كنتيجة عملية لتوافقات الفصائل الفلسطينية بالقاهرة في ختام حوارات جرت يومي 7 و8 فبراير الجاري، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس السبت، مرسوماً رئاسياً بشأن “تعزيز الحريات”.
وعانى الفلسطينيون آثار الانقسام السياسي المستمر بين حركتي “فتح” التي يتزعمها عباس، و”حماس”، منذ عام 2007م، وفي مقدمتها الاعتقالات على خلفية الانتماء السياسي بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وظلت الملاحقة والاحتجاز والتوقيف والاعتقال لأسباب تتعلق بحرية الرأي والانتماء السياسي موضع خلاف وعائقاً أمام الحوارات الفصائلية، وأفشلت كثيراً من الاتفاقيات خاصة بين حركتي “فتح” و”حماس”.
خطوة لإزالة العقبات
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: إن صدور المرسوم الرئاسي “متفق عليه في حوارات القاهرة، ضمن مراسيم أخرى لإزالة العقبات أمام إنجاح العملية الانتخابية”.
وأضاف: “الكل حريص على تحقيق ما يمكن أن يشكل نجاحاً للعملية الانتخابية بمراحلها الثلاث، وهناك إصرار من الجميع على إزالة أي عقبات أمامها”.
وأردف أبو يوسف: “إصدار المرسوم الرئاسي يعني أن ما تم الاتفاق عليه تم تنفيذه”، معتبراً ذلك “تأكيداً من الجميع على أهمية العملية الانتخابية، كمدخل لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية”.
ووفق مرسوم رئاسي سابق، من المقرر إجراء الانتخابات على 3 مراحل، تشريعية في 22 مايو، ورئاسية 31 يوليو، والمجلس الوطني 31 أغسطس من العام الجاري.
أفضل من العدم
من جهته، قال باسم الزبيدي، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة بيرزيت (وسط الضفة): إن صدور المرسوم الرئاسي “أفضل من عدمه” و”أفضل من التراشق الإعلامي والاعتقالات وتسويد كل طرف لصفحة الآخر”.
لكنه اعتبر أن المرسوم “غير كاف ويبقى نقطة في بحر من الإجراءات والخطوات التي يجب أن تتخذ لإزالة تراكمات أكثر من 15 عاماً من الفرقة”.
وأضاف الزبيدي: “إجراء انتخابات نزيهة ومطمئنة يحتاج أكثر من ذلك بكثير، وتفاهماً عميقاً على أساسيات في الحياة السياسية الفلسطينية”.
وأشار إلى “فجوة في الرؤى السياسية بين أكبر حزبين سياسيين (“فتح” و”حماس”)، وهروب من مواجهة وجود تباينات عظمى سياسية”.
التخلص من أيام “العار”
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم من غزة، فرأى أن إصدار المرسوم الرئاسي “مهم”، معرباً عن أمله أن يكون “خطوة فارقة للتخلص من آثار الانقسام البغيض، والأيام السوداء التي شكلت عاراً وفضيحة وطنية”.
وتابع إبراهيم: “كنا نتمنى أن يصدر مع المرسوم اعتذار للشعب الفلسطيني، وتعويض لضحايا الانقسام، وما آلت له أحوالنا خلال عقد ونصف عقد من المعاناة والبؤس”.
لا بد أن يلمس المواطن أثراً
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، من غزة، فقال: إن المرسوم “جيد للعملية الانتخابية”.
وأضاف: “إجراء انتخابات في ظل التضييق والاستدعاء والملاحقة صعب، لكن صدور المرسوم أمر يبشر بخير”.
وشدد على “ضرورة أن يلمس المواطن أثر المرسوم على أرض الواقع في الساعات القادمة ويتم إطلاق سراح المعتقلين بقضايا الرأي أو الانتماء السياسي”.
حرية العمل السياسي
ونص مرسوم تعزيز الحريات على “تعزيز مناخات الحريات العامة في أراضي دولة فلسطين كافة، بما فيها حرية العمل السياسي والوطني، وفقاً لأحكام القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة”.
كما نص على “إطلاق سراح المحتجزين والموقوفين والمعتقلين، والسجناء على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي، أو لأسباب حزبية أو فصائلية، كافة في أراضي دولة فلسطين”.
ووفق أحدث تقرير للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (رسمية)، عن يناير الماضي، فإنها تلقت 38 شكوى تتعلق بالاحتجاز التعسفي، ولأسباب سياسية، منها 16 في الضفة الغربية، و22 في قطاع غزة.
ونص المرسوم أيضاً على “توفير الحرية الكاملة للدعاية الانتخابية” و”توفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام الرسمية لكافة القوائم الانتخابية دونما تمييز وفقاً للقانون”.
وأشارت حركة “حماس”، في بيان، أمس السبت، تعقيباً على صدور المرسوم إلى أنه “أحد متطلبات حوارات القاهرة، وأحد مكونات البيان الختامي لها”
وقال حازم قاسم، الناطق باسم حركة “حماس”، “مطلوب تطبيق هذا المرسوم على أرض الواقع في الضفة الغربية وإخراجه إلى حيز التنفيذ في قادم الأيام”.
ورحبت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بالمرسوم الرئاسي، وقالت: إن من شأنه “تعزيز حرية العمل السياسي والوطني، وتوفير أجواء من حرية الرأي والتعبير”.