نقلت وكالة رويترز أن المبعوث الأميركي الجديد الخاص بإيران روبرت مالي، تحدث مع مسؤولين أوروبيين لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، بينما تنصلت الحكومة “الإسرائيلية” من تصريحات، اعتبرت مستفزة، لأحد قادتها العسكريين عن نية الإدارة الأميركية العودة للاتفاق.
فقد قال مصدران مطلعان، أمس الجمعة لوكالة رويترز، إن المبعوث الأميركي لإيران تحدث مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا يوم الخميس، لبحث سبل إحياء الاتفاق النووي الموقّع مع إيران عام 2015، بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منه.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي إن مالي يحاول الإلمام بالملف وتقييم ما يفكر فيه الأوروبيون، في حين أكد المصدر الثاني إجراء المحادثة لكنه لم يقدم تفاصيل.
ووقعت إيران مع 6 قوى عالمية كبرى الاتفاق المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، ويُلزم طهران بكبح برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى، لكن ترمب انسحب من الاتفاق عام 2018 وأعاد فرض العقوبات على طهران، مما حدا بإيران إلى انتهاك بنود الاتفاق بما شمل تخصيب كميات أكبر من اليورانيوم إلى مستويات نقاء أعلى مما نص عليه الاتفاق.
وقد أكدت واشنطن الجمعة تسمية روبرت مالي، صديق طفولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن ورئيس مجموعة الأزمات الدولية “مبعوثا خاصًا لإيران“.
وعمل مالي مستشارا في البيت الأبيض، وكان أحد المفاوضين الرئيسيين في الاتفاق الهادف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية، الذي أبرِم في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وأعلن مسؤول في الخارجية الأميركية الجمعة أن مالي “يضفي على هذا المنصب نجاحاته السابقة في المفاوضات بشأن القيود على البرنامج النووي الإيراني”، مؤكدا أن وزير الخارجية لديه الثقة بأن مالي وفريقه سيتمكنون من التوصل إلى هذه النتيجة مرة أخرى.
وحتى قبل تسميته رسميا، حظي اسم روبرت مالي بترحيب عدد من الخبراء والدبلوماسيين، لكنّ اختياره، وفي انعكاس للانقسام العميق في الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة، أثار غضب أوساط الصقور من اليمين المحافظ.
وكتب السيناتور الجمهوري توم كوتون في 21 يناير في تغريدة “من المثير جدا للاستياء أن يفكر الرئيس بايدن باسم روبرت مالي لقيادة السياسة الإيرانية“.
وحذّر السيناتور من أن “مالي معروف بتعاطفه مع النظام الإيراني وعدائيته تجاه إسرائيل”، معتبرا أن المسؤولين في إيران “لن يصدقوا مدى حسن حظهم إذا ما عيّن” مالي.
واتخذت شخصيات أخرى مناهضة بشدة للاتفاق النووي الإيراني موقفًا مماثلا أيضا.
“إسرائيل” تتنصل
وقالت الإذاعة العبرية الرسمية إن تصريحات رئيس هيئة الأركان العسكرية أفيف كوخافي، المتعلقة بنية الإدارة الأميركية العودة إلى مسار الاتفاق النووي ومنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، لم يتم التنسيق بشأنها مسبقا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بيني غانتس.
وذكرت الإذاعة أن تصريحات كوخافي كانت محاولة لإرسال رسائل إلى إيران والإدارة الأميركية الجديدة والرأي العام “الإسرائيلي” بأن “الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لشن هجوم يطيح بالمشروع النووي الإيراني”.
وكانت جهات أمنية وسياسية “إسرائيلية” قد انتقدت تصريحات كوخافي واعتبرتها استفزازا للإدارة الأميركية وإهانة لرئيسها، كما رأت فيها محاولة من جانب نتنياهو لعرقلة جهود بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال إنه إذا عادت طهران “إلى الالتزام” بالاتفاق فإن واشنطن ستقوم بالمثل، وسوف تسعى عندئذ إلى التوصل إلى اتفاق أوسع نطاقا يغطي أيضا سعي إيران إلى تطوير صواريخ باليستية ودعم قوات تعمل لحسابها بالوكالة في العراق وسوريا واليمن وأماكن أخرى.
وتصرّ إدارة بايدن على أن تستأنف إيران التزاماتها الواردة في الاتفاق، وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس الجمعة إن من الأولويات القصوى والمبكرة لإدارة بايدن التعامل مع أزمة متصاعدة مع إيران، مع اقترابها من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لامتلاك سلاح نووي.
وأضاف سوليفان لبرنامج على شبكة الإنترنت يرعاه المعهد الأميركي للسلام “من وجهة نظرنا، إحدى الأولويات المبكرة المهمة ينبغي أن تكون التعامل مع ما تُعدّ أزمة نووية متصاعدة، مع اقتراب (إيران) شيئا فشيئا من الحصول على مواد انشطارية تكفي لإنتاج سلاح (نووي)“.
في حين تجادل طهران بأن واشنطن هي التي انسحبت من الاتفاق وعليها أن تعود إليه قبل أن تطلب من إيران ذلك.
وقال وزير خارجية إيران -محمد جواد ظريف- إن الاتفاق النووي وقعت عليه بلاده ومجموعة “5+1″، وصدّقت عليه الأمم المتحدة، وإنه لا يمكن إضافة أي ملف إلى الاتفاق لم يكن مدرجا فيه.
وقال مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الجمعة، إن ملف التفاوض بشأن الاتفاق النووي أغلق، مؤكدا أن موقف بلاده واضح ولن يتغير، وأنه لا فرق لدى طهران بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الحالي جو بايدن.
وأعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن اعتقاده أن إدارة بايدن ستعمل على مواجهة التحديات في المنطقة بشكل واضح، مشيرا إلى حوار سيكون مع الجانب الأميركي بشأن تلك التحديات التي اعتبر أن من بينها أنشطة إيران وبرنامجها النووي.