الدليل الأولي على أن لقاح أكسفورد/أسترازينيكا لم يقدم سوى حماية ضئيلة ضد الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من كوفيد – 19 المتحور الذي تم رصده لأول مرة في جنوب إفريقيا، جعل العالم يركز على التهديد الذي تشكله الطفرات.
أصبحت المتحورات منتشرة بشكل متزايد حيث انتشر فيروس سارس-كوف -2 حول العالم وأصاب أكثر من 100 مليون شخص. بعض الطفرات جعلت الفيروس أكثر عدوى وأكثر قدرة على الهروب من الحماية المناعية التي توفرها اللقاحات والعدوى السابقة.
كانت دراسة جنوب إفريقيا صغيرة نسبيا ولم تقيم تأثير التطعيم في المرض الشديد أو الوفيات، لكن النتائج أقنعت حكومتها بالفعل بوقف تطبيق حقنة أكسفورد/أسترازينيكا.
ما الطفرات التي تسبب المشكلات؟ مثل B.1.1.7 “متحور كينت” في المملكة المتحدة، فإن المتحور 501.V2 الذي تم تحديده لأول مرة في جنوب إفريقيا يحتوي على نحو 20 تغييرا جينيا عن الأشكال السابقة لفيروس سارس-كوف -2. الفيروس الأكثر إثارة للقلق يسمى E484K – ويلقب بـ”إريك” Eric أو “إيك” Eek. يغير هذا المتحور سطح البروتين الشوكي الذي يستخدمه الفيروس لدخول الخلايا البشرية. هذا التغيير في الشكل يجعل من الصعب على الجهاز المناعي التعرف على الفيروس والقضاء عليه، إذا تم تدريبه بواسطة لقاحات تستند إلى أشكال سابقة.
توجد طفرة E484K نفسها في متحور P.1 الذي أدى إلى زيادة انتشار كوفيد – 19 في البرازيل. لم يتم العثور عليه في الأصل في متحور كينت الذي أصبح الشكل السائد لسارس-كوف -2 في المملكة المتحدة منذ الخريف، لكن أخيرا تم اكتشاف بعض حالات B.1.1.7 إضافة E484K في جنوب غربي إنجلترا.
بصرف النظر عن قدرته المتزايدة على الهروب من تعرف الجهاز المناعي عليه، فإن E484K يجعل سارس-كوف -2 أكثر عدوى من خلال الدخول إلى منطقة قريبة من “المستقبل” الفيروسي في الخلايا البشرية. ولا يعرف ما إذا كان يؤدي إلى مرض أكثر خطورة أم لا.
هل يمكننا توقع تطور متحورات أكثر خطورة بسرعة أكبر؟ كما قال البروفيسور جون إدموندز من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي “المشهد المناعي للفيروس يتغير مع إصابة المزيد من الناس بالعدوى والتطعيم ضده”.
خلال المرحلة الأولى من الوباء في النصف الأول من 2020، كان فيروس سارس-كوف-2 ينتشر خلال مجموعة سكانية لم تكن معرضة للفيروس في السابق، لذلك كان هناك ضغط دارويني ضئيل على الفيروس لتطوير طفرات لتجنب انتباه الجهاز المناعي. لقد تغير هذا الآن.
يقول علماء الأوبئة إن لحظة الخطر الأقصى قد تأتي في غضون الأشهر القليلة المقبلة عندما يصاب عدد أكبر من الناس أو يتم تطعيمهم لكن مع ذلك لا يزال كثير منهم غير محميين. ثم سيكون هناك ما يكفي من انتشار العدوى في المجتمع لتوليد متحورات جديدة ومناعة كافية لإيجاد ميزة للمتحورات التي يمكن أن تفلت.
ما مدى سرعة تكييف اللقاحات مع متحور جديد؟ أدى التهديد الذي تشكله المتحورات الجديدة إلى الضغط على مصنعي اللقاحات للاستعداد لتكييف لقاحاتهم. مدى سرعة القيام بذلك يعتمد على عملية التطوير والتصنيع والتنظيم لكل حقنة.
قالت شركة موديرنا الشهر الماضي إنها ستبدأ تجارب على معزز جديد مصمم لاستهداف سلالة 501.V2 بعد أن اكتشفت أن لقاحها أدى إلى إنتاج مستويات أجسام مضادة أقل ست مرات بالنسبة للمتحور مقارنة بالسلالات السابقة للفيروس.
ستيفان بانسل، الرئيس التنفيذي لموديرنا، قال لـ”فاينانشيال تايمز”: “لا يمكننا أن نتحرك الآن (…) الأمر سيستغرق شهورا حتى نجهز (اللقاح) التالي في حال احتجنا إليه”.
سيكون لقاح موديرنا، الذي يعتمد على تكنولوجيا الرنا المرسال mRNA، مثل لقاح فايزر/بيونتك، أسهل في التكيف مع المتحورات الجديدة من اللقاحات القائمة على الفيروس الغدي واللقاحات القائمة على البروتين، التي تتطلب زراعة الخلايا لأسابيع، مثل لقاح أكسفورد/أسترازينيكا. اعترف مين بانجالوس، نائب الرئيس التنفيذي للبحث والتطوير في مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية في أسترازيكا، بأن لقاحات الرنا المرسال “تتمتع بميزة 4-6 أسابيع” لهذا السبب.
أضاف بانجالوس أن الأمر سيستغرق من شهر إلى ثلاثة أشهر قبل أن تصبح النماذج الأولية للقاح أكسفورد/أسترا زينيكا جاهزة ويمكن أن تبدأ التجارب السريرية الجديدة. كان الهدف هو أن يكون لدينا مرشح يستهدف “جميع المتحورات الرئيسة المنتشرة”. قال البروفيسور أندرو بولارد، من جامعة أكسفورد، إن لقاحا جديدا قد يكون جاهزا بحلول الخريف.
أسفرت المناقشات مع المنظمين عن التزامات فضفاضة بقبول الدراسات المضغوطة دليلا على سلامة وفعالية تركيبات اللقاحات الجديدة. على الرغم من استمرار الجدل حول ما تشمله هذه التجارب بالضبط، إلا أن فايزر قالت إنها تأمل في إكمال أي دراسات ضرورية في غضون 100 يوم.
كم عدد المصابين بالمتحور V2.501؟ في جنوب إفريقيا، يمثل 501.V2 ما لا يقل عن 80 في المائة من الحالات الجديدة وقد تم اكتشافه في 32 دولة حول العالم. مع ذلك، اختبارات كوفيد – 19 الرئيسة المستخدمة عالميا لا يمكنها اكتشاف تسلسله الجيني، وبالتالي فإن الأرقام الإجمالية غير معروفة.
في المملكة المتحدة تم تحديد 147 حالة من خلال عملية عشوائية حيث يتم إرسال 5-10 في المائة من اختبارات مسحة كوفيد – 19 للتسلسل الجيني. الآن، تم طرح “اختبار الطفرة” في أكثر من عشرة أحياء حيث تم العثور على بديل لتحديد المزيد من الحالات. يطلب من كل مقيم الخضوع للاختبار، سواء ظهرت عليه أعراض أم لا، ويتم إرسال جميع العينات للتسلسل الجيني، الذي يستغرق أكثر من أسبوع.
وضعت البارونة ديدو هاردينج، رئيسة برنامج الاختبار والتتبع في المملكة المتحدة، هدفا طموحا لخفض الوقت المستغرق لإجراء هذا التسلسل إلى النصف عند التحدث إلى النواب الأسبوع الماضي.
قالت: “بينما نتحدث اليوم، يستغرق التسلسل الجيني نحو ثمانية أيام. نحن نتطلع إلى (…) تقليل ذلك إلى حد كبير. أود أن أتمكن من خفضه إلى النصف خلال الأسابيع القليلة المقبلة”.