وضع الهجوم الصاروخي الذي تعرض له مطار أربيل ومحيطه بإقليم كردستان شمالي العراق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في موقف حرج أمام الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، وفق خبراء عراقيين.
واستهدف هجوم صاروخي، أمس الإثنين، مطار أربيل الدولي ومحيطه؛ ما تسبب بمقتل شخص وإصابة 6 آخرين بينهم جندي أمريكي.
وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم “سرايا أولياء الدم” مسؤوليتها عن الهجوم، وقالت: إنه استهدف قاعدة “الحرير” الأمريكية المتاخمة لمطار أربيل، دون أن تُقدم ما يدل على ادعائها.
ولم تعلن هذه المجموعة المسلحة رسمياً عن جهة انتمائها، لكن تقارير إعلامية غير حكومية تقول: إنها إحدى فصائل “حزب الله العراقي” المرتبط بإيران، والتابع للحشد الشعبي.
وسارع الكاظمي عقب الهجوم الصاروخي إلى تشكيل لجنة تحقيق مشتركة بين حكومتي بغداد وأربيل، للكشف عن الجهات التي تقف وراء الهجوم.
إحراج الكاظمي
وتعهد الكاظمي أكثر من مرة بالعمل على وقف الهجمات الصاروخية التي تستهدف قوات التحالف الدولي والبعثات الدبلوماسية في البلاد من قبل فصائل مسلحة “شيعية” تعمل خارج سلطة الدولة.
وقال المحلل السياسي العراقي رحيم الشمري، لـ”الأناضول”: إن الكاظمي “يقود حرباً ضد المجموعات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة، وضد بعض المجموعات التي تعمل ضمن المؤسسات الأمنية لكنها لا تلتزم بقراراته”.
واعتبر الشمري، وهو خبير بمركز “البحوث الإستراتيجي” (حكومي)، أن الهجوم الأخير على مطار أربيل له أبعاد مختلفة”.
أضاف: “قد يكون هناك سعي من قبل أطراف (لم يحددها) لتحويل بيئة إقليم كردستان إلى بيئة غير مستقرة أمنياً، وبذلك يتم نقل استثمارات الشركات الأجنبية وغيرها إلى محافظات وسط وجنوب البلاد المستقرة”.
وأردف الشمري: “كما أن الهجوم له أبعاد قد تتعلق بالهجمات الصاروخية التي استهدفت السفارة الأمريكية وقاعدة عين الأسد التي تضم قوات أمريكية في (محافظة) الأنبار”، مؤكداً أن “الهجوم يحرج الجميع”.
وتابع المحلل السياسي قائلاً: “بعد الهجوم يفترض بإقليم كردستان، الاستعانة بوزارة الدفاع الاتحادية التي تمتلك الإمكانيات مثل الطائرات لمراقبة المناطق المحيطة بالإقليم لمنع الهجمات”.
رفع التنسيق الأمني
بدوره، قال المحلل السياسي عصام الفيلي، لـ”الأناضول”: إن “المنطقة التي حدث فيها الهجوم الصاروخي تقع خارج سلطة الحكومة الاتحادية من الناحية العسكرية، لكن ربما يساهم الهجوم من رفع تنسيق التعاون العسكري بين بغداد وأربيل”.
وأضاف الفيلي، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد: “الحكومة العراقية الاتحادية لا تتحمل مسؤولية حماية المنطقة المحيطة بإقليم كردستان، كونها خاضعة لسيطرة قوات حرس الإقليم”.
وهذا الهجوم ليس الأول الذي يتعرض له مطار أربيل الذي تقع بجواره القاعدة العسكرية الأمريكية، فقد تم قصفه في أيلول الماضي بـ6 صواريخ، لم تخلف خسائر بشرية أو مادية، فيما اتهمت سلطات الإقليم فصائل الحشد الشعبي بشن ذلك الهجوم، لأن الصواريخ أُطلقت من سهل نينوى، حيث تنتشر تلك الفصائل.
رسالة إلى بايدن
وأعرب عقيد الجيش المتقاعد خليل النعيمي عن اعتقاده بأن الهجوم الصاروخي على مطار أربيل بمثابة رسالة للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن بأن “تتعامل مع قرار إخراج قواتها من العراق على أنه أمر واقع”.
وأضاف النعيمي: “الهجوم بحد ذاته رسالة لأصحاب القرار العسكري في الإدارة الأمريكية بأن التفكير ببقاء القوات الأمريكية أو العمل على زيادة عددها سيكون ثمنه باهضاً”.
وفي عام 2014، انتشر نحو 5 آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، ولا إحصائية حديثة بشأن تلك القوات حالياً.
وعادت القوات الأمريكية إلى العراق عام 2014 عندما اجتاح تنظيم “داعش” الإرهابي ثلث مساحة العراق، وذلك بناء على طلب من حكومة بغداد آنذاك برئاسة نوري المالكي.
وكانت القوات الأمريكية غادرت العراق بشكل كامل نهاية عام 2011 بعد 8 سنوات من الاحتلال عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.
وكانت فصائل مسلحة شيعية منضوية في الحشد الشعبي منها “حزب الله” العراقي، و”عصائب أهل الحق”، وهما فصيلان مقربان من إيران، تبنت الخيار العسكري لإخراج القوات الأمريكية من البلاد وذلك منذ مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بغارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي في 3 من يناير 2020.
ومنذ ذلك الحين، تصاعدت الهجمات الصاروخية التي تستهدف سفارة واشنطن في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وأرتال الإمدادات اللوجستية للتحالف الدولي في محافظات الجنوب، في وقت لم تعلن الحكومة العراقية بشكل رسمي أسماء فصائل متورطة بتلك الهجمات، باستثناء التأكيد على أن تلك المجاميع “خارجة على القانون”.
وتقول الفصائل المسلحة الشيعية: إن العمل العسكري لإخراج القوات الأمريكية أحد خياراتها، بسبب عدم الالتزام بتطبيق قرار البرلمان العراقي الذي قضى في يناير 2020 بإخراج القوات الأجنبية من البلاد.
و”الحشد الشعبي” مؤسسة رسمية تضم في الغالب فصائل مسلحة شيعية، ولها قانون خاص، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، وتعمل تحت إمرة قوات الجيش خلال العمليات العسكرية.
وفي أغسطس الماضي تعهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب خلال لقاء عقده بواشنطن مع الكاظمي بخروج سريع لقوات التحالف الدولي من العراق خلال 3 سنوات.