تنفس الفلسطينيون الصعداء مع نجاح الفصائل في التوافق على إجراء الانتخابات المتعثرة منذ سنوات طوال، ثم صدور المرسوم الرئاسي بتحديد مواعيدها؛ لكنّ “إسرائيل” لم يَرُق لها هذا التوافق.
ففي تدخل مباشر في الانتخابات –وفق مراقبين- حذرت سلطات الاحتلال قيادات في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خوض الانتخابات، ثم أتبعت التحذير باعتقالات لعدد من رموز الحركة.
وفجر الثلاثاء، اعتقل الجيش “الإسرائيلي” في مدينة نابلس (شمال)، النائب السابق عن حركة “حماس” ياسر منصور، والقيادي بالحركة عدنان عصفور، وهما من أبرز قادتها بالضفة الغربية.
وجاء ذلك بعد اعتقال قياديَّيْن آخرَين الأسبوع الماضي في مدينة جنين، هما: عبدالباسط الحاج، وخالد الحاج.
سلطات الاحتلال حذرت قيادات في “حماس” من خوض الانتخابات وأتبعت التحذير باعتقالات لعدد من رموزها
وتأتي الاعتقالات بعد عشرات الاستدعاءات والاتصالات الهاتفية للمخابرات “الإسرائيلية” مع قيادات وعناصر “حماس” تحذرهم فيها من خوض الانتخابات بأي شكل من الأشكال، حسب مصادر في الحركة تحدثت لـ”الأناضول”.
ومنتصف يناير الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً حدد بموجبه مواعيد الانتخابات: التشريعية في 22 مايو، والرئاسية في 31 يوليو، والمجلس الوطني في 31 أغسطس.
وعُقدت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي (البرلمان) مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز “حماس” بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس.
اعتقال المؤثرين
يرى وصفي قبها، الوزير السابق في الحكومة الفلسطينية العاشرة (التي شكلتها “حماس” بعد فوزها بانتخابات 2006)، في الاعتقالات تدخلاً “إسرائيلياً” مباشراً في الانتخابات الفلسطينية.
قبها: حملة الاعتقالات الأخيرة مقصودة وانتقائية والمعتقلون لهم حضورهم
ويضيف في حديثه لوكالة “الأناضول” أن التهديدات “الإسرائيلية” صريحة، وتقول: إنهم لن يسمحوا بإجراء عملية انتخابية، ولن يسمحوا لـ”حماس” بأن تأتي مرة أخرى.
وأضاف أن الملاحقات والاعتقالات تأتي أيضاً ضمن ضغوط على غزة من أجل إعطاء معلومات حول الجنود والجثث (المحتجزين لدى “حماس”).
وتحتجز “حماس” 4 “إسرائيليين” في قطاع غزة، وترفض الكشف عن مصيرهم، قبل إفراج “إسرائيل” عن عشرات المعتقلين الفلسطينيين.
وشنت “إسرائيل” منتصف عام 2006، حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية، طالت أغلب نواب حركة “حماس” في المجلس التشريعي في حينه، عقب أسر الحركة الجندي جلعاد شاليط في غزة.
ويقول قبها: إن حملة الاعتقالات الأخيرة مقصودة وانتقائية، والمعتقلون ليسوا أناساً عاديين، بل لهم مسيرتهم وحضورهم في العقود الأخيرة.
وخلص إلى أن اعتقال الشخصيات المؤثرة والمُلهمة لا شك سيؤثر على العملية الانتخابية، وإن كان بنسبة ضئيلة.
ومع ذلك، أعرب عن أمله في أن تكون الملاحقات دافعاً لممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في الانتخاب، وإفشال المخططات “الإسرائيلية”.
الخُفَّش: اتصالات واستدعاءات وتهديد واضح وصريح لشخصيات فلسطينية
اعتقالات استباقية وتحذيرات
من جهته، يُذكّر فؤاد الخفش، مدير “مركز أحرار لدراسات الأسرى”، بانتخابات مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية وبانتخابات المجلس التشريعي في عام 2006، التي كانت تسبقها اعتقالات “إسرائيلية”.
ويقول في حديثه لـ”الأناضول”: في كل مرة كان الاحتلال يحاول التدخل في المشهد الانتخابي باعتقال بعض الأشخاص الذين يعتقد أنهم مؤثرون وفاعلون، فهذا شيء متوقع وليس غريباً، بهدف خلط الأوراق.
وأشار إلى أن الاعتقالات في الضفة الغربية مستمرة ولا تتوقف، لكن حدتها تشتد في المناسبات مثل الانتخابات وذكرى تأسيس بعض الحركات وخاصة “حماس”.
وأشار الخفش إلى وجود اتصالات واستدعاءات وتهديدات “إسرائيلية”، واضحة وصريحة، طالت شخصيات فلسطينية محسوبة على حركة “حماس”، بعد إعلان مواعيد الانتخابات.
ويستبعد الخفش وجود أي ضمانات بعدم تدخل “إسرائيل” في الانتخابات”، مضيفًا: هذا قرار للاحتلال، بأنه لن يسمح لـ”حماس” بالعمل في الضفة الغربية.
عوض: تغييب أشخاص يؤثر على الانتخابات لأنها لا تعتمد على البرامج بقدر ما تعتمد على الأشخاص
الانتخابات تعتمد على الأشخاص
أما د. أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات، فيرى في تقييمه للمشهد أن من الممكن جداً أن تؤثر الاعتقالات على العملية الانتخابية.
ويضيف أن كل السيناريوهات ممكنة للتأثير على الانتخابات، مشيراً إلى إلى المتابعة الأمنية “الإسرائيلية” الدائمة، والاعتقالات الممنهجة لقيادات في حركة “حماس” وغيرها مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويتابع عوض في حديثه لـ”الأناضول”: من الممكن أن تؤثر الاعتقالات على الانتخابات.
ويلفت مدير مركز القدس هنا إلى التأثير المباشر للأشخاص في العملية الانتخابية، فالانتخابات في بلدنا (فلسطين) تقوم على الأشخاص.
ويكمل: تغييب أشخاص أو تخويفهم، يؤثر سلباً على المشهد الانتخابي، لأنها لا تعتمد على البرامج بقدر ما تعتمد على الأشخاص.