وليد المير.. والعمل الخيري والإغاثي
إذا ذكر المير ذكر الإحسان والعمل الخيري والإغاثي ليس في الكويت فحسب بل في بقاع كثيرة على وجه الأرض
شارك بتأسيس لجنة “العالم الإسلامي” بجمعية الإصلاح لتبدأ مدّ أول جسور الخير من الكويت إلى بقاع الأرض
إذا ذُكر وليد يوسف حمد المير ذُكر معه الإحسان والعمل الخيري والإغاثي، ليس في الكويت فحسب؛ بل في بقاع كثيرة على وجه الأرض ظلت تدعو له بعد وفاته بالخير.
ولد وليد المير في 7 فبراير 1949م بمنطقة «قبلة» بمدينة الكويت العاصمة، والتحق بالتعليم في مدرسة عبدالله السالم الثانوية، قبل أن يتخرج في المعهد التطبيقي –الذي قضى فيه مدة عامين- مساعد مهندس، وعمل في بداية حياته في بلدية الكويت، ثم انتقل للعمل في الهيئة العامة للإسكان، قبل أن يلتحق بجمعية الإصلاح الاجتماعي منذ نشأتها في بداية الستينيات ويتفرغ للعمل فيها.
ومع إطلالة عقد الثمانينيات من القرن العشرين، بزغت فكرة اضطلاع جمعية الإصلاح الاجتماعي بدور خيري وإغاثي في العالم الإسلامي؛ فانتدب مجلس إدارة الجمعية كلاً من عبدالله العتيقي، ووليد المير للسفر إلى شرق آسيا؛ لاستطلاع وضع المسلمين هناك وتقدير احتياجاتهم، وكان من نتائج هذه الزيارة أن تأسَّست أول لجنة خيرية في الجمعية، سُميت بلجنة “العالم الإسلامي”، وذلك في عام 1982م، لتبدأ من هذه اللحظة مدّ أول جسور الخير من الكويت إلى شتَّى أصقاع الأرض.
وحينما عقدت انتخابات مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي عام 2005م، اختير وليد المير عضواً بمجلس الإدارة، كما اختير أميناً لصندوق الجمعية؛ وظل عضواً بمجلس الإدارة لعدة سنوات.
عُرف عنه التواضع ودماثة الخلق، وكان شخصية محبوبة، بشوش الوجه، ولا يغضب إلا لما يُغضب الله تعالى، كما اتسم بالإخلاص وحب التقوى والإيمان وأداء واجباته العبادية من صلاة في المسجد وصيام وقيام واعتكاف وعمرة في رمضان والنشاط في كل عمل خيري وتربوي، وكان يعمل ذلك في صمت وهدوء؛ وهو ما كان له أثره في الشباب وبمن تعامل معه، وقد زكَّاه د. ناصر الصانع بقوله: “له فضل بعد الله على قطاع واسع من الإخوة والشباب (وأنا منهم) منذ الستينيات، حيث اهتم بشباب الدعوة والعمل الكشفي والتربية”.
وبعد صراع مع المرض الذي ضرب فيه أروع الأمثلة في الصبر، رحل يوم الثلاثاء 27 ربيع الآخر 1441هـ/ 24 ديسمبر 2019م.
نوح سلطان بورسلي
رحل العم نوح سلطان بورسلي وقلبه معلق بالمساجد وتلاوة القرآن الكريم، فقد كان يختمه كل ثلاثة أيام، وكان لتربيته في الصغر أثر في فعل ذلك.
ولد العم نوح في عام 1929م، في بيت عائلته بفريج الرومي في الحي الشرقي بجانب مسجد القطامي من الناحية الشمالية بالكويت.
تلقى العلم في بداية حياته على يدي الملا عبدالعزيز حمادة، الذي كانت مدرسته في مسجد بن خميس، ثم انتقل إلى مدرسة الملا يوسف حمادة، والتحق بالمدرسة الشرقية مدة أربع سنوات، ودرس على يد خالد الغربللي وغيره، وكان يعمل في الصباح، ويذهب إلى المدرسة المباركية في المساء؛ وتخرج فيها عام 1952م في تخصص المحاسبة، ولم يكتف بذلك بل أخذ على عاتقه تعلم اللغة الإنجليزية.
كان لدراسة العم نوح للمحاسبة أثر كبير بالانخراط في تجارة الصرافة مع أسرة المزيني، وأثناء عمله تعرف على العم عبدالعزيز العلي المطوع الذي اختاره لتربية وتعليم ابنه محمد، قبل أن يصبح أميناً على مستودع عبدالعزيز المطوع.
ونظراً لمهارته الحسابية، اختارته شركة “حمّال باشي” ليعمل محاسباً فيها براتب 40 روبية آنذاك، وارتفع الراتب مع مرور الأيام والسنوات ليصبح 140 روبية، بعدما تعلم اللغة الإنجليزية.
وفي عام 1948م بدأ العمل مع عبدالعزيز، وعلي المزيني في شركتهما المعروفة، وساهم بشكل ملموس في تطوير الشركة وتحقيق نجاحها، لكنه بعد ثلاث سنوات انتقل للعمل مع التاجر فهد سلطان العيسى، إلى أن قرر أن يستقل بتجارته الخاصة، فاشترى محلاً في سوق “المقاصيص” عام 1959م، وتخصص في بيع مستلزمات وأدوات البناء، ثم انتقلت تجارته إلى منطقة الشويخ الصناعية عام 1978م، وكان مميزاً في النشاط الاقتصادي، حتى إن كل من أراد ولوج هذا المجال كان لا بد أن يستشيره ويأخذ بنصائحه، فكان قبلة من يريد، وكانت أياديه بيضاء على الجميع ولسانه عفيفاً وقلبه نقياً.
ظل العم بورسلي يشرف على تجارته الخاصة وينميها ويتابعها كل يوم إلى أن مرض في سنواته الأخيرة، فعكف على القرآن الكريم تلاوة، ولزم المسجد تعبداً، إلى أن توفاه الله يوم 23 ربيع الآخر 1440هـ/ 30 ديسمبر 2018م.
فوزي السعيد.. والثبات على الحق
فوزي السعيد أحد الدعاة الذين صدعوا بالحق حتى أوذى في سبيله رغم تقدم عمره.
ولد فوزي محمد السعيد سيد أحمد بقرية عرب الرمل مركز قويسنا بمحافظة المنوفية بجمهورية مصر العربية، عام 1945م، واهتم والده بتعليمه حتى تخرج في كلية الهندسة قسم كهرباء جامعة عين شمس عام 1970م، وقد شارك في حرب السادس من أكتوبر 1973م، وكان وقتها جندياً في سلاح المدفعية.
وبعد الحرب عمل بالشركة العربية للصناعات الدوائية وترقى فيها حتى وصل لمنصب المدير الإداري بها.
كان لنشأته الدينية أثر كبير في حياته، مع ما وهبه الله من ملكات مكنته من الولوج إلى قلوب الناس بسهولة والتأثير فيهم بخطبه، حيث ارتبط اسمه بمسجد “التوحيد” في شارع رمسيس بالقاهرة، حيث استطاع إلحاق ملجأ للفقراء وكبار السن، ومستوصف طبي لمحدودي الدخل بالمسجد، وذلك قبل أن تؤممه الدولة وتلحقه بوزارة الأوقاف التي أغلقت كل هذه النشاطات.
كان صوت الشيخ قوياً في قضايا المسلمين بالبوسنة والهرسك والشيشان وكوسوفا خاصة أثناء الحرب فيها، وحينما اشتعلت انتفاضة الأقصى انبرى الشيخ مندداً بالسياسة الأمريكية.
يعد الشيخ أحد الدعاة البارزين في مواجهة سياسات الفساد التي استشرت في بلدان المسلمين، مما عرضه للاعتقال في القضية رقم (24 لسنة 2001م جنايات عسكرية) المعروفة إعلامياً بـ”بتنظيم الوعد”، بتهمة أنهم كانوا يحضون الناس على التبرع لإخوانهم في فلسطين إبان الانتفاضة الثانية! وأصدرت الحكم في 9 سبتمبر 2002م بسجن 51 متهماً، وبراءة 43 منهم الشيخ فوزي السعيد، إلا أن وزارة الداخلية أمرت باعتقاله.
كان الشيخ –رغم تقدم سنه- شاباً وسط شباب ثورة 25 يناير، وكان أحد الدعاة المؤثرين في ميدان التحرير إبان ثورته، كما أعلن تأييده للثورة السورية.
خالف التيار السلفي، ودعم د. محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه تعرض للاعتقال في 5 يوليو 2014م، وظل سجيناً مريضاً خاصة بعد وفاة ابنته وهو في السجن، حتى خرج في أواخر مارس 2016م بعد تدهور صحته مع وضعه تحت التدابير الاحترازية، وهو ما أقعده في البيت حتى توفاه الله صباح الأحد الموافق 11 ربيع الآخر 1441هـ/ 8 ديسمبر 2019م، عن عمر ناهز 74 عاماً، وشيعت جنازته من مسجد حسن الشربتلي بالتجمع الخامس في القاهرة الجديدة.
تنويه واعتذار
تنوِّه «المجتمع» إلى خطأ غير مقصود وقع في باب «وفاء لذكراهم» بالعدد السابق (2149)، حيث تضمَّن وفاة العم عبدالرحمن المجحم في نوفمبر 1979م، وذلك نتيجة التباس الأمر في تدقيق بعض المعلومات الواردة عن العم المجحم، أطال الله بقاءه.
و«المجتمع» إذ تعترف بخطئها غير المقصود، فإنها تتقدم بالاعتذار للعم عبدالرحمن المجحم وأسرته الكريمة، سائلين الله تعالى لشيخنا المجحم دوام الصحة وموفور العافية، وطول البقاء مع حسن العمل.