يبدو أن حركة النهضة التونسية قررت اللجوء للشارع؛ لإظهار قوتها بعد العرض الهزيل الذي قدمته المعارضة، وكذلك أنصار الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي لم يتعدَّ بضع مئات نزلوا للشارع مع ما رافق ذلك من فوضى ونهب وسرقة.
وقد أكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي، عقب اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة هشام المشيشي مع ممثلين عن حركة النهضة وقلب تونس، مساء الخميس الماضي، بقصر الحكومة بالقصبة، أكد عزم الحركة وأنصارها اللجوء للشارع، لكنه لم يحدد موعداً لذلك.
جاء الإعلان باللجوء للشارع بعد رد المحكمة الإدارية على استشارة المشيشي بخصوص اليمين الدستورية وتأكيدها عدم الاختصاص
وجاء الإعلان باللجوء للشارع بعد رد المحكمة الإدارية على استشارة المشيشي بخصوص اليمين الدستورية وتأكيدها عدم الاختصاص، وأن ذلك من صلب مهام المحكمة الدستورية.
وقال العيادي: إن اللقاء بحث مستجدات أزمة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد الذين منحهم البرلمان الثقة مؤخراً ولمناقشة الخيارات بخصوص الأزمة الحالية، وذلك وسط طروحات كثيرة من بينها طلب استقالة المشيشي، كما ورد على لسان القاضي السابق بالمحكمة الإدارية أحمد صوابي: “الحل الوحيد لحماية الانتقال الديمقراطي والدستور هو استقالة المشيشي”.
ووصف صوابي قرار المحكمة الإدارية الاستشاري بأنه “مخجل ويمثل خطوةً إلى الوراء”، وأنه كان يتوجب على المحكمة الإدارية إبداء رأيها في الأزمة السياسية الحالية، وذلك بعد أن أجابت رئيس الحكومة بعدم الاختصاص حول الاستشارة التي تقدم بها إليها بخصوص أزمة أداء اليمين الدستورية.
قاض سابق بالمحكمة الإدارية: الحل الوحيد لحماية الانتقال الديمقراطي والدستور هو استقالة المشيشي
“النهضة” تدعو للحوار مجدداً
رغم أن قرار النزول للشارع قد تم اتخاذه، ولم يُحدد له موعد، فإن الحركة أكدت، في بيان لها مساء الخميس الماضي، حصلت “المجتمع” على نسخة منه، أن الحوار الجدّي والمسؤول بين الأطراف المعنيّة هو الآلية الوحيدة الكفيلة بحل الأزمة المتعلّقة بمسألة التحوير الوزاري الذي أدخله هشام المشيشي على حكومته”.
وشددت، في البيان الصادر عن مكتبها التنفيذي المنعقد، على ضرورة تكامل عمل كل هياكل الدولة، وأهمية العلاقة البناءة بين مختلف مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية بما يؤهلها لمجابهة كل استحقاقات المرحلة الصعبة ويبعدها عن المناكفات السياسيّة”.
جهود لرأب الصدع
النهضة”: الحوار الجدّي والمسؤول بين الأطراف المعنيّة هو الآلية الوحيدة الكفيلة بحل الأزمة”
وأعربت الحركة عن تقديرها لكل الجهود الخيّرة التي ما فتئت تبذلها منظمات وأحزاب وشخصيات وطنيّة من أجل تجاوز الأزمة السياسيّة التي تعيشها البلاد في المدّة الأخيرة، معبرة عن أملها في أن تتعزّز جهودهم في قادم الأيام بما يحفظ التجربة الديمقراطيّة ويزيدها صلابة ويعزّز فاعليتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وثمن البيان الاتفاق المبرم بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل الذي تمّ بمقتضاه تفعيل الاتفاقيات السابقة بقطاع الوظيفة العمومية، وكذلك لقرار الترفيع في السقف السنوي لاسترجاع مصاريف الأمراض العادية للمنخرطين بالصندوق الوطني للتأمين على المرض، وأن الحركة تأمل في أن تأخذ كل الاتفاقيات المبرمة في جميع القطاعات طريقها إلى التنفيذ للحد من تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين.
وكان المكتب التنفيذي لحركة النهضة قد عقد اجتماعه الدوري برئاسة رئيس الحركة راشد الغنوشي، خصّصه لمتابعة تطوّرات الأزمة السياسيّة الناجمة عن تعطيل تفعيل التحوير الوزاري الأخير، كما استعرض مستجدات الوضع الاجتماعي والاقتصادي وما يعيشه من صعوبات وتحدّيات، إلى جانب عدد من المشاغل الحزبيّة الداخليّة.
دعم حكومة المشيشي
المرزوقي: لا حل اليوم للأزمة إلا بهدنة سياسية توقف كل صراع حول صلاحيات واضحة المعالم في الدستور
ورغم دعوات لاستقالة رئيس الحكومة، فإن المكتب التنفيذي لحركة النهضة جدد دعم رئيس الحكومة المشيشي وعدم القبول بأي استقالة للحكومة، وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي لإذاعة موزاييك الخاصة.
وقال العيادي: إن المسيرة التي سيتم تنظيمها دعماً للدستور والبرلمان لم يتم تحديد تاريخها بعد، وليست لها علاقة بالرئيس قيس سعيّد.
أما نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة مختار اللموشي، فقد دعا رئيس الحكومة إلى ضرورة التمسك بوزرائه الجدد البالغ عددهم 11، والمُضيّ في خياره وعدم الأخذ بقراءة رئيس الجمهورية قيس سعيّد.
ونبّه اللموشي إلى خطورة التسليم بقراءة الرئيس سعيد، قائلاً: لو قبلنا بذلك فستُخلق عديد الأزمات في المستقبل في علاقة بتعيين الولاة وقبول سعيد أدائهم اليمين الدستورية وإمضائه على القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان.
وأضاف: حجّة سعيّد في الاعتراض عن دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية هي الفساد، لكنّه لم يعط أسماء؛ وبالتالي رئيس الجمهورية يريد لِبَاس جُبّة القاضي ورئيس الحكومة من خلال اختيار الوزراء وجبة البرلمان بعدم تمرير أي شيء قبل استشارته.
هدنة سياسية
إلى ذلك، دعا رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي إلى هدنة سياسية وقال: إن البلاد تتخبط في وضعية غير مسبوقة تضافرت عليها ثلاث أزمات في الوقت نفسه؛ وهي الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء كورونا، والأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تسارع انهيار الطبقة الوسطى نحو الفقر، والتهديد المتزايد للدستور ومؤسساته وتصاعد الاحتقان السياسي بين كل الأطراف، على حد تعبيره.
وأكد المرزوقي أن لا حل اليوم للأزمة إلا بهدنة سياسية توقف كل صراع حول صلاحيات واضحة المعالم في الدستور –على الأقل حتى انتهاء الأزمة الصحية– وعدم تضييع مزيد من الوقت في سجالات لا طائل من ورائها لأحد وخاصة للبلاد، وإنهاء الخلاف الحالي بخصوص تركيبة الحكومة يحفظ ماء الوجه للجميع، ويمكّن هذه الحكومة من التفرغ لأهم مهامها؛ أي محاربة الوباء وتخفيف المعاناة الاقتصادية عن الشعب.