– زوجي يفوق أحلام أي زوجة فهو ملتزم بمعنى الكلمة سخي في علاقته بي يشعر باحتياجاتي فيبادر بل ويبهرني!
– أخبرتها بأن زواجي بأخرى لا يعني إطلاقاً أنني لا أحبك أو أنه خيانة لك فأنت حبي الأول
– الرجل غير الملتزم يرى في المطلقة لقمة سهلة كأنها أرض عطشى لأي ساق تنتظر من يمنّ عليها
– كانت زوجتي حتى لا تزعجني تنام بمفردها وكنت أزورها كلما اشتقتُ إليها وكثيراً ما تكون مرهقة
– شاء الله أن أنعم بزواجي الثاني أنا وزوجتي الأولى كما أنعم وزوجتي الثانية
لقد وصلتني عدة رسائل على فترات متباعدة من بعض القراء الكرام، وكنت قد تناولت إحداها في أعداد سابقة، ولكن بعد توارد عدة رسائل عن الموضوع نفسه، وهو الزواج الثاني، وكل رسالة تتناوله من وجهة نظرها، أيقنت مدى التراكمات النفسية التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية، وكيف أنها تصوغ الحقائق على هواها بل وتفهم الدين بمقدار احتياجاتها.
لذا سأترك لك أيها القارئ الكريم المجال لتستنبط بذكائك -من خلال هذه الرسائل التي سأعرضها عليك دون إجابة مني- كيف يمكن أن تعاد صياغة منظومة علاقتنا طبقاً لمفاهيم الإسلام، وعدم خلط العادات والتقاليد، وتقييم الناس كحكم أعلى من الشرع!
فاسمح لي أيها القارئ الكريم أن أعرض عليك بعضاً من هذه الرسائل، يعبر كل منها عن زاوية تفكير وتناول وتفاعل مختلفة في هذا الأمر، وأترك لعقلك الذكي استكناه أبعاد كل منها، واستجلاء إشكالياتها والمشاركة في سبر أغوارها واقتراح الحلول المناسبة لها.
الرسالة الأولى:
أنا زوجة جمعتني وزوجي قصة حب منذ أن كنت بالجامعة، فهو الأخ الأكبر لصديقتي، وكان يكبرني بثمانية أعوام، وهو مهندس ناجح، وتزوجنا منذ 15 عاماً، وقرر زوجي تأسيس شركة خاصة به، وكان قد أهداني العديد من الهدايا الذهبية فهو كريم جداً، فاقترحت عليه بيعها بالإضافة إلى ميراثي، والحمد لله نجحت الشركة وعوضني زوجي أضعافاً كثيرة عن مساهمتي بالشركة، بالإضافة إلى مناصفتي له فيها، رزقنا الله بابن وثلاث بنات بفضل الله متفوقون وعلى خلق طيب.
بكل صراحة، زوجي يفوق أحلام أي زوجة، فهو ملتزم بمعنى الكلمة، سخي في كل علاقته بي، يشعر باحتياجاتي فيبادر بل ويبهرني! حتى في فترة الدورة أكون متوترة فيغمرني بعواطفه، أب مثالي يتابع معي بل أكثر مني الأولاد، ورغم مشاغله فهو يقرأ في تربية الأولاد ومشكلاتهم وله علاقات متميزة مع كل واحد منهم، بالإضافة إلى علاقتنا العائلية والاجتماعية وتقدير واحترام من الجميع لكرمه وسمو خلقه، كما أنه يعتني بنفسه وعقله وجسده، وأنا أقابل كل عطاءاته بالإشادة وأبذل له كل ما أستطيع؛ فكل يوم أشعره أنني أُزَفُّ إليه، مهما كنت مرهقة أو مشغولة بالأولاد؛ فهو يستحق مني فعلاً أن أجعله أولى أولوياتي.
كنا نعيش ولا في الأحلام، عزمني مؤخراً على العشاء كعادته كل أسبوع وصدمني بطلبه أن أوافق على زواجه من أرملة قريبة لي! كنت قد طلبت منه مساعدتها لتخليص مهمة لها، وهنا اسودت الدنيا في عيني، وكدت أهذي من الصدمة:
– ماذا ينقصك؟
– لا شيء، أنت لست زوجة أنت حور عين، ولكنني أريد زوجة أخرى.
– إذن.. جزائي «جزاء سنمار»؟
– حبيبتي لماذا تعقدين الأمور؟ لن ينقصك شيء، بل على العكس، احتسبي أجر أنك ستسعدين أختاً لك مسلمة.
– بل أحترق وتهدم حياتنا من أجل نزوة شيطانية!
– لماذا كل هذه الهواجس؟ أعوذ بالله أنا أريد الزواج وليس… أستغفر الله.
فقاطعته: حبيبي كفاك مزاحاً، معذرة أنني صدقتك، لقد أتقنت الدور، وها أنا ذا أكتشف موهبة أخرى في حبيبي أنه ممثل بارع!
– صفاء، أنا جاد فيما سمعتِ.
– إذن.. قد جننت! إن كنت قد هُنت عليك لهذه الدرجة، وقابلتَ تضحياتي معك بالخيانة وعدم الوفاء، أو أنك لم تحبني ومثّلت عليّ دور الزوج الولهان إلى أن وجدت من شغف حبها قلبك وأعماك عن الكارثة التي ستقدم عليها.. فكيف ستواجه أولادك؟!
– زواجي بأخرى لا يعني إطلاقاً أنني لا أحبك، أو أنه خيانة لك؛ فأنت حبي الأول.
– لا يوجد حبٌّ أول وثانٍ و.. الحب حب وحيد.
– حبيبتي، كلامك صح للزوجة المسلمة، أما الزوج فيمكنه أن يحب زوجة وثانية بل وثالثة ورابعة، وليس على حساب الأولى.
أما عن معرفة الأولاد، فما المشكلة في ذلك؟ وأرى أنه في إحدى نزهاتنا أنك أنت التي تخبرينهم بزواجي.
– حتى تعلم حجم مصيبتك! إنك لا تجرؤ على مواجهة الأولاد، نعم سأخبرهم بل سأبين لهم كيف هانوا عليك، وكيف قررت أن تهدم سعادتنا، وكيف أنك فضلت امرأة أخرى على أمهم وعليهم، حبيبي أنا متأكدة أن هذه «الثعبانة» قد سحرت لك، دعنا نذهب إلى شيخ لـ…
– ما هذا الهراء؟ على كلٍّ، أنا سأتزوجها.
– لتشاركنا فيك وفيما نملك؟
– ستأتي برزقها المعنوي والمادي، من رزقني برزقك سيرزقني برزقها، وقد يكون قدومها بالبركة، أنا أحبك وليس في نيتي إحلال زوجة بإهمال أخرى، أو حتى زواجي بها سيكون على حسابك، فهي تحبك وتقدّرك، تعلم قيمتك عندي؛ فهي قد تنازلت عن حقها وقبلت أن…
– أي حق تتكلم عنه؟ أنت زوجي أنا ووالد وأولادي، ولا يحق لامرأة أخرى أن تشاركنا فيك.
– حبيبتي، أنا لم ولن أقصّر معك، بل العكس، أعدك أن أعوّضك عن الوقت الذي سأكون معها ثم إنهم أولادنا.
وهنا لم أستطع استكمال اللقاء، فقمت قائلة له: معذرة، نعم هم أولادك، سآخذ «تاكسي» إلى بيت أهلي، ولو سمحت طلقني بدلاً من أخلعك، وأنا متنازلة لك عن أولادك، وحتى لو قررت التراجع فقد فقدت ثقتي بك بل فقدتك، وسأتقبل العزاء فيك.
الرسالة الثانية:
«كم أنت ظالم أيها المجتمع!»، هكذا وبدون أي مقدمات بدأت رسالتها فهل معها الحق؟ ثم تابعت: أنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري، تحاببت وزميل لي في المرحلة الجامعية، وللأسف لم يكن يصلي، وكان يعدني أنه سيصلي، ولحبي له كنت أصدقه، وكان يشفع له دماثة خلقه، وتقدم لي بعد تخرجه وعمله مع والده في تجارته، ورزقنا الله ببنتين، ورغم أنه كان يوفر لنا معيشة مادية عالية، فإننا كنا نفتقده؛ لأنه كان بعيداً عن الله بل انحرف في طريق الشيطان وتدهورت حالتنا، وانفصلنا منذ عشرة سنوات، واضطررت أن أعمل لأعول ابنتيَّ، وهنا بدأت معاناة أخرى! فالرجل غير الملتزم يرى في المطلقة لقمة سهلة، وكأنها أرض عطشى لأي ساق، منتظرة من يمنّ عليها! أما من يدعي أنه ملتزم، فليس لديه مشكلة لإشباع نزواته في إطار شرعي –نعم نزواته وليس إقامة حياة زوجية- مجرد شاهدين من الشارع والإيجاب والقبول وأصبحت حلالي! في الظل لك فضل وقتي ومالي إن بقي لك شيء، ويكفيني تصدقي عليكِ وحصنتك بدلاً من… أي جور هذا؟ ولا يتقدم عن طريق الأهل إلا النطيحة والمتردية!
وهروباً من الذئاب البشرية، قررت أن أقبل بأحدهم فيغمرني بسلسلة من التحقيقات عن زواجي وطلاقي ونظرات المنّ، فهناك عشرات من الفتيات اللائي يتمنينه، هذا عن الرجال، أما النساء: لماذا تطلقت؟ وكأنني مطالبة أن أقدم تقريراً عن خصوصياتي، أما قبولي في مجتمع النساء فعليه محاذير، وكأنني عقدت الشباك لأوقع بأي زوج في غفلة من زوجته، وأصبح حديثهن عن مساوئ أزواجهن، وما يعنيني من العوز المادي والمعنوي! ومنذ طلاقي وقد دفنت أنوثتي وطلقتها هي الأخرى مع مأساة زواجي.
لكن شاء الله أن ألتقي به، مهندس بإحدى الشركات التي تتعامل شركتي معها، جمعتنا لجنة عمل، أدت إلى مصارحته لي بحبه ولا أنكر أنني كنت قد تمنيت وتهيأت بل وتوقعت ذلك، فهو به كل المزايا التي افتقدتها في والد البنات.
– ولكن أنا متزوج وهنا المعضلة!
– ما المعضلة في ذلك؟ الشرع أباح لك وهذا حقك.
أنا لا أطالبك بإحلالي محل زوجتك –أعوذ بالله- لتبقى زوجتك بكل تقديري لها، ورغم أن إعلامك لزوجتك ليس شرطاً لصحة زواجك بي فإنني لا أقبل أن تخفي عنها زواجنا.
– دعينا نتزوج ثم تدريجياً أخبرها بدلاً من…
– ثمّ إذا ما عرفت وثارت أدفع أنا الثمن بأن تُلقي بي، أنت رجل وعليك أن تدافع عن حقك، ما دامت لن تغضب الله وتظلمها، ولكن دعني أسألك: كيف تُطلق لعواطفك التفاعل معي، وتهيئ لي الانسياق؟
– مهلاً، أنت على علم بأنني متزوج، ولا تدعي براءة الفتاة وكأنني ورطتك…
– هل فجأة اكتشفت أنك متزوج؟! ما المشكلة في ذلك؟
وتركته قائلة: عندما تكون رجلاً وتتمكن من استجداء قرار زواجك من زوجتك! فأهلاً بك.
وهرعتُ إلى صدر أمي، وقد أدركتُ صدمتي، فبادرتني قائلة: ألم أقل لك: ابتعدي عن المتزوجين؛ حتى لا تُتهمي بأنك «بتبوجي الرياييل» (تسرقين الرجال)!
أمي، هل أنا وجدت عزباً أو مطلقاً مناسباً ورفضت؟! ثم إنني لم أنزل لمحل يبيع رجالاً للزواج واخترت رجلاً متزوجاً، أقدار الله ساقت لي رجلاً متزوجاً، وليته كان رجلاً قادراً على الزواج، هو يريد ألا يصيب ذات العصمة بأي توتر ويتمتع بي في الحلال دون أن تهتز صورته أمام المجتمع، الذي يغض الطرف عن الحرام ما دام لا يعلم، بل إنه لا يريد أن يعلم ويصب اللعنات على حق الرجل في الزواج الثاني، ويتهمه بالخيانة وعدم الوفاء ونكران الجميل و.. ويتهمني وأمثالي بالتطفل وخراب البيوت! حقاً إنه مجتمع ظالم.
الرسالة الثالثة:
أنا أستاذ جامعي في منتصف العقد السادس، تزوجت منذ ثلاثة عقود بقريبة لي، بناء على ترشيحات العائلة، عشنا حياة هادئة تهتم زوجتي بعيادتها ومرضاها وأنا منهمك في أبحاثي، ورزقنا الله بولدين، ونظراً لانشغالنا تولى كل منا ولداً، فأصبح أحدهما طبيباً، نفس تخصص والدته، والآخر يحضّر الدكتوراه بالكلية التي أعمل بها.
العلاقات بيننا كأننا جميعاً نعيش في فندق، بل إن علاقة كل منا بأم محمد مديرة المنزل، هي الأهم لأنها تعلم احتياجات كل منا وتلبيها بكفاءة.
أما علاقتي وزوجتي فقد آلت الأمور إلى التيبس منذ حوالي خمس سنوات، فمنذ سنوات وأنا أطلب منها الاكتفاء بالعمل في المستشفى صباحاً ولا داعي للعيادة التي تنتهي بعد أن أكون قد خلدت للنوم، ودائماً ما يكون ردها: الطب رسالة، وسعادتي أن يستعملني ربي لأخفف آلام مرضاي وأجر الكشف لديها رمزي، لدرجة أنها حتى لا تزعجني بدأت منذ أكثر من عشر سنوات تنام بمفردها، وكنت أزورها كلما اشتقت إليهاً، وكثيراً ما تكون مرهقة، حتى تكاسلت، وأصبحت أم أولادي الدكتورة الناجحة الطيبة وكفى.
منذ حوالي ستة أشهر عادت إحدى الزميلات من إعارة لها بالخارج بعد أن قضت حوالي عشر سنوات، وهي تعتبر تلميذتي، ودائماً ما كانت تفتخر بذلك حيث درست لها وأنا معيد، ثم حضرت معي درجة الماجستير ثم أتمت الدكتوراه بالخارج، هي في نهاية الأربعينيات من عمرها لم تتزوج، تبدو أصغر بكثير من سنها، جمعتنا مناقشات علمية، ثم شخصية ثم… وجدتني حريصاً على اللقاء بها، وبدأت الشمس التي كادت تغرب ترجع للوراء وتتربع في كبد السماء وتوقظ كوامن النفس، أيضاً هي بدأت تأتي بشكل جديد، وفعلاً طلبت منها الزواج فرحبت وقالت: ماذا عن زوجتك؟
كدت أقول لها: إنني غير متزوج، ففعلياً أنا كذلك، لكنني تذكرت أنني متزوج السيدة الفاضلة دكتورة البر والإحسان، فشرحت لها كيف نعيش في بيتنا وأنها لن تعبأ بهذا الأمر، فهي لا تعلم إن كنت بالمنزل أم بالخارج، بل أتوقع أنها سترحب حتى تزيل عن كاهلها عبء الوفاء بالحقوق الزوجية إن كانت متذكرة أنها متزوجة! وفعلاً اتفقنا على كل ترتيبات الزواج، ولكنني آثرت ألا أخبر زوجتي.
فرحبت بذلك، واستسمحتني بأن أمها مريضة ولا تأتمن عليها الخادمة، وتريد أن تكون بجانبها.
تزوجنا، وأخبرت زوجتي بأنني مسافر رحلة علمية، وكم كانت فرحتي باكتشافي أنني ما زلت شاباً، وكنت تقريباً يومياً أزور زوجتي الجديدة، وقد تغيرت حياتي مع برنامج صحي متكامل.
ولاحظت زوجتي الأولى! وفاجأتني بأنها بدأت تعتني بنفسها، وفوجئت بشوقي لها، فأرسلت لها رسالة غرامية، وأهديتها مزهرية ورود حمراء، ودون استشارتها حجزت رحلة ثلاثة أيام، ورجوتها صحبتي، فاستجابت وكم كانت بهجتنا بعودة الحياة لبيتنا وأسعد ذلك زوجتي الثانية، بل كانت تشتري لزوجتي الأولى بعض الملابس الخاصة، لكن! بدأت زوجتي الأولى تتساءل عن وقتي؟
فأخبرتها بزواجي منذ أكثر من عام! وإن عودة الروح لنا بسبب هذه الزوجة المباركة، وإنها ستسعد بل تتوق للتعرف عليك وقد أصبحنا أسرة واحدة.
وكانت المفاجأة! فقد تحولت إلى «لبؤة» تدافع عن عرينها، فتركتها في ثورة عارمة تهذي!
لقد كنا فعلاً منفصلين منذ سنين، وشاء الله أن أنعم بزواجي الثاني أنا وزوجتي الأولى كما أنعم وزوجتي الثانية، ماذا يضيرك؟ بل الخير كل الخير لنا جميعاً بزواجي الثاني.
كيف تبرر أستاذي الكريم تصرف زوجتي؟ ألا ترى معي أنها أثرة النفس وحب التملك.