حين تفرض عليك العزلة والعيش في وحدة تامة فسوف تصاب بأزمات نفسية متعددة، فكيف وقد رافقك في العزلة مرض كورونا الخطير الذي فتك بالكثيرين ممن تعرفهم؟
لا بد أن البقاء وحدك في حالة مفروضة كتلك سوف يسمح لعقلك بالتفكير السلبي قدر ما شاء، ونحن اليوم هنا لنضيء على بعض النقاط المهمة في التعامل مع تحديات تلك المرحلة الصعبة لا شك.
لن يكون وصول طبيب نفسي إلى كل المرضى أمرًا سهلاً، ولذلك فإن مريض كورونا، والمحيطين به أيضاً يلزمهم التواصل مع طبيب نفسي، لترتيب خطة العلاج، والسير وفق تعليماته قدر الإمكان، حفاظًا على الصحة والسلامة النفسية، ومنع التأثيرات السلبية التي قد يؤدي إليها التدهور النفسي لدى المريض.
ولأننا جميعاً مؤهلون لالتقاط عدوى كورونا والإصابة بالفيروس مهما كانت درجة حذرنا، فإننا بحاجة لجلسات توعية بكيفية الحفاظ على الصحة النفسية في حالة التقاط العدوى والخضوع للعزل الصحي.
هنا يجب أن ينتبه من يصاب بفيروس كورونا –وكلنا معرضون للإصابة به في هذه الأيام العصيبة– إلى:
1- فيروس كورونا يرغمك على البعد عن مجتمعك وأصدقائك، إذا أصبت به أو أصيب أحد أقاربك فلا تجازف بالتعامل معه وحدك، الجأ إلى طبيب أو مشفى لمساعدتك والزم استخدام المعقم واتخذ الاحتياطات الطبية والصحية المفروضة، كيلا تكون سبباً في عدوى آخرين.
2- يستحيي الكثيرون من التصريح بأنهم مرضى كورونا أو يخفون الأمر لاعتبارات مختلفة –أياً كانت هذه الاعتبارات– إلا أن المرض لا يعيب صاحبه؛ لأنه ابتلاء من الله وليس أمراً معيباً، إذا أصبت بالمرض وانتقلت إليك عدوى كورونا، فلأنه مرض خطير وجب إعلام المحيطين والمخالطين وإلا أصبح الوضع كارثيًا.
3- قد تتدهور الصحة النفسية بسبب البعد عن الأصدقاء والعائلة، لذلك يفضل الانشغال بشيء ما وعدم التفكير في التباعد الاجتماعي المفروض، كالاستغفار والذكر والصلاة على النبي، أو قراءة القرآن، أو كتب أخرى كذلك، والتواصل عبر الهاتف قدر الاستطاعة.. إلخ.
4- من الطبيعي أن تشعر بالقلق والإرهاق والملل والارتباك أو حتى الحزن، فتصعب عليك نفسك ربما، لكن تذكر أنك إن فقدت صحتك فلن ينفعك شيء آخر، ركز في الإيجابيات التي تساعدك على تجاوز المرحلة وليس في سلبياتها.
5- قد يكون لديك يقين بأنك ربما تفقد وظيفتك أو يتدهور وضعك الاقتصادي بسبب ما تمر به وبسبب تأثير فيروس كورونا على الوضع الاقتصادي عمومًا، لا تنس أن الرزاق قبل كورونا وبعدها وخلالها هو الله، وليس مجهودك العضلي أو الذهني وحده، ثم ركز تفكيرك على تخطي الأزمة وأنت بصحة جيدة لكي تستطيع العودة لعملك وإنجازك.
6- حين تقلق على فوات أوان أشياء طالما انتظرت حلولها، ولكن المرض يقعدك عن مواصلتها، أو يمنعك عن دخول امتحان أو الالتحاق بفرصة أو السفر إلى مكان ما في وقت محدد ما، لا بد أنك تؤمن بأن الخير فيما يختاره الله سبحانه، لذلك لا ترهق نفسك –التي أرهقها المرض أساساً– في التفكير فيما ليس بيدك حله أصلاً.
7- قد يدور ببالك سؤال طالما خطر على عقول وأذهان الكثيرين ممن يبتليهم الله بمرض أو ظرف، فتقول: لمَ أنا تحديداً؟ تأكد أن الله اختارك لحكمة، قد تكون تلك الحكمة راحة لك إن علمتها لكن إيمانك بها مع سريتها يرفعك درجات مع ما يرفعك إياه المرض، وبمنطقنا البشري القاصر نقول: قد تكون الحكمة أن ترتاح قليلاً وتحصل على استراحة محارب، أو أن تجهز نفسك أكثر، أو أن تقي نفسك شراً محدقًا كان لا بد صائبك!
8- يخاف أكثر مرضى كورونا على من يحبونهم وعلى المقربين منهم المحيطين بهم من العدوى والأذى وحمل الهم، يكفي أن تعلم أن جميع المحيطين بك يتمنون شفاءك ويفرحون إذا علموا أنك بخير ومستمر بالتحسن، لذلك اعتن بنفسك وابتعد عن القلق والخوف قدر الإمكان وإذا استمر خوفك على أحبتك فادع الله أن يحفظهم.
9- قد تسوء صحتك كثيراً ولا تستطيع التواصل مع المحيطين أو استخدام التكنولوجيا أو التركيز في الهاتف والتلفاز أو القراءة، وهذا وارد جدًا مع مرضى كورونا، يفقد البعض حواسه والبعض يفقدون قدرتهم على التنفس، وهذا الأمر يمكن تجاوزه بالتسليم بقضاء الله وعدم تحميل نفسك فوق طاقتها إيمانا بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك، كما يمكنك أن تشغل لسانك بذكر الله هروبا من الأفكار السلبية، أو محاولة الخلود إلى النوم حتى يتيسر الأمر.
________________________
(*) بصائر تربوية.