قامت الدنيا ولم تقعد بعد إعلان مجلس الوزراء فرض حظر جزئي في البلاد من الخامسة عصراً إلى الخامسة فجراً، واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات الاستنكار والشجب لهذا القرار، وحمّل البعض المسؤولية لوزير الصحة على أساس أنه هو من اقترح هذا الإجراء، بينما رمى البعض الآخر الكرة في ملعب رئيس الوزراء بصفته المسؤول عن الجهة التي اتخذت القرار! ووصل الأمر إلى التهديد بتفعيل الأدوات الدستورية في محاسبة وزير الصحة من قبل بعض نواب مجلس الأمة!
شخصياً لا تعنيني الطريقة التي سيتعامل بها نواب المجلس مع هذه القضية، سواء تم التصعيد بتقديم استجواب لوزير الصحة أم ذهبوا إلى أبعد من ذلك، لكنني أعتقد جازماً أن قرار الحظر لم يكن له ما يبرره! فالحظر كما أعلنت عنه الحكومة إنما لمنع انتشار العدوى، بمنع الاختلاط في التجمعات التي تحدث غالباً في المناسبات الاجتماعية التي تحدث مساء! وهذه من الممكن منعها بتطبيق القانون ومعاقبة كل من يشارك في هذه التجمعات الضارة والمسببة لانتشار المرض بين المشاركين فيها.
وأعتقد أن الجميع اليوم مدرك لخطر هذا المرض وخطورة هذه التجمعات، وليتحمل الجميع مسؤولية أفعاله وما ينتج عنها! إذاً نحن في حاجة إلى “شوية” حزم في تطبيق القانون وتشغيل أكثر لكوادرنا الأمنية حتى تسيطر على الوضع في المناطق، ومن يتشاطر في تجنب العقاب فليتحمل نتائج أفعاله هو ومن يشاركه في مخالفته!
الحظر سيمنع انتشار المرض ليلاً، لكن من يمنع الانتشار نهاراً؟ أم أن كورونا لا تضرب إلا بالليل؟! عندما تفتح المجمعات أبوابها صباحاً ويرتادها عشرات الآلاف من الزوار في هذه الفترة ثم نغلقها عصراً، فهل عندنا علم من كورونا أنها لن تخرج إلا بعد العصر؟ ما الذي يمنع السلطات من فرض التباعد في المقاهي والمطاعم؟ اليوم أصحاب المطاعم يرحبون بكل الإجراءات الاحترازية المطلوبة ما دام باستطاعتهم ممارسة أعمالهم! إذاً نحتاج “شوية” متابعة ورقابة على هذه الأنشطة لضمان سلامة روادها ومرتاديها!
لماذا نغلق الجمعيات التعاونية في الفترة المسائية، وهي من الضروريات التي لا غنى للناس عنها، خاصة عند الحاجة لبعض اللوازم؟ لماذا لا نستفيد من تجاربنا السابقة عندما كنا نقنن الدخول لهذه الجمعيات بـ”الباركود”؟ إغلاق الجمعيات والصيدليات والمطاعم ومنع الطلبات والتوصيل في فترة الحظر سيشق على الناس، ويجعل حياتهم صعبة، لذلك نقولها بوضوح: إن الحظر الجزئي لا داعي له ما دام أننا بـ”شوية” ضبط ورقابة ومتابعة نستطيع ضمان سلامة الناس ومنع تجمعاتهم الضارة! الحكومة أحياناً تتخذ قرارات خاطئة لمعالجة أوضاع غير صحيحة، مثل هذا القرار الذي نحن بصدده.
وقبل إنهاء كتابة هذا المقال سمعنا عن قرار غريب اليوم وخطير بإحالة حوالي خمسين نائباً ومواطنًا إلى النيابة العامة لمخالفتهم قانون منع التجمعات، مع أن وزير الداخلية موافق على هذا الحدث ومتفهم لظروفه! هذي وين تصرفها..؟
_______________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.