قانون الطفو على سطح بحر التخلف، هو القانون الذي يحكم علاقة الغرب والدول المتقدمة مع ما يسمونها دول العالم الثالث.
يقضي قانون الطفو بأن تظل الكتلة البشرية في تلك الدول طافية على سطح الكوكب، لا هي غارقة، ولا هي مبحرة.
غرق تلك الكتلة البشرية الخاملة على سطح الكوكب سيحرم الدول المتقدمة من سوق لبيع منتجاتها، ومن مصدر رخيص للأيدي العاملة، ومن ثروات طبيعية تمتصها وتنهبها بأرخص الأثمان، وإبحار تلك الدول المتخلفة من حالة الطفو سيجعلها تستثمر ثرواتها وتُفَعّل طاقاتها وتصل لحد المنافسة أو حتى المغالبة للدول المسيطرة.
إذاً الحل أن تبقى هذه الدول طافية: لا هي غارقة، ولا هي مُبحرة.
أحيانا يكون الطفو على ماء آسن راكد يسمونه زورا (الأمن والاستقرار) أو (محاربة الإرهاب)، وهو شعار رائج تستخدمه بعض أنظمة الدول المتخلفة سبيلا لاستمرارها في الحكم واستمرار دولها في مرحلة الطفو على بحر التخلف. وأحيانا يكون الطفو بتأجيج الصراعات الداخلية والحروب بين الدول المتخلفة، وتبادل أدوار الدول المتقدمة في حفظ التوازن في الصراع، وتغذية أطراف الصراع بالسلاح والدعم السياسي ليظل الوضع على ما هو عليه، لا غرق ولا نجاة، بل طفو وسكون وركود، سواء على بحر من الدماء، أو بحر من التخلف والركود في الماء الآسن.
وقانون الطفو السياسي والاجتماعي يعتمد على ذات القوانين الفيزيائية لقانون الطفو؛ فالقاعدة الفيزيائية للطفو تعتمد على زيادة الحجم مع خفة الوزن، وهي ذاتها يتم تطبيقها على الدول والمجتمعات؛ فتفريغ المجتمعات من قيم التقدم والإبحار وتحويلها إلى بالونة فارغة من الداخل، هو أحد ركائز قانون الطفو في المجتمعات المتخلفة.
في هذه المجتمعات؛ لا العلم علم، ولا الفن فن، ولا الدين دين… بل تتحول تلك القيم إلى شعارات وألفاظ فارغة من محتواها، ويتحول المجتمع إلى فراغ تملؤه التفاهة، وفقدان الهدف، وضياع الهوية، وغياب الوعي…
في هذه المجتمعات الفارغة؛ ثروة بلا استثمار، وسواعد بلا إنتاج، وأموال بلا فاعلية، ودين بلا تأثير، وعقول بلا تفكير، وثقافة بلا أصالة: إنه الفراغ.. التفاهة.. التيه.. إنه قانون الطفو.!
التفاهة في هذه المجتمعات صناعة ترعاها مؤسسات الدولة للمحافظة والتأكيد على تفريغ المجتمع من قيمه وتراثه وأصالته، صناعة تقضي بوضع التافهين في صدارة المشهد، ووضع العلماء والنابهين والمخلصين في ظلال النسيان، أو في ظلام السجون.
وحفاظا على طفو تلك الدول سيحارب الغرب ووكلاؤه أي محاولة لإبحار المجتمع نحو امتلاك الإرادة وتحرير الإنسان.
وستهب كل العواصف والأنواء، وسيحاولون كسر الأشرعة وخرق السفينة وقتل الربان في اللحظة التي نبحر فيها نحو تحرير الإنسان واستعادة الهوية والعودة إلى الذات، والسعي لصناعة الدواء والسلاح وإنتاج الغذاء.
الوعي بقانون الطفو في السياسة والاجتماع، بوابة لفهم سلوك ما يسمونه النظام العالمي في تعامله مع الدول التي يسمونها عالم ثالث، وبوابة لفهم سياسات حكام الدول المتخلفة وحيلهم في الإبقاء على التخلف، كمسوغ من مسوغات التعيين بدرجة رئيس لدولة متخلفة، تضمن للغرب سوقا مفتوحة لبضائعها، وأرضا مفتوحة لنهب ثرواتها.