لا شك الكل منا يعمل ويجتهد حتى يكون من المرضي عنهم عند الله تعالى ما استطاع؛ فلذلك كل منا يجب أن يخلص في عمله، ويحرص كل الحرص أن يكون عمله خالصاً لله تعالى، وأن يرجو الأجر منه جل وعلا، ولا شك كل منا يبذل كل قدراته البدنية والمالية، ونية وجوارح، من أجل أن يشمله الله تعالى ضمن عباده الصالحين، وكل منا يتمنى أن يحصل على تزكية أو شهادة تقدير تدل عليه أنه من الصالحين يتلقاها من العزيز الحكيم.
لعلك تتساءل أيها العبد وتقول: إن ما أتحدث فيه شهادة وتزكية أو شهادة تقدير تقر أنك من الصالحين أمر مبالغ فيه؛ وأنا أقول لك: ليس مبالغاً فيه؛ تأنَّى وتريث وتابع.
ستجد الأمر أسهل مما تتصور؛ لأن الله تعالى الرحمن الرحيم يحب عباده الذين إليه يتقربون.
هناك علامات واضحة المعالم، وإشارات تدل على أنك تستحق الوثيقة التي فيها ما يدل أنك من الصالحين.
هناك صفحة في حياتك أيها العبد تبدأها بمعاني هاتين الآيتين كما ذكرنا الإخلاص لله، وكل شيء لا يكون إلا لله من قبل العبد كعمل.
قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام).
يبين هذا البند الذي تمثله الآيات الكريمة وجوب الإخلاص في العمل لله تعالى بكل تنوعات العمل.
أيضاً، حسن الخلق مع الخلق والابتعاد عن الغل والحسد والحقد والخداع، فهذه أخلاق الشيطان الرجيم، وما ينبغي لعاقل فطن أن يتبناها، وتسمع وتطيع لأمر الله تعالى وتقدم أوامره على كل شيء كما بينها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور: 51)، وأيضاً تحب في الله وتبغض في الله تعالى، والإكثار من الطاعات والنوافل والفرائض، وأن تتقي الله تعالى؛ فلذلك قال الله تعالى: (إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) (المائدة: 93).
وهذا الموقف والحوار بين عمر بن الخطاب وأبي بن كعب فيه البيان الدقيق للتقوى.
سأل عمر أبي عن التقوى، فقال له: أما سلكت طريقاً ذا شوك؟ قال: بلى، قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى.
ولا شك من أفضل الخرائط التي تسير عليها للتقوى للوصول إلى الصلاح قول الله تعالى والأخذ فيه الذي يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب: 21)، وهذا لا شك من توفيق الله عز وجل فتجدك تلقائياً يلهمك الله تعالى استمرارية الدعاء لوالديك؛ حيث يمنّ الله عليك بهذا ضماناً لك لتطمئن أنك من الصالحين، لا شك الصالح هو القائم بحق الله عليه، والصالح الذي يتجنب المعصية ما استطاع، وإن أذنب لا يتردد في التوبة النصوح وعدم الرجوع إليها، وهذا بشكل العموم، ونحن هنا نريد أن نخص صاحب الوثيقة “الصالح” الذي يظفر أنه من الصالحين وهو في الحياة الدنيا ما زال، وهو العبد الذي يراعي أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وهما الأصل، وإن لمع في هذا واجتهد، تظهر له ظلال وتداعيات إيجابية عن طريق النوافل والاجتهاد، ومن خلالها تلك الظلال والتداعيات، يحصل العبد على الوثيقة أنه من الصالحين.
ولا شك الصالح هو دائم الحرص على تطبيق أوامر الله تعالى والابتعاد عن نواهيه، ومن ظواهر هذه الوثيقة المادية المحسوسة الملموسة “الصالحون”، وأنك حصلت عليها؛ تجد هذا العبد دائماً يعمل بالواجبات والنوافل، ولا يمكن أن ينسى والديه بالدعاء، وهي الوثيقة في الدنيا استباقاً أنك من الصالحين، وتجد نفسك موفقاً دائماً وبشكل مطرد دعاءً لوالديك؛ فأنت من الصالحين وحصلت على هذه الوثيقة التي يشرح الله تعالى بها صدرك، وذلك دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
ولد صالح يدعو له.. هذا هو دليل الصلاح وصلاحك أيها الولد الصالح، فكنت ممن يستحق أخذ الوثيقة استباقاً في الدنيا لتطمئن بموقف الآخرة.
_________________
إعلامي كويتي.