يقدم يوسف النصيري (23 عاما)، مهاجم المنتخب المغربي لكرة القدم ونادي إشبيلية الإسباني، مستويات رائعة على مستوى المنتخبات والأندية، بات معها محط أنظار العديد من أندية “القارة العجوز”.
هذا التألق الملفت جعل عشاق لـ”الساحرة المستديرة” يضعونه في مقارنات مع بعض من أبرز لاعبي العالم، أمثال الأرجنتيني ليونيل ميسي، والأوروجوياني لويس سواريز، والفرنسي كريم بنزيما.
النصيري ولد ونشأ في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة بمدينة فاس وسط المغرب، في 1 يونيو/ حزيران 1997، وبدأ لعب كرة القدم وهو طفل في أزقة المدينة التاريخية.
** بداية صعبة
بداية النصيري مع كرة القدم لم تكن سهلة، وعبر عنها بنشر صورة وهو في طفولته مرتديا ملابس رياضة متواضعة إلى جانب صورة أخرى توثق تتويجه ببطولة كأس الدوري الأوروبي.
وأرفق الصورتين بتلك العبارات: “أن تحقق أشياء جيدة في حياتك أمر جميل، لكن أن تحققه متجاوزا جميع أنواع العراقيل، يجعله أجمل، فخور ببداياتي الأولى وبما أنا عليه اليوم. سأواصل العمل لكي أسعد الأشخاص الذين لم يبخلوا بثقتهم في إمكانياتي”.
ولخص وصفته للنجاح بقوله: “لا تترك شيئا ولا أحدا يحبط عزيمتك في طريقك لمستقبل أفضل.. العمل الجاد، الاستمرار، التواضع والالتزام بالواجبات.. ليس هناك طريق آخر”.
ومنذ صغره، أظهر النصيري موهبة كبيرة أهلته للعب والتدرج في الفئات السنية لـ”المغرب الفاسي”، أبرز أندية مدينة فاس.
ومع تألقه المثير، ضمه مسؤولون رياضيون، في 2011، إلى أكاديمية محمد السادس المتخصصة في اكتشاف المواهب الكروية.
** تطور مستمر
تطور كبير ومستمر شهده مستوى النصيري داخل الأكاديمية، ما جعله محط أنظار أندية أوروبية حاولت الظفر بخدماته.
وهو ما حدث بالفعل في 2015، عندما تلقى عرضا من نادي “ملغا” الإسباني، ووقع معه عقدا لعب بموجبه موسمين في صفوفه، سجل خلالهما 5 أهداف فقط.
غير أن انتقاله إلى “ليغانس” الإسباني أتاح له فرصة أكبر للتألق، فسجل 13 هدفا في موسمين.
تألق النصيري أثار إعجاب مدرب المنتخب المغربي آنذاك، هيرفي رونار، فضمه لقائمة اللاعبين المشاركين في نهائيات كأس العالم في روسيا سنة 2018.
ولعل الرأسية المتقنة التي أحرزها النصيري في شباك حارس المنتخب الإسباني، ديفيد دي خيا، هو أبرز أهدافه مع “أسود الأطلسي”. وفي تلك المباراة، تقدم المغرب مرتين، وأدرك “الماتادور” الإسباني التعادل، لتنتهي بهدفين لكل منتخب.
وبالرغم من صغر سنه، إلا أن النصيري حاليا هو ثالث هدافي منتخب المغرب، خلف كل من حكيم زياش، نجم تشلسي الإنجليزي، ويوسف العربي، لاعب أولمبياكوس اليوناني.
وتعد سنة 2020 بداية التوهج الأكبر له، ففي يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، انتقل إلى نادي إشبيلية مقابل 25 مليون يورو، ليبدأ فصلا جديلا من التألق في الدوري الإسباني الممتاز (الليغا).
وفي عامة الأول مع إشبيلية، فاز النصيري بلقب الدوري الأوروبي، ثم حقق وصافة كأس السوبر الأوروبي، إثر خسارة من بايرن ميونخ الألماني، بطل دوري أبطال أوروبا.
** منافسة النجوم
لم يكتف النصيري بما حققه في موسمه الأول مع إشبيلة، فدخل في الموسم الثاني في سباق مع عدد من أبرز نجوم الكرة في العالم، مثل ميسي (برشلونة)، وسواريز (أتليتكو مدريد)، وبنزيما (ريال مدريد)، على جائزة هداف الدوري الإسباني.
وهو سباق اعتلى فيه النصيري قائمة الهدافين مؤقتا، قبل أن يحتل المركز الثاني برصيد 13 هدفا، بالتساوي مع ميسي، خلف سواريز، المتصدر بـ16 هدفا بعد الجولة الـ22، وهو ما يزيد من احتدام المنافسة على جائزة الهداف.
وسجل النصيري ثلاثة أهداف (هاتريك) في مباراتين متتاليتين أمام قادش وريال سيسيداد، ما جعل منه أول لاعب في تاريخ النادي الأندلسي يسجل هذا الإنجاز على ملعب الفريق في “الليغا” منذ غييرمو كامبانال عام 1940.
وهو إنجاز أعقبه فوز اللاعب بجائزة يناير/ كانون الثاني الماضي في الدوري الإسباني، متفوقا على كل من سواريز، وفرينكي دي يونج (برشلونة)، وتوني كروس (ريال مدريد)، وسيرجيو كاناليس (ريال بيتيس)، وروجر مارتي (ليفانتي) وباو توريس (فياريال).
وبينما غادر النصيري المغرب بأقل من 126 ألف يورو للاحتراف في إسبانيا، تتجاوز قيمته السوقية حاليا 50 مليون يورو.
كل هذا التطور والتألق من لاعب عربي في الملاعب الأوروبية ولم يتجاوز النصيري بعد عامه الثالث والعشرين، وهو ما يبشر بمسيرة رائعة للغاية تنتظر تلك الموهبة الكروية المغربية.