مرت 6 أسابيع على التغيير الوزاري، ولا يزال الوزراء الجدد، وهم 11 وزيراً الذين صادق عليهم البرلمان التونسي، يوم 26 يناير الماضي، ينتظرون دعوة من الرئيس قيس سعيّد لا توجد أي إشارات بأنها ستصدر في القريب العاجل، وذلك في ظلّ وضع اجتماعي واقتصادي حرج، ولا تزال الأزمة القائمة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية تلقي بظلالها على المشهد السياسي وحتى على سير مؤسسات الدولة، بسبب رفض الرئيس سعيّد أداءهم اليمين الدستورية أمامه، على خلفية وجود شبهات فساد وتضارب مصالح، رغم أنه لم يفصح عن أسماء الوزراء المعنيين، كما لم يقبل استثناءهم وقبول الآخرين.
الغنوشي: حزب النهضة يرفض استقالة المشيشي
ولحلحلة هذا الوضع المتأزم، طرح البعض مسألة استقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، إذ اعتبروا أن انعدام التواصل كلّياً بين رأسي السلطة التنفيذية، أثّر سلباً على عمل الحكومة والدّولة عموماً، في حين رأى آخرون وهم الأغلبية البرلمانية وخبراء أن الاستقالة في هذا الوقت بالذات ستزيد من تأزم الأوضاع في البلاد.
أزمة ثقة
رغم أن رئيس الحكومة المشيشي كان من اختيار الرئيس سعيّد، فإن الخلافات بين الاثنين برزت للعلن حتى قبل مصادقة البرلمان عليه، وبالتالي؛ فإن ما يزعم البعض أن رئيس الحكومة مال للحزام السياسي الذي يدعمه في وقت لاحق مجانب للصواب، ويؤكد أن الخلاف في جوهره وعرضه بين المشيشي، وسعيّد، وليس بين سعيّد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي يرى بأن استقرار الحكم مهم في هذه المرحلة، وكرر هذا الموقف في المسيرة التاريخية لحكرة النهضة يوم 27 فبراير الماضي، نريد أن يبقى رئيس الحكومة في منصبه ورئيس الدولة في منصبه، والبرلمان يؤدي دوره وتتكامل مؤسسات الدولة لا أن تتصارع.
العجبوني: الرئيس سعيّد حذّر المشيشي من إجراء تحوير وزاري
على صعيد متصل، قال النائب عن التيار الديمقراطي هشام العجبوني، لوكالة “تونس أفريقيا” للأنباء: هناك أزمة ثقة عميقة ترسّخت بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة، ومن الواضح أنه لم يعد ممكناً لكل طرف منهما التعامل مع الطرف الآخر، وأن رئيس الجمهورية كان قد حذّر المشيشي، منذ أواخر أغسطس 2020، من إجراء تحوير وزاري بعد تنصيب الحكومة، غير أن رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي (من الحزام السياسي للحكومة) قال بكل وضوح، في تصريح بعد ذلك: إنه تمّ الاتفاق على القيام بتحوير وزاري في 7 حقائب وزارية.
واعتبر أن ما صرّح به القروي كشف عن صفقة بين الأحزاب الدّاعمة للحكومة؛ وهي قلب تونس وحركة النّهضة.
الحوار هو المخرج
وزير العدل الأسبق القيادي البارز في حركة النهضة النائب بالبرلمان نور الدّين البحيري أكد، لإذاعة “موزاييك” الخاصة، أهمية بقاء الحكومة وتواصل عملها من أجل استقرار البلاد، خاصّة في ظلّ مجابهة جائحة كورونا، وأن من يدعو إلى استقالة الحكومة، هو في الواقع يدعو إلى الفوضى وعدم الاستقرار.
البحيري: الذي يدعو إلى استقالة الحكومة يريد الفوضى وعدم الاستقرار
وكانت حركة النهضة قد ذكرت، في بيان يوم السبت الماضي، بمناسبة اجتماع مكتبها التنفيذي، أن الجلوس إلى طاولة الحوار هو مخرج البلاد الوحيد من الأزمة السياسية التي تمر بها، وجدّدت استعدادها للتفاعل الإيجابي مع كلّ مبادرات الحوار البنّاءة وعلى رأسها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، التّي من شأنها تفكيك الأزمة السياسيّة وتعزيز نجاعة عمل الحكومة وكل مؤسسات الدولة.
إلى ذلك، أكد النائب حسونة الناصفي (حركة مشروع تونس)، أنّ استقالة الحكومة ليست حلّا للأزمة التي تعيشها تونس، وأن الإشكال لا يتعلّق بأشخاص بعينهم، بل أصبح يتعلّق بمنظومة حكم، لا تسمح لأي أحد بأن يحكم وهو ما سيجعل الأزمة متواصلة إلى ما لا نهاية.
الناصفي استقالة الحكومة ليست حلاً للأزمة التي تعيشها تونس
وأشار إلى أن الرئيس قيس سعيّد نفسه جزء من الأزمة الحالية، ودعا الناصفي جميع الأطراف إلى التنازل من أجل مصلحة البلاد التي تعيش وضعاً اقتصادياً صعباً.
وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ذكر، مؤخراً، في حوار لإحدى الصحف المحلية، أن الرئيس قيس سعيّد يضع استقالة المشيشي شرطاً لانطلاق الحوار الوطني الذي بات مرتبطا ًباستقالة رئيس الحكومة، وبخصوص موقف المركزية النقابية، أفاد بأن دورها في إحداث التوازن بين مختلف الفرقاء لا يمكن لها أن تطلب من طرف ما أن يستقيل؛ وبالتالي لا نستطيع اليوم أن نطلب من رئيس الحكومة الاستقالة.
بدوره، أجاب زعيم حركة النهضة، ورئيس مجلس نواب الشعب، على نفس السؤال بأن النهضة ترفض استقالة المشيشي؛ لأن ذلك يربك الأوضاع والبلاد في حالة حرب مع جائحة كورونا، وهي حالة أشبه ما تكون بالحرب الحقيقية.