«إن نساء الأويغور لم يعدن آلات لإنجاب الأطفال، بل اكتسبن قدراً أكبر من الثقة والاستقلالية، نتيجة سياسات الصين تجاه الأويغور والقضاء على التطرف، التي مكنت من تحرير النساء، وعززت المساواة بين الجنسين»، كان هذا نص تغريدة نشرتها السفارة الصينية لدى واشنطن، الخميس 7 يناير 2021م، تدافع عن سياسات الحزب الشيوعي تجاه مسلمي تركستان الشرقية، وهي تغريدة أثارت غضباً واسعاً باعتبارها تحمل إساءة لنساء الأويغور، وتجميلاً للانتهاكات الصينية بحق مسلمي تركستان الشرقية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف هو واقع النساء المسلمات في تركستان الشرقية؟
فتغريدة السفارة الصينية توحي بأن الانخفاض الملحوظ في أعداد مواليد الأويغور هو نتيجة تحرر النساء، وليس نتيجة التعقيم القسري، وسبق أن أشار تقرير لحكومة إقليم «شينجيانج» إلى انخفاض المواليد الجدد خلال عام 2018م في الإقليم بنسبة الثلث.
النساء يتم حقنهن بالإجبار بأدوية تسبب فقدان الذاكرة والعقم ضمن سياسة وقف نسل الإويغور
لكن معتقلات سابقات كشفن أنه يتم حقن النساء بالإجبار بأدوية تسبب فقدان الذاكرة والعقم ضمن سياسة وقف نسل الأويغور والقوميات المسلمة الأخرى في تركستان، داخل معسكرات الاعتقال أو «مراكز إعادة التأهيل» بحسب الصين، التي منذ ظهورها لم تسلم النساء منها، إذ تم جر عشرات الآلاف منهن للاعتقال فيها، ويتعرضن للتعذيب وغسيل الدماغ أولاً لمسح الهوية الإسلامية، ثم تدريبهن على حرف ليتم استخدامهن كعمالة مجانية في المصانع الصينية التي أنشئت خصيصاً داخل المعسكرات أو بجوارها.
خارج المعسكرات أيضاً، خضعت مسلمات لعمليات تعقيم قسرية لمنع الإنجاب مجدداً، وفرضت على بعضهن غرامات مالية علماً بأن لديهن طفلين أو ثلاثة أطفال.
إعادة تأهيل!
في أوائل يناير الماضي، نشر أحد رجال الأعمال الصينيين مقطعاً مصوراً من داخل مصنعه وهو فخور أن نحو 200 من نساء الأويغور المسلمات يعملن لديه منذ عامين ونصف عام، وأن منتجات المصنع يتم تصديرها إلى أوروبا.
الملاحظ في مثل هذه المقاطع سواء فيديو صاحب المصنع أو المقاطع التي وثقها صحفيون أو ناشطون تمت دعوتهم من قبل الصين لزيارة المراكز بحجة أنها لإعادة التأهيل وليست للاعتقال، أن القاسم المشترك فيما بينها جميعاً هو إجبار النساء المسلمات على عدم ارتداء الحجاب، بل إجبارهن على إقامة حفلات رقص سواء في الشوارع أو المسارح أو حتى داخل المساجد التي تحولت إلى مراقص.
داخل هذه المعسكرات، يعرض على المعتقلين نساء ورجالاً مقاطع للرئيس الصيني، وإجبارهم على كتابة عبارات له باعتباره هو الذي يرعاهم، والتعبير عن ندمهم وتعهد بإرسال أولادهم إلى المدارس الصينية، وإظهار أن الإسلام كعقيدة حرمهم من العيش جيداً في السابق، بحسب ما كشفته «جولبهار جليل»، وهي معتقلة سابقة في هذه المعسكرات.
موظفون غير مسلمين يقيمون ببيوت المسلمين لكتابة تقارير حول معتقداتهم
قبل مدة، التقيت «رقية فرحات»، وهي أويغورية، اعتقلت هي وأطفال جيرانها؛ لأنها كانت تعلمهم القرآن، تم اقتيادهم إلى السجن، وخلال الاستجواب مات 3 منهم، فتم جرهم في أكياس بلاستيكية، لتقضي «رقية» 4 سنوات في السجن رهن التعذيب بصنوف مختلفة، منها السجن المائي؛ إذ يتم إنزالها تحت الماء لنحو 5 ساعات يومياً وتبقى على قيد الحياة من خلال التنفس عبر خرطوم موضوع على أنفها وموصول أعلى الماء، كانت عقوبتها 9 سنوات قضت منها أربعاً وأُخرجت لمرضها الشديد.
النساء خارج السجون ومراكز إعادة التأهيل لسن أحسن حالاً؛ فالفتيات منهن يتم إجبارهن على الزواج من غير المسلمين، وإلا فمصيرها وعائلتها للمعتقل، أما المتزوجات فمعاناتهن لها شكل آخر، فحتى وإن كان أزواجهن بالمعتقل، فهن يُجبرن على فتح بيوتهن أمام الموظفين الصينيين للإقامة فيها ضمن «نظام القرابة»؛ إذ يقيم موظفون غير مسلمين في بيوت المسلمين لفترات مختلفة، يكتبون خلالها تقارير حول هذه الأسر، وما إذا كان لديها أي اعتبارات إسلامية، فمجرد التعبير عن الإسلام يقود صاحبه إلى معسكرات الاعتقال، كما تحرم كثيرات منهن من أطفالهن الذين خصصت لهم أيضاً معسكرات إعادة تأهيل لـ»تصيينهم» منذ الصغر.