تشهد الساحة الكويتية بعض مظاهر التطور في الحياة السياسية، ومنها الحقوق السياسية التي نالتها المرأة منذ نحو 15 عاماً، بعد فترة طويلة من الحرمان، وقد انعكست مظاهر هذا التطور على كل الحركات والتيارات، ومنها الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) التي وصلت فيها المرأة لمكانة متقدمة في هيكلها الإداري؛ حتى وصلت إلى اختيار سيدة في منصب نائب الأمين العام للحركة، وهي الحقوقية والمحامية الأستاذة إسراء المعتوق.
وحول الحقوق التي تبوَّأتها المرأة في الكويت بصورة عامة، وفي «حدس» بصورة خاصة، كان لـ«المجتمع» هذا الحوار مع السيدة إسراء.
نرحب بك في هذا الحوار، ونهنئك على اختيارك نائبة للأمين العامة للحركة الدستورية، واسمحي لنا في البداية؛ هل المرأة الكويتية راضية عمن مثلها من النساء بمجلس الأمة؟
عدم وصول مرشحات إلى مجلس الأمة سببه الرئيس النظام الانتخابي والمزاج العام للناخبين
– أهلاً ومرحباً بكم في مجلة «المجتمع»، وأشكر لكم تهنئتكم الرقيقة.
بالنسبة للإجابة عن السؤال، فأنا لا أستطيع التحدث عن نساء الكويت عامة، بل أتحدث عن نفسي فقط، وأرى أن من وصل إلى كرسي المجلس غير مقنع، وأداؤه متواضع، ويحتاج مزيداً من الجهد والبذل، ومعرفة الكثير من التداعيات السياسية ومتابعتها بشكل أقوى.
هناك من يقول: إن أفضل من يطالب بحقوق المرأة هي المرأة نفسها؛ فما رأيك في هذا؟ ولماذا لا تصل المرأة؟
– أرى أن هذا يتم بالتعاون بين الناشطات في حقوق المرأة، ولجنة المرأة والطفل في مجلس الأمة، وقبل فترة قامت اللجنة بعمل مؤتمر، وطرحت من خلاله قضايا تتعلق بالمادة (158)، وجنسية أبناء الكويتية، فالتعاون موجود.
أما عدم وصول مرشحات إلى مجلس الأمة فيرتبط بالمزاج العام، وفي العام 2009م، وصلت 4 مرشحات إلى مجلس الأمة، فالمجتمع في تلك الفترة كان ينظر نظرة فيها حاجة إلى التغيير بحيث يشاهدون مشهداً آخر غير الذي اعتادوا عليه؛ فأحياناً يكون المزاج العام للناس هو الذي يحكم، والمزاج العام في العام 2020م كان ضد الفساد والمفسدين، هذا جانب.
ومن جانب آخر، فإن كثيراً من النساء اللاتي ترشحن غير مؤهلات للترشح، والمؤهلات للترشح منهن ليس لهن اهتمامات عائلية كبيرة، أو انتماءات قبلية متفرعة، والنظام الانتخابي الحالي لا يستطيع فيه الوصول إلى البرلمان الكثير من الكفاءات، سواء كان ذلك من الرجال أو النساء؛ لذا فأنا أعتقد أن السبب الرئيس في الموضوع هو النظام الانتخابي الحالي.
البعض يرى أن تمثيل المرأة في “حدس” شكلي، وغير مكلَّفة بمسؤوليات مهمة؛ فما ردك؟
وجود المرأة بـ«حدس» ليس أمراً شكلياً والدليل وصولي لمنصب نائبة الأمين العام للحركة
– بداية، هذا الكلام ليس صحيحاً، وأؤكد أن وجود المرأة في الحركة الدستورية ليس أمراً شكلياً، فهن عضوات في الأمانة، وفي المؤتمر، وكوني أنا في منصب جديد هو نائب الأمين العام فهذا ينفي هذا الكلام، فهذا ليس منصباً شرفياً، ولكن هناك تكاليف معينة، تتعلق باختصاصات معينة، وكوني شخصية قانونية فيقع على جزء من اختصاصاتي الناحية القانونية، والبعض الآخر من المسؤولية يتركز في عمل متنوع، وهذا الدور ليس بجديد على الحركة الدستورية، فمنذ أن أعطيت المرأة حقها في الانتخاب والترشيح، والأخوات ممثلات في أجهزة اتخاذ القرار، جنباً إلى جنب مع إخوانهن، ويمارسن ذات الأداء، وذات الأدوار المنوطة بهن.
ما الرسالة التي أرادت “حدس” توصيلها من خلال تعيينك في منصب نائب الأمين العام للحركة؟
– الرسالة هي أن هناك كفاءات رجالية ونسائية تؤدي الدور المطلوب منها في الحركة الدستورية، والأمر ليس دعائياً بقدر ما هو احتياج فعلي.
ما دامت المرأة في “حدس” وصلت إلى هذا المنصب الرفيع؛ فلماذا لم نرَ مرشحة للحركة أو وزيرة تمثلها؟
– أعتقد أنه في المرحلة المقبلة ستكون هناك مرشحات من الحركة الدستورية، بإذن الله تعالى، وبالفعل كانت لدينا مرشحة في الانتخابات التكميلية في العام 2018م، ودخلت في التنافس مع المرشح وحازت على أصوات رجال ونساء، ولكن لم يحالفها الحظ؛ فقد تفوق عليها منافسها في عدد الأصوات.
أما موضوع المشاركة في الحكومة فمنوط بقرارات الأمانة، فالأمر كمبدأ ليس عندنا مانع، ولكن التوقيت هو الذي يؤخذ بالاعتبار، وبالطبع كما أن هناك ترشيحات رجالية هناك ترشيحات نسائية، فيما لو تم إقرار المشاركة في الحكومة.
تراجع الكويت في مدركات الفساد والتنمية يرجع لعدم تطبيق القانون بصورة صحيحة على الفاسدين
التيار الإسلامي يربي نساءه على الحشمة والاهتمام بالأسرة المسلمة، فهل هناك تعارض بين هذه التنشئة وعملها بالسياسة التي لا تخلو من اختلاط وصدامات سياسية وغيره؟
– لا شك أن التنشئة لها دور، ومن ينشأ في الحلية مختلف عمن ينشأ في الخصام، والله تعالى يقول حول موضوع اللباس والسمت عن نساء النبي مثلاً: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب: 59)؛ فالمرأة بسمتها في أي مكان تُعرف من هي، لذا لا أعتقد أن هناك إشكالية، كما أن المراحل العمرية لها دور؛ ففي بداية حياة المرأة إذا كانت متزوجة وتستطيع أن توازن بين أدوارها، فنعمَّ هي، وإن كانت لا تستطيع أن توازن، فعليها اختيار مسار محدد في عطائها المجتمعي، أو عطائها المنزلي، ولكن في مرحلة عمرية أخرى عندما يكبر أبناؤها، وتكون متفرغة، ولديها فهم وقدرات وإمكانيات فلا بأس من دخولها هذا المعترك متى ما تسلحت بالاشتراطات الشرعية المعروفة.
هل أنت مع “الكوتا” النسائية في مجلس الأمة؟ وهل يسمح القانون الانتخابي بذلك؟
– أنا ضد «الكوتا» النسائية، والقانون الانتخابي لا يسمح بذلك، فأنا أرى أن «الكوتا» النسائية تفتقد إلى المساواة والعدالة، كما أنه في سنوات ماضية وصلت المرأة فيه إلى سدة القرار، حتى في المجتمعات القبلية وصلت في الدائرة الرابعة إحدى المرشحات؛ فالأمر لا يحتاج إلى «الكوتا»، وهي مخالفة للمادة (29) من الدستور.
مكمن الصراع في التطبيق السيئ للنصوص والناس يدركون أن سبب ما يحدث الحكومة وليس المجلس
يرى البعض أن هناك تقصيراً في جانب الإنجازات التي تخص المرأة؛ فما تعليقك؟
– توجد إنجازات للمرأة، ولا ينبغي إغفالها، بل يجب إعطاؤها حقها، وهناك قرارات تتعلق بإسكان المرأة، وقرارات تتعلق بمرافقة الزوج في الخارج، وقرارات تتعلق بالإجازات الخاصة بـ»الوضع» وما بعده، وهناك قوانين تتعلق بالولاية الصحية، والعنف ضد المرأة، وقانون الطفل، كل تلك الإنجازات لم تتم من خلال المرأة فقط، بل تمت بالتعاون مع الرجال أيضاً.
كيف تقرئين تراجع الكويت في مدركات الفساد والتنمية في ظل وجود الديمقراطية؟
– للأسف، موضوع مدركات الفساد وتراجع الكويت في هذا الأمر يرجع لسبب حقيقي، وهو عدم تطبيق القانون بصورة صحيحة على الفاسدين، والأمر بالنسبة لي في موضوع الفساد أمر محزن رغم وجود كثير من الهيئات الموجودة في الدولة، مثل المراقبين الماليين، وديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، وبالتالي هناك عدة أجهزة في الدولة تراقب الأداء الحكومي، ولكن المؤشرات في حالة تراجع بشكل واضح.
برأيك، هل نحن بحاجة لمؤتمر وطني، أو حكومة إنقاذ، مثلاً؟
– أعتقد أنه من الحلول أن يتم طرح مؤتمر وطني يضم جميع أطياف المجتمع، ويتم التعهد على أمور معينة، من بينها أنظمة يجب أن تتغير، كالنظام الانتخابي الحالي، فهو سبب رئيس لما يحدث في الكويت، وأفضل أنظمة للانتخابات تجري في الدول الديمقراطية حول العالم هو نظام القوائم؛ فالقائمة تصل للمجلس من خلال تقديم برامجها ويتم محاسبتها على هذا البرنامج الذي طرحته، فما لم يتم في الكويت مثلما كان يسميه د. عثمان عبدالملك رحمه الله بالنظام «الأورلياني» أو النظام الأقرب إلى النظام الرئاسي منه إلى النظام البرلماني، وهو نسبة إلى الملك «أورليان» الفرنسي سابقاً، وهذا النظام لم يتم تطبيقه بحذافيره في الكويت، لذا نحتاج إلى مرحلة أكثر تطوراً للديمقراطية.
أين يكمن الصراع في الكويت؟
– مكمن الصراع أننا لدينا نصوص جميلة، ولكن تطبيقاتها سيئة، ويتم ليُّ هذه النصوص ليّاً، والحكومة في بعض المراحل أوصلت رسالة إلى الناس أن سبب تعطيل التنمية هو المجلس، وفي الحقيقة الناس بدؤوا يفهمون جيداً أن سبب ما يحدث في الكويت هو الحكومة وليس المجلس، خصوصاً بعد فضائح الفساد التي ظهرت مؤخراً، والجميع شاهدها عين اليقين.