في العاشر من ديسمبر 2020، جرى اتفاق تطبيع العلاقة بين المملكة المغربية و”إسرائيل”، بوساطة ورعاية أمريكية؛ لتصبح سادس دولة عربية تطبِّع مع “إسرائيل” بعد مصر (1979)، والأردن (1994)، والإمارات (2020)، والبحرين (2020)، والسودان (2020)؛ مما يعني أنه في سنة واحدة طبَّعت أربع دول مع “إسرائيل”، وكانت حجة المغرب في هذا التطبيع أنه كسب من الاتفاق جولة سياسية مهمة؛ وهي اعتراف الولايات المتحدة بأن الصحراء المغربية (266 ألف كيلومتر مربع) تابعة للمملكة المغربية وليست جغرافيا مستقلة كما تدعيها أطراف أخرى (شعب الصحراء أو الجزائر).
وبعيداً عن ردود الفعل وأسباب هذا التطبيع، أريد التركيز في هذا المقال على أن خلافات الحدود في المنطقة العربية والمصطنعة بعد سقوط الخلافة العثمانية واتفاقية “سايكس بيكو” عام 1916 التي عمقت تلك الخلافات وزادتها حدة، خصوصاً مع خروج المستعمر من البلدان العربية؛ لتتحول حروب التحرر الوطني التي حررت الجغرافيا العربية من المستعمر إلى حروب حدود بين الممالك والدول العربية في صراع أزلي غير مستقر كلف الجغرافيا والإنسان العربي الخسائر المادية والبشرية التي فاقت ما أحدثه الاستعمار من خسائر في الأرواح والبشر، ونشر التخلف والفقر والاحتراب، ومكَّن من تفتيت الوحدة العربية والاجتماعية والثقافية.
أشهر النزاعات الحدودية بين الدول العربية:
1- مصر والسودان:
تعتبر منطقة حلايب منطقة نزاع حدودي بين مصر والسودان، وهي تقع على الطرف الأفريقي للبحر الأحمر، تبلغ مساحتها 20,580 كم2، وبها ثلاث بلدات كبرى؛ هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، المنطقة تتبع مصر إدارياً بحكم الأمر الواقع، ويطلق عليها أحياناً المنطقة الإدارية لحكومة دولة السودان.
ظلت المنطقة تابعة للسودان المصري إدارياً منذ عام 1902، ولكن النزاع ظهر إلى السطح مرة أخرى في عام 1992 عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية.
2- السودان وجنوب السودان:
تعد منطقة “أبيي” أشهر مناطق النزاع بين الطرفين، وهي منطقة سودانية حصلت على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، كانت تابعة لولاية غرب كردفان التي تم حلها بعد توقيع اتفاق السلام.
3- المغرب وجبهة البوليساريو:
الصحراء الغربية مساحتها 266,000 كم2 تقع شمال غرب أفريقيا، تحدّها الجزائر من الشرق وموريتانيا من الجنوب والمغرب من الشمال.
تأسست جبهة البوليساريو بدعم جزائري سنة 1973 أثناء استعداد إسبانيا للجلاء من الصحراء لترفض السيادة المغربية على الصحراء وتعلن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المعلنة من طرف واحد.
وتدعم العديد من دول العالم كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وجامعة الدول العربية باستثناء الجزائر، والعديد من دول أفريقيا والعالم؛ سيادة المغرب على الصحراء الغربية.
4- المغرب والجزائر:
حرب الرمال صراع مسلح نشب بين المغرب والجزائر في أكتوبر 1963، بعد عام تقريباً من استقلال الجزائر، وتوقفت في 5 نوفمبر من نفس العام، حيث قامت الوحدة الأفريقية بإرساء اتفاقية لوقف نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير 1964.
طالب المغرب بالأراضي التي اقتطعتها فرنسا منه عام 1952 وضمتها لمستعمرتها الجزائر، مستنداً إلى خارطة المغرب الكبير التي نشرها علال الفاسي في 7 يوليو 1956.
تنظر الجزائر لتلك الأراضي على أنها من مخلفات الاستعمار الفرنسي، وطالبت بعدم المساس بالحدود التي رسمها الاستعمار الأجنبي بالاستناد إلى مؤتمر “باندونق” المنعقد في عام 1956.
5- السعودية واليمن:
الخلاف الحدودي الطويل المدى بين السعودية واليمن يمكن إرجاعه إلى اتفاقية مكة المثيرة للجدل عام 1926، حيث أصبحت المنطقة التي كانت في الجنوب الغربي الإمارة الإدريسية، التي طالب اليمن بها طويلاً، تحت سيادة الدولة الناشئة حديثاً وهي المملكة العربية السعودية.
الخلاف اللاحق حول سيادة منطقة الإدريسي السابقة، يخص مناطق عسير، وجيزان، ونجران، وقاد إلى حرب حدودية محدودة سعودية يمنية انتهت في مايو 1934 باتفاقية الطائف.
اعترف اليمن بسيادة السعودية على عسير وجيزان ونجران، والخط الحدودي تمّ تعريفه على أنه “نهائي ودائم” في عام 2000 بتوقيع علي عبدالله صالح، إلا أن اليمنيين ما زالوا يطالبون بأحقيتهم في تلك المناطق إلى الآن.
6- النزاع الكويتي العراقي:
يتنازع العراق والكويت على منطقة خور عبدالله الواقعة بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية.
وما زال موضوع السيادة على هذا الممر المائي مثار جدل كبير في الدولتين، وقبل فترة أثير الجدل في البرلمان العراقي عندما انتقد نواب عراقيون ما قالوا: إنه تصويت مجلس الوزراء لمنح السيادة على خور عبد الله للكويت.
7- النزاع الليبي التونسي:
فجرت منطقة الجرف القاري الحدودية بين ليبيا وتونس نزاعاً معقداً، لكن من دون الوصول إلى الصراع المسلح، ومع ذلك فقد لجأت تونس إلى محكمة العدل الدولية نهاية سبعينيات القرن الماضي من أجل البت في السيادة على المنطقة التي تحتوي على آبار نفطية.
واتفق البلدان عام 1988 على إنشاء شركة للنفط مشتركة بينهما لتقاسم خيرات المنطقة.
8- الخلاف الجزائري التونسي:
نشب خلاف بين تونس والجزائر حول تبعية النقطة (233) الحدودية بين البلدين. وطالبت تونس بالمنطقة بعد استقلال الدولتين عن المستعمر الفرنسي على اعتبار أنها كانت جزءاً من الأراضي التونسية قبل الاستعمار، لكن الجزائريين تمسكوا بالنقطة الحدودية.
وبعد سنوات من الخلاف، انتهى الأمر بإقرار تونس بأن النقطة (233) جزائرية، لكن مع استغلال المنطقة بشكل مشترك من الطرفين.
9- الخلاف القطري السعودي:
رغم وجود اتفاق لترسيم الحدود بين الدوحة والرياض منذ ستينيات القرن الماضي، فإن الخلافات الحدودية ظلت قائمة بين البلدين إلى حين التوقيع على اتفاق عام 2001.
وأدت الخلافات الحدودية بين الدولتين الخليجيتين إلى إطلاق نار عام 1992 في منطقة الخفوس خلَّف قتيلين من الجانب القطري وقتيلاً سعودياً واحداً.
10- السعودية والعراق:
نصت معاهدة العقير لسنة 1922 على خلق منطقة محايدة بين العراق والسعودية، تم تقسيم المنطقة بين الدولتين عام 1975، لكن مع اندلاع حرب الخليج عام 1991، أعلن الرئيس العراقي صدام حسين إلغاء جميع الاتفاقيات الموقعة مع السعودية بعد عام 1968، ردت السعودية، في المقابل، بالتوجه إلى الأمم المتحدة وتسجيل اتفاقياتها الحدودية مع العراق.
11- قطر والبحرين:
لم تتم تسوية الخلافات الحدودية بين قطر والبحرين إلا عن طريق محكمة العدل الدولية، وكان الخلاف بينهما أطول قضية تنظر فيها محكمة لاهاي التي أصدرت عام 2001 حكماً ملزماً؛ منحت البحرين السيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة، وفي المقابل منحت قطر السيادة على جزر جنان وحداد جنان ومدينة الزبارة وجزيرة فشت الديبل.
12- السعودية والكويت:
كانت الكويت هي الأخرى طرفاً في معاهدة العقير، وجرى الاتفاق على خلق منطقة محايدة بينها وبين السعودية، تم تقسيم السيادة عليها بالتساوي عام 1965، مع الحفاظ على الاستغلال المشترك للموارد الطبيعية؛ يتسبب هذا الاستغلال في أزمات متكررة بين البلدين، أدى بعضها إلى توقيف إنتاج النفط في الحقول المشتركة عام 2015، في المقابل، لم تتوصل السعودية والكويت بعد إلى تسوية بخصوص حقول الدرة البحرية.
13- السعودية والإمارات:
تركزت الخلافات بين الدولتين حول واحة البريمي على الحدود الإماراتية العمانية، اعترفت السعودية بموجب اتفاقية جدة عام 1974 بسيادة الإمارات على جزء من واحة البريمي (ست قرى)، مقابل الحصول على شريط ساحلي بطول 25 كلم على الحدود مع قطر (خور العديد)، وقرابة 80% من إنتاج بئر الشيبة النفطي، حالياً، تعتبر الإمارات الاتفاقية مجحفة وتطالب بتعديلها.
14- السعودية وعُمان:
اعترفت السعودية لعمان بالسيادة على ثلاث قرى من واحة البريمي عام 1974، لكن الخلاف حول الحدود في صحراء الربع الخالي ظل قائماً حتى عام 1990، تاريخ ترسيم الحدود.
15- السعودية والبحرين:
لا توجد حدود برية بين السعودية والبحرين، لكن نزاعاً حول الحدود البحرية اندلع بينهما، خاصة في المنطقة المائية الضحلة المسماة “فيشت أبو سعفة”، وهي غنية بالنفط، حُل الخلاف بعد توقيع اتفاقية الرياض عام 1958، التي نصت على سيادة السعودية على الحقل النفطي، على أن تمنح البحرين نصف الإيرادات الصافية الممنوحة للسعودية.
16- عُمان واليمن:
حل البلدان خلافاتهما الحدودية الطويلة عام 1992 عبر اتفاقية تم توقيعها في العاصمة اليمنية صنعاء. وتمتد الحدود بين البلدين على 288 كلم، تم الفصل بينها بخط ينطلق من نقطة انطلاق الحدود اليمنية السعودية العمانية في صحراء الربع الخالي ويتجه بشكل مستقيم نحو البحر.
أسباب الخلافات الحدودية بين الدول العربية:
لسنوات طويلة، تعيش الدول العربية فيما بينها أزمات بسبب ترسيم الحدود، نزاع على مناطق الأطراف، يمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى النزاع حول الحدود في العالم العربي على النحو التالي:
1- الاستعمار الغربي والإجهاز على الدولة العثمانية:
الاستعمار هو السبب الرئيس في أزمة ترسيم الحدود بين الدول العربية، في ظل تضارب مواقفه من ترسيم حدودها، وإقرار حدود الدول ثم التراجع عنها وتغييرها وتعديلها، ما أدى إلى نشوب نزاعات.
أدت التقسيمات المختلفة من قوى الاستعمار لحدود البلدان العربية إلى تضارب الخرائط التي تتضمن حدوداً مختلفة للأقطار العربية؛ الأمر الذي يؤدي إلى تأجيج الصراع حول مناطق التماس، ففي جميع الصراعات حول الحدود يمتلك كل طرف وثائق وخرائط أقرت في حقب زمنية مختلفة تزيد من الأزمة وتصعب الوصول لحل، بسبب تمسك كل طرف بوجهة نظره، ومثال ذلك الجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي تسيطر عليها إيران، وكلا الطرفين لديه وثائق وخرائط بأن الجزر الثلاث جزء من أراضيه.
2- اكتشاف النفط وصراع الموارد:
أدى اكتشاف النفط في منطقة الخليج العربي إلى نزاع بين دول المنطقة المحيطة حول الحدود، بعد أن كان الأمر أكثر مرونة، ويتحدد طبقاً للنظام القبلي والعشائر التي تسكن هذه المناطق، وفقاً لما قاله د. نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي، وتنازعت قطر والبحرين عام 1930 على جزر حوار التي تسيطر عليها البحرين، وساعد اكتشاف منابع جديدة للنفط على استمرار النزاع لسنوات على الحدود البحرية بين البلدين، كما احتلت قطر جزيرة فشت الدبل الخاضعة للبحرين عام 1986، وفي السبعينيات حدث نزاع بين السعودية وقطر على منطقة خوفوس البرية الغنية بالنفط، كما كان هناك نزاع بين عُمان والإمارات والسعودية حول قرى واحة البريمي، وكان النفط ضمن أسباب النزاع العراقي الكويتي، إذ احتل العراق الكويت عام 1990 لمدة 7 أشهر، واتهم العراق الكويت قبل أيام من الحرب بينهما بأنها تقوم بالتنقيب غير الشرعي في حقول بترول تابعة للسيادة العراقية، وكذلك النزاع على المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية الذي حُل باتفاقية ديسمبر 2019.
ويعتبر الخلاف على الموارد المعدنية من أهم أسباب الخلاف في شمال المغرب العربي، وبين السودان ومصر.
3- النزاعات العرقية والقبلية:
لطالما انتشرت النزعة القبلية في مناطق الحدود بين الدول العربية، وتسبب ذلك في تعميق الخلاف بسبب التعصب، تستخدم هذه القبائل جذوراً تاريخية قديمة لإثبات تبعية الأرض لها، مثل نقاط الخلاف حول مثلث حلايب بين مصر والسودان، قبائل البشارية السودانية والعبابدة المصرية، إذ يؤكد السودان أن مثلث حلايب سوداني لأنه يسكنه قبائل سودانية، بينما ترفض القبائل المصرية هناك هذا القول.
الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنزاعات الحدود
لقد أدت تلك النزاعات الحدودية إلى مزيد من التفتت في جغرافيا الوطن العربي وإلى تمكن التدخلات الأجنبية وفرض الإرادات الخارجية على القرار السيادي للدول العربية حرصاً من كل دولة على كسب الجولات في نزاعاتها الحدودية مع بعضها بعضاً.
وإذا أضفنا أن تلك الصراعات كلفت الدول والإنسان العربي آلافاً من القتلى والجرحى والأسرى، وأدت إلى تهديم البنى التحتية في حروب وخسارة للاقتصاد والتنمية، ويكفي مثلاً حرب الخليج الثانية باحتلال العراق للكويت على نزاعات حدودية توهمية أدت إلى خسارة الدولتين مئات المليارات وتراجع الاقتصاد للدولتين، فضلاً عن القطيعة الاجتماعية، وتجذر الخوف والاحتراب المتوقع في المستقبل وتأثيره على الأجيال القادمة.
ومن الناحية الجغرافية السياسية، فإن تلك النزاعات هددت وتهدد الكيان السياسي للدول المتنازعة فيما بينها؛ مما يؤدي إلى انفصال أقاليم من تلك الدول بما يشكل كيانات سياسية جديدة ذات ثقل سياسي ضعيف وموارد ضعيفة تُستغل من أطراف خارجية للاستمرار في استنزاف الدول في حروب جديدة، إضافة إلى ما يترتب على ذلك من مشكلات اقتصادية واجتماعية على الكيانات السياسية الجديدة.
إن تلك الاحترابات الحدودية وضعت المنطقة العربية بشكل سيئ كبنية استثمارية اقتصادية للمستثمرين الدوليين والخارجيين وحتى للمستثمر المحلي بما يجعلها بنية طاردة للاستثمار، بل وهجرة رؤوس الأموال العربية لخارج المنطقة العربية بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي.
لقد خلفت تلك الصراعات أيضاً حركة نزوح وهروب لقوة سوق العمل إلى دول مجاورة أو دول غربية بما يفرغ المنطقة العربية من إمكانات ومهارات للاستثمار في السوق المحلية وبناء تنمية واقتصاد محلي قوي.
والسؤال: ما الحل؟!
إن اختزال قرن من الخلافات الحدودية بين دول عربية متباينة في نظامها السياسي متفاوتة في إرادتها الوطنية متخلفة في بنيانها السياسي سيكون ضرباً من الأحلام الوردية.
أصل المشكلة هو احترام مصير الإنسان العربي وتوفير الأمن والمعيشة الكريمة، إن غياب العدالة وحق الحياة الإنسانية الكريمة الجذر الحقيقي للنزاعات الاجتماعية التي تطورت إلى نزاعات سياسية لُبِست لباساً جغرافياً وطنياً لتغييب حقيقة الظلم والطغيان على الإنسان.
لقد أدى تراكم الاستئثار بالثروة بين طبقة صغيرة على حساب طبقات اجتماعية وقبلية وحضرية متعددة إلى تهديد الكيان السياسي والخروج من إطار سيادته إلى فضاءات جغرافية متنازعة حول السلطة والثروة والعدل والحرية تعتقد أن خلاصها بالنزعة العصبية أو القبلية أو العرقية أو نزعة المكان والإرث التاريخي.
إن ذلك شكَّل حكم الأقليات على حساب الأكثرية أو طغيان الأكثرية على حقوق الأقليات؛ لتستفز تلك النزاعات والمفارقات في إطار الاحتراب الجغرافي على خطوط التماس الحدودي الموهوم.
فالحل الأساسي الأول:
تمكين العدل وتوزيع الثروة وصيانة الإنسان العربي وكرامته ومعيشته.
الحل الثاني:
دراسة التجارب العملية الواقعية في العالم كالتجربة الأوروبية في اتحادها، أو التجربة الأمريكية في وحدة ولاياتها، أو دراسة نجاح لنموذج الأقاليم الماليزية ولأقاليم المملكة المتحدة، إنها تجارب حية وناجحة يمكن استلهام نموذج اقتصادي أو سياسي أو تنموي وحدويّ يرفع حالة التموقع والانفراد الوطني لحالة الجغرافيا المحلية؛ إذ تلغى معادلة الجغرافيا من أجل معادلة الإنسان، واستثمار الموارد في تجربة اقتصادية وحدوية أو نموذج سياسي تنموي.
الحل الثالث:
إلغاء ما يسمى بالجامعة العربية التي ولدت ميتة! والانطلاق نحو تجربة النموذج الإقليمي الممتد مرحلياً، فيمكن لدول شمال أفريقيا أن تتوحد في نموذج اقتصادي تنموي لاستثمار الموارد المشتركة وتعمير الأرض وبناء الإنسان.
كما يمكن لنموذج دول القرن الأفريقي ومصر والسودان تبنِّي هذا النموذج، مع إعادة دمج نموذج الشرق الأوسط العربي ودول الخليج في نموذج ثالث.
إن إطلاق مثل هذه النماذج يقلل من فرص الاحتراب الحدودي الإقليمي على الأقل، وينطلق نحو مشتركات وبرامج اقتصادية وتنموية.
الحل الرابع:
التركيز على مؤسسة اقتصادية عربية قوية بإنشاء بنك التنمية العربي لاستثمار الموارد وتسهيل التنمية، ولتتكامل القوة الاقتصادية في مناطق الصراعات الحدودية، بحيث يشكل حالة من النجاح بتوفير مشاريع تنموية وفرص عمل واستثمار جيد للموارد لدعم اقتصاد الدول العربية، ويتم تطوير حياة الإنسان العربي الذي لا تهمه الجغرافيا كثيراً كما تهمه حياته ومعيشته وكرامته؛ ليظل أهل الحكم في مستقر عروشهم، لكن ليمنحوا هذا البنك الإدارة والتمويل والدعم لتطوير مناطق النزاع الحدودي أو مناطق النزاعات الأهلية والعرقية وتحسين الحياة للاستقرار المعيشي والإنسان، ومنها تهدأ حروب الجغرافيا التي أبادت الإنسان العربي.
كل ذلك لا شك يحتاج إلى إرادة وريادة لعل القيادات الشابة الجديدة التي تحكم عالم العرب تتقدم برؤية ونموذج وحدوي أياً كان شكله لكنه يحل جزءاً من المشكلة.