الإجابة للدكتور عجيل النشمي
فضائل ليلة القدر
ما فضل ليلة القدر؟ وهل هي ليلة محددة؟ وهل يصح اعتقاد البعض أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان؟
– ليلة القدر أفضل ليلة في السنة، والأجر فيها والعمل الصالح خير وأفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وتتنزل الملائكة فيها، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر: 1)، لذلك رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيامها والإكثار من الدعاء فيها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم العشر الأواخر من رمضان كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر» (متفق عليه).
ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة القدر ترغيباً للعبادة في الليالي العشر؛ فقد روى أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين»، وقال بعض الفقهاء: إنها ليلة الثالث والعشرين أو الخامس والعشرين، وروى البخاري في فضلها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم».
حكم إخراج زكاة الفطر نقداً
هل يجوز إخراج زكاة الفطر بالنقد؟ وهل إخراجها بالنقد يعتبر زيادة مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»؟ ولماذا لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم زكاة الفطر بالنقود؟
– زكاة الفطر واجبة لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين» (متفق عليه).
وقد ذهب الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، إلى عدم جواز إخراج القيمة، ودليلهم النص على الطعام في الحديث السابق.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، وعمر بن عبدالعزيز، والحسن البصري، وعطاء وغيرهم إلى جواز إخراج القيمة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وأغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم»؛ فالحديث قد ذكر فيه علة الحكم، وهو إغناء الفقراء يوم العيد، ولا شك أن الإغناء كما يتحقق بالإطعام يتحقق بقيمة الطعام نقداً، بل إن النقد أبلغ في تحقيق الإغناء للفقير المنصوص عليه؛ لأن الفقير قد يشتري بالنقد ما يحتاجه من ثياب وطعام وغيره، وقد لا يتحقق الإغناء الكامل لو أن كل ما يأخذه الفقير كان من الطعام.
وما دام الحديث قد ذكر العلة فليست هناك زيادة على النص ولا رد، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول، ثم إن عبادة زكاة الفطر ليست كالعبادات المحضة كالصلاة، يلتزم بأعداد ركعاتها والقراءة والذكر فيها، بل هي من العبادات التي تجوز الزيادة فيها، لحسن الأداء وأخذ الفضل والأجر، فيجوز أن يدفع أكثر من صاع، لا بنية مخالفة النص وإنما التزاماً به وطلب زيادة الأجر، واستدلوا أيضاً: بأن الطعام المنصوص عليه في الحديث هو مال متقوم وهو المقصود، لا أنه عين فحسب، فيجوز حينئذ الطعام وقيمته نقداً أو عروضاً أو أي شيء يقوم به (البدائع 2/969).
وقد أجاز بعض الصحابة رضوان الله عليهم إخراج نصف صاع من القمح بدل الصاع، وقد اعتبروا في ذلك القيمة، إذ قيمة نصف صاع من قمح تعادل في قيمتها صاعاً من البر أو الشعير، وإذا جاز أن نقوم بذلك جاز التقويم بالنقد، لأنه تقويم أيضاً، فقد روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، قال فجعل الناس عدله مدين من حنطة»، وفي رواية: «فعدل الناس به بنصف صاع من بر».
قال ابن القيم: والمعروف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل نصف صاع من بر مكان الصاع من هذه الأشياء ذكره أبو داود، وفي الصحيحين أن معاوية هو الذي قوم ذلك (زاد المعاد 1/148) حين قال: «إنِّي لأرى مُدَّينِ من سمراءِ الشَّامِ تعدِلُ صاعاً من تمرٍ».
وإنما لم يُخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم غير الطعام، ربما لأنه الأنفع في وقتهم لشح النقد بأيديهم، ولو أعطى الفقير هذا ربما لا يجد الطعام، ولأنه أيسر على من وجب عليه، ومن جانب آخر، فإن الأئمة الحنفية والمالكية ورواية عند أحمد جوّزوا إخراج القيمة في غير زكاة الفطر، وعلتهم بأن الزكاة حق مال مقصوده إغناء الفقراء وسد حاجتهم أو حاجة الأصناف المستحق للزكاة، وزكاة الفطر أخت زكاة المال.
الإجابة للشيخ محمد صالح المنجد
حكم صيام المصاب بـ«كورونا»
هل يجوز الصيام مع الإصابة بكورونا؟
– ليس هناك خصوصية لمرض «كورونا» تتعلق بالصوم، ولا علاقة للصوم أو تركه، بخصوص هذا المرض، لكن المصاب بـ«كورونا» كغيره من المرضى، إن شق عليه الصوم مشقة ظاهرة، أبيح له الفطر؛ لقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة: 184) وقال ابن حزم رحمه الله: «وَاتَّفَقُوا على أن من آذاه المَرَض، وضعف عَن الصَّوم: فله أن يفطر»، والمريض له أحوال:
1- إذا كان مرضه يسيراً، لا يضره ولا يشق معه الصوم، فهذا يجب عليه الصوم عند الجمهور، ويحرم عليه الفطر.
2- إذا كان المرض يشق معه الصوم، ولا يضره، فهذا يباح له الفطر.
3- إذا كان المرض يخشى منه الهلاك: وجب الفطر عند الجمهور.
4- إذا كان المرض يضره، بزيادة مرضه أو طوله، ففيه خلاف: هل يسن له الفطر، أم يجب، والصحيح أنه يجب.
استخدام العقاقير بالسحور
توجد بعض العقاقير التي تقلل من نسبة الشعور بالجوع، والعطش، ويقوم بعض الناس باستخدامها في السحور، فما حكم تناول هذه العقاقير؟
– عرَّف العلماء الصيام بأنه «التعبد لله بالإمساك عن المفطرات كالطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس»، كما قال تعالى: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) (البقرة: 187)، وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ، مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» (رواه البخاري).
والمفسد للصوم يسمَّى عند العلماء «المفطرات»، وأصولها ثلاثة: ذكرها الله عزّ وجل في قوله: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)، وقد أجمع العلماء على أن هذه الثلاثة تفسد الصوم، والعقاقير الواردة في السؤال هي حبة مكونة من أعشاب ومواد مباحة الاستعمال والتناول، وتسمَّى «حبة رمضان»، وفيها من أنواع الفيتامينات المتعددة («بي 1»، «بي 2»، «بي 6»، «بي 12»)، وغيرها من المواد النافعة للبدن، وهي تزود الجسم بالنشاط أثناء النهار، وتخفف عليه الجوع؛ لما في هذه المواد من قدرة على مساعدة المخ على إعطاء أوامر للجسم ليبحث عن الغذاء في الشحوم، والدهون الزائدة في الجسم، عوضاً عن المعدة الخاوية.
والظاهر من السؤال أنه عن حكم تناولها في الليل قبل الفجر، وأنه لكون تلك العقاقير لها القدرة على منع إحساسه بالجوع، فإنه قد يظن ظانٌّ أنه لا يحل تناولها من الليل؛ لما لها من استمرار مفعول في النهار، وهذا ظن خطأ، بل هي جائزة الاستعمال، ما دام تناولها في وقت إباحة تناول الطعام والشراب، وأما أثرها المستمر في النهار فهو ليس بمانع من تناولها، ولا فرق بينها وبين طعام السحور.
الإجابة للدكتور عبدالحي يوسف
صيام 6 أيام من شوال
قرأت أن أجر صيام ستة أيام من شوال الوارد في الحديث لا ينال إلا بعد قضاء ما عليَّ من رمضان، هل هذا صحيح، أم أن صومها جائز قبل القضاء؟
– الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فالذي عليه أكثر العلماء أن صيام الست قبل قضاء رمضان جائز مجزئ؛ وذلك لأن القضاء واجب موسع يصح أن يكون في أي وقت من السنة إلى نهاية شعبان، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: “كان يكون عليَّ القضاء من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان يمنعني الشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم”، ولا يتصور من عائشة رضي الله عنها أنها كانت تفرط في صوم الست، وعليه فإن صوم الست قبل القضاء صحيح، ولا حرج عليك إن شاء الله، والله أعلم.
صيام الحائض إن طهرت
هل يصح صيام الحائض إن طهُرت وطلع الفجر قبل أن تغتسل؟
– إن الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر صحَّ صومُها ولو لم تغتسل؛ إذ لا تعلُّق للغسل بصحة الصوم، لكن الواجب عليها متى طهرت أن تبادر بالغسل إذا استطاعت، لعموم قول الله عز وجل: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ} (الحديد: 21)، ولأنه سبحانه أثنى على أنبيائه بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} (الأنبياء: 90)، ولأنها لو أخَّرت الغسل بغير عذر ترتب على ذلك تضييعها للصلاة وهو إثم عظيم؛ لقوله سبحانه: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} (مريم: 59)، والعلم عند الله تعالى.