لا تزال المطالبة التي قدمتها قائمة “الحرية والكرامة”، إحدى القوائم التي كانت مرشحة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، التي طالبت بموجبها دول الاتحاد الأوروبي بوقف الدعم المالي المقدم للسلطة، تتفاعل في الشارع بشكل قوي، خاصة بعد الإعلان عن قيام أجهزة الأمن باقتحام منزل أحد أقطاب القائمة في مدينة الخليل، بعد أن وجّه بلاغاً للاستجواب من قبل النيابة العامة.
في البداية، أثارت تلك الرسالة حالة جدل في الشارع الفلسطيني، خاصة وأنها فريدة من نوعها، حيث لم يسبق لأي جهة فلسطينية أن تقدمت بطلب وقف تمويل السلطة الفلسطينية من المانحين.
وفي الوقت الذي لم تعلق القوائم البرلمانية المترشحة وكذلك التنظيمات التي عارضت قرار تأجيل الانتخابات، على رسالة قائمة “الحرية والكرامة”، شن مؤيدون لحركة “فتح”، وآخرون من خارج الحركة لكنهم انتقدوا الخطوة، هجوماً على القائمة وقادتها، وأبرزهم الناشط نزار بنات، ووجهوا اتهامات عدة لتلك القائمة، وطالبوا بمقاضاة أعضائها، لأن فعلتهم تتساوق مع المخططات الرامية للنيل من الفلسطينيين، بحسب تعبيرهم.
قائمة “الحرية والكرامة” بعثت رسالة لدول الاتحاد الأوروبي طالبت فيها بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للسلطة الفلسطينية
وقد استعرض ناشطون من “فتح”، في حملتهم ضد تلك القائمة، آليات صرف أموال المساعدات التي ترد لخزينة السلطة، التي تدفع خاصة تلك التي تقدمها دول الاتحاد الأوروبي، في مجالات التعليم والصحة، ودفع مساعدات مالية للأسر الفقيرة.
وعلق نائل أبو يوسف على تلك الرسالة بالقول: “لسة حنشوف (نرى) بلاوي”، فيما علق أسعد الشنطي: “جريمة يجب أن يحاسب عليها بالقانون”، فيما علق رامي بلوط على صفحة القائمة التي نشرت نص الرسالة رافضا ذلك بقوله: “لا حول ولا قوة إلا بالله، أوصلت الأمور لهذه الدرجة، نعم التاريخ يعيد نفسه من حيث التآمر والتحالف الضار بالشعب ومصالحه، ألهذه الدرجة هي الكراسي والمناصب عزيزة وتذل من يسعى إليها، أتمنى أن يكون هناك قانون يحاسبكم ويقاضيكم”، فيما علق نواف المحارك مؤيداً الخطوة بالقول: “كان من الأجدى التشاور مع كل القوائم الرافضة لإلغاء الانتخابات وإرسال كتاب إلى الاتحاد الأوروبي باسم كل هذه الكتل، أعتقد أنه يجب أن نتعلم العمل الجماعي إذا كنا نؤمن بفكرة أننا نستطيع تغيير هذه المنظومة الفاسدة والمفسدة”.
وكانت قائمة “الحرية والكرامة” بعثت رسالة لدول الاتحاد الأوروبي، طالبت فيها بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للسلطة الفلسطينية، إثر قرار الرئيس محمود عباس بتأجيل الانتخابات التشريعية.
وقد أرسلت الرسالة التي نشرتها القائمة على صفحتها الرسمية في موقع “فيسبوك”، إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي، ورأت فيها أن قرار الرئيس الفلسطيني بإلغاء الانتخابات يعد “غير شرعي وغير دستوري، ويمثل اغتصاباً للسلطة وجريمة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته”.
وقالت: إن إلغاء الانتخابات جاء بحجة رفض الاحتلال تطبيق بروتوكول عام 1995، الذي يسمح لـ5700 مقدسي بالتصويت من خلال مراكز بريد الاحتلال، من أصل ما يتجاوز 150 ألف ناخب، لافتة إلى أن البروتوكول لا يلزم السلطة بطلب موافقة من دولة الاحتلال لإجراء الانتخابات في القدس، وقالت: إن ذلك الاتفاق فيه إهانة للمقدسيين، ويكرس مفهوم السيادة “الإسرائيلية” على عاصمة دولة فلسطين المحتلة.
وأعلنت أيضاً أنها ستتوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من أجل المطالبة بـ”وقف الدعم المالي للسلطة، وبفتح ملف التحقيق في الأموال المهدورة لدافعي الضرائب الأوروبيين من خلال ملفات الفساد المرفقة”، وأكدت استمرار خطواتها الرافضة لقرار إلغاء الانتخابات، إذا لم تحدد السلطة خلال الشهر الجاري سقفاً زمنياً واضحاً لإجراء الانتخابات التشريعية.
القائمة أعلنت التوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمطالبة بـ”وقف الدعم المالي للسلطة وفتح تحقيق بالأموال المهدورة لدافعي الضرائب الأوروبيين”
والاتحاد الأوروبي، من الجهات القليلة التي تقدم حالياً الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، بعد توقف الولايات المتحدة لأسباب سياسية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وكذلك الدول الغربية التي أوقفت الدعم، والذي بدا واضحاً أنه جاء استجابة لضغوط أمريكية.
ولم تمضِ ساعات على تلك الرسالة، حتى أعلن نزار بنات، أحد أقطاب قائمة “الحرية والكرامة”، عن تعرض منزله في مدينة الخليل إلى اقتحام من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، وقال، في تسجيل مصوّر: إن مسلحين برفقة الأجهزة الأمنية اقتحموا منزله الواقع في بلدة دورا جنوبي الخليل، وأطلقوا النار وحطموا أبوابه، ما أخاف زوجته وأطفاله، لافتاً إلى أنه لم يكن في ذلك الوقت داخل المنزل، وقال: إنه تلقى بلاغاً للمثول أمام النيابة العامة في مدينة رام الله.
وفي السياق، نددت حركة “حماس” بشدة، بإقدام الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية على اقتحام منزل بنات، وترويع زوجته وأولاده، وتحطيم أثاث منزله، وقالت، في بيان لها: إن ذلك الأمر يعد “تجاوزاً لكل القيم والمبادئ الواردة في ميثاق الشرف الذي تم التوقيع عليه في القاهرة بتحريم الاعتقال على خلفية سياسية واستهداف نشطاء الرأي والمناضلين”.
وطالبت “حماس” أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية باحترام القانون، وقالت: إن هذا النهج يزيد حالة الاحتقان في الساحة الفلسطينية، ويضرب العلاقات الوطنية، ويأخذ الجبهة الداخلية نحو المجهو”.
ودعت الفصائل الوطنية والقوى السياسية والمدنية كافة إلى الوقوف بقوة ضد هذه الممارسات الخطيرة تجاه المواطنين الآمنين، والعمل على تشكيل شبكة حماية أمام الاعتداءات المتكررة في الضفة الغربية.