هذه المشكلة بنسبة كبيرة من خلال منح التراخيص لتركيا عبر وزارة الدفاع والقوات المسلحة بدلا من رئاسة الصناعات الدفاعية، وفقا لطبيعة العلاقات مع إدارة جو بايدن.
كما شدد على وجود حلول بديلة إذا لم يكن ذلك الحل ممكنا.
وأردف: “يجب ألا تتأثر المشروعات التي تم الحصول على تراخيصها قبل ذلك مثل مشروع الإنتاج المشترك لمروحية (T70) للأغراض العامة”.
واستطرد: “من المؤكد أن شراء محركات مروحية (أتاك) الهجومية التركية، واستخدام محرك أمريكي من أجل مشروع طائرة (حرجيت) سيتأثر بالعقوبات”.
منع تأثير تركيا على مصالح واشنطن
كما أفاد أوغوز، بأن أكثر الآثار الجانبية الحساسة غير الواضحة للعقوبات هي إمكانية عدم الحصول على بعض القطع والأنظمة الفرعية، التي تنتجها بعض الدول الأخرى وتدخل فيها مكونات أمريكية تستوجب الحصول على ترخيص.
وأشار إلى أنه بسبب مواقف مشابهة بدأت تركيا منذ فترة في الاعتماد على الصناعة المحلية في بعض المنتجات، كما غيرت مصدر الحصول على بعض المنتجات الدفاعية الأخرى.
وذكر أنه لا يوجد جواب بسيط حول إمكانية ظهور مشاكل بخصوص قطع الغيار والتسليح بمقاتلات “إف-16″، وما إذا كانت العمليات العسكرية التركية ستتأثر بسبب قطع الغيار.
وأردف: “السبب الأساسي وراء العقوبات هو منع تركيا من التدخل في الحروب في منطقتها بشكل يؤثر سلباً على المصالح الأمريكية”.
وتابع: “أول خطوة لتحقيق ذلك هو إيقاف تزويد تركيا بقطع غيار للأسلحة وجعلها غير قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية بدون الحصول على قطع غيار منها”.
واستدرك: “إلا أن القوات المسلحة التركية لم تنس الحروب والعمليات العسكرية وحظر التسليح الذي فرض سابقا على تركيا واكتسبت خبرة من ذلك وأصبحت تحتفظ بمخزون يكفي لفترات طويلة من قطع الغيار”.
وختاما رأى المتحدث، أن هذا المخزون سيكفي حتى يتم تصنيع تلك المكونات محليا”.