أثارت تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية، بشأن وجود حراك جديد في مسار المصالحة الوطنية الفلسطينية، خاصة بعد أن منيت تلك الجهود بانتكاسة إثر إعلان السلطة عودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، علامات تساؤل عما هي تلك المسارات وجدواها؛ ليتبيّن أن تصريحات هنية تحمل في طياتها حراكاً جديداً في مسار المصالحة، وذلك بإعلان حركة “حماس” موافقتها للمرة الأولى على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية و”مجلس وطني”، بشكل متتابع وليس بالتزامن، كما كانت تشترط في السابق، بضمان تركيا ومصر وقطر وروسيا والأردن.
كما أكد هنية عزم حركته “تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، ليكون لنا الوطن الواحد، والشعب الواحد في الداخل والخارج، وقيادة واحدة، وسلطة واحدة، وحكومة واحدة، وقرارات تصدر عن مؤسسات قيادية جامعة لشعبنا الفلسطيني، وكل ذلك تحت شعار المصلحة الوطنية أولًا”.
وكانت “حماس” في السابق تشترط إجراء جولات الانتخابات الثلاث، بشكل متزامن، وهو ما تسبب في عرقلة مباحثات المصالحة، حيث كانت حركة “فتح” تطالب بإجراء الانتخابات “التشريعية” أولاً، يليها “الرئاسية”، ثم “المجلس الوطني”.
حرص وطني
وتعليقا على موقف “حماس” بإجراء الانتخابات بالتوالي، رأى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي أن حركة “حماس”، بهذا التوجه، تواصِل تقديم البراهين على حرصها الوطني، وهذه المرة وصلت بموافقتها على إجراء الانتخابات بالتتالي وليس التزامن، على عكس ما كانت تؤكد عليه دائما في حواراتها.
واعتبر الكومي في حديثه لـ “قدس برس” أن رسالة هنية للرئيس عباس كانت فرصة لاستئناف الحوار الوطني، وترميم آثار ما أحدثه الانقسام والخلاف في أولويات الفلسطيني وأجندته الوطنية.
وقال: “كثيرة هي الأسباب والدوافع -التي نعلمها أو لا نعلمها- قد تكون قادت حركة حماس إلى الخطوة المحشوّة بالتحديات، والتخلّي عن شرط تمسَّكت به طويلًا وهو التزامن للانتخابات، لكن ما نعلمه يقينيًّا أن في مقدمة هذه الأسباب هو أن الفلسطيني يعرف واجبه جيدًا”.
وأضاف: “نفترض أن حماس بتجربتها الطويلة في هذا المسار، استطاعت أن تؤمّن نفسها في التعامل مع أشخاص معتادين على خرق المراكب وتعطيلها، وأن تدفع في مواجهتهم بمواقف الشرفاء وإسنادها، حتى وجدت نفسها في مهمة معقَّدة داخل مهمة أكثر تعقيدًا، وهذه الخطوة تبدو محفوفة بالمخاطر -برأي كثيرين- انطلاقًا من دوافع الطرف الآخر أو عدم رغبته، لكنها مغامرة واجبة إذا كانت كفيلة بألا تُبعد الخيط عن رأس الإبرة، خاصة مع تصاعد التهديدات والمخاطر المحدقة بقضية الفلسطيني ووجوده”.
وتابع: “ستظهر الإجابات على ذلك في مدى صدق الرئيس محمود عباس في إجراء الانتخابات التي تلي التشريعية، وتحديدًا التي تخصّ منظمة التحرير وتعيد إصلاحها، ثم مدى فعالية الضمانة الدولية في هذه الحالة؛ لذلك يتبنى كثيرون الرأي القائل بأن الأصل أن نبدأ بالعنوان الأساسي وهو منظمة التحرير”.
الشارع متشائم
من جهته، شدد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن حركة “حماس” ترغب في إنجاز ملف المصالحة بأي شكل، دون التوقف أمام شروط هنا أو هناك.
وقال القرا لـ”قدس برس”: “الشارع الفلسطيني متشائم من إنجاز المصالحة، مستندًا للتجربة الطويلة من المماطلة والتسويف في ملف المصالحة والتي كان أخرها إدارة الظهر لمباحثات القاهرة، والذهاب نحو تعزيز العلاقة مع الاحتلال عبر التنسيق الأمني الذي أعلنت عنه السلطة الفلسطينية”.
وأضاف: “ارتهان ملف المصالحة للعلاقة مع الولايات المتحدة أو الاحتلال تسبب في تعطيلها وتأخرها.
واعتبر القرا أن الذهاب للانتخابات هو المخرج للوضع الفلسطيني الداخلي ومن إعادة تجديد الشرعيات.
وشدد على ضرورة البناء على لقاء الأمناء العامون للفصائل في بيروت واستمرار عقده لحين إعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن الضمانات التي أخذها هنية من 5 دول بأن يلتزم عباس خلال 6 شهور بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، كان مؤشرا إيجابيا لهنية جعلته يبادر بإرسال الرسالة إلى عباس.
وقال الدجني لـ”قدس برس”: “أفضل وسائل وخطوات إنهاء الانقسام تبدأ من عند الانتخابات وإعادة الاستحقاق للشعب الفلسطيني ليقرر من هي قيادته الجديدة”.
وأضاف: “هناك هجوم ممنهج على كل ما هو فلسطيني، ومواجهة ذلك يتطلب أن نكون بحجم الحدث وذلك من خلال الذهاب إلى المصالحة والانتخابات وتجديد الشرعية السياسية للشعب الفلسطيني”.
وأجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع عام 2006، وأسفرت عن فوز “حماس” بالأغلبية، فيما كان قد سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها محمود عباس.
وفي 16 و17 نوفمبر الماضي عقدت حركتا “حماس” و”فتح” في القاهرة لقاءات لبحث جهود تحقيق المصالحة الداخلية وإجراء الانتخابات العامة، لكن الجهود تعرقلت وتبادلت الحركتان الاتهامات بشأن الجهة المتسببة في تعطيلها.
وقالت حركة “فتح”، في 25 نوفمبر الماضي: إن حوارات المصالحة الفلسطينية لم تنجح بسبب خلافات مع “حماس” بشأن مواعيد إجراء الانتخابات.