أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد في فرنسا أثناء حضوره قمة الاقتصاديات الافريقية ، التي لم يعد منها بحصيلة اقتصادية ومالية سوى السودان الذي قدمت له فرنسا 1،5 مليار دولار لخلاص ديونه المستحقة لصندوق النقد الدولي كمكافأة على التطبيع .
أثارت الكثير من النقد واللوم من قبل عدد كبير من السياسيين و الناشطين و الاعلاميين، حيث قام على غير عادة السياسيين والوطنيين فضلا عن الزعماء بنشر غسيل بلاده، في حوار مع قناة فرانس 24 التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية .
وكان سعيّد قد أطنب في نقد الوضع السياسي و الاقتصادي في بلاده قائلا” مع كل نص هناك لص” و” الوضع السياسي غير مشجع على الاستثمار”.
ورغم أن الكثيرين يشاطرونه الرأي بخصوص تقييم الوضعين السياسي و الاقتصادي إلا أنهم استهجنوا الحديث عن ذلك في وسيلة اعلام أجنبية موجهة .
الموقع و الخطاب
وكتب وزير الخارجية التونسي الأسبق رفيق عبدالسلام رسالة على موقعه على فيسبوك قال فيها” بلغوا السيد رئيس الجمهورية أن موقعه ودوره يفرضان عليه الدفاع عن صورة تونس في الخارج وبث صورة طمأنة للفاعلين السياسيين والاقتصاديين”.
وتابع” القول بأن المناخ السياسي غير سليم وغير مشجع على الاستثمار معناه اياكم من التفكير في الاستثمار أو التجارة أو السياحة في تونس، اي هذا اسمه لعب بلقمة عيش التونسيين والتونسيات واطلاق الرصاص على الأرجل”.
وشبه عبدالسلام ذلك بمن ” يعرض بضاعة في السوق ويقول للناس انها بضاعة فاسدة فلا تشتروها. ” وكتب الصحفي عبدالله معاذ “من البديهي أن المشاكل الداخلية لأي بلد تبقى داخل البلاد .. ومصالحها يخدمها كل سياسييها بقطع النظر عمّن يحكم.. أما أن يشجع على عدم الاستثمار في بلاده وهو مقوّم أساسي للتنمية فلا يمكن وضعها سوى في خانة الخيانة العظمى” .
ما هذا يا هذا؟
و كتب السياسي د. لطفي المرايحي “لا أكاد أصدق ما ورد على لسان قيس سعيد في حواره لفرانس 24 لا لأني كنت انتظر منه حديثا بمستوى المنزلة التي رفعه إليها التونسيون فيقيني راسخ من زمان أن البردة التي خلعوها عليه أكبر من حجمه بكثير ولا كنت انتظر منه رأيا سديدا أو مقاربات مبتكرة فقد خبرت الرجل وأدركت حدوده ومحدوديته التي لا تخفى إلا على من كان بدوره محدودا يتوهم ان صفة نظافة اليد وحدها ضمان للنجاح”.
وأردف” لقد اقترف هذا الرجل المحدود اليوم جرائم لا حد ولا حسر لها”.
واستهجن سماح سعيّد بنشر الغسيل بتلك الطريقة ” سمح لنفسه بالتحدث عن الشأن الداخلي على قناة أجنبية وهو د خارج أرض الوطن”.
كما استهجن” نعت الوضع الداخلي بالفاسد وفي ذلك إشارة صريحة لمن تحدثه نفسه بالاستثمار في تونس أن عليه أن يعدل عن هذه الفكرة مادام رئيس الدولة يقر صراحة بتفشي الفساد”
وأشار إلى أن سعيّد” لم يترك مكونا من مكونات الحياة العامة إلا وتهجم عليه صراحة أو تلميحا متهما اياه بالفساد أو بالفشل.”
وتوجه بخطابه لسعيّد ” ماذا فعلت يا هذا وماذا قدمت حتى تقتص من الفاسدين وتسترجع الاموال من الناهبين؟”
وواصل ” ماهي مبادراتك يا هذا حتى تحقق أحلام الذين انتخبوك والذين لم ينتخبوك”؟
واستمر في الحديث لسعيّد” ما دمت تعرف كل شيء لماذا تترك الفاسدين والمتآمرين والناهبين يعبثون وهم طلقاء؟”
وسأله ” هل نسيت إنك منتخب ومباشر لمهامك منذ أكثر من سنة ونصف؟ فلماذا لم تفعل الفصول الدستورية الاستثنائية؟”
وقال لسعيّد” انك لست سوى ظاهرة صوتية انطلت على السذج وندفع اليوم ثمنها.. أنت طبل أجوف يمثل اليوم الخطر الأكبر على تونس.. ستظل تهذي إلى أن تنقضي مدتك. قلتها من زمان وهاجمني الاغبياء لأن كثيرهم كما يقول المثل التونسي “ما يعرفوه بقري كان بالكرشة” ( أي لحم بقر إلا إذا رأوا الامعاء و الأغشية )
خطاب طالب لجوء
الناشط الاعلامي و السياسي جنيد طالب ، ذكر في تدوين له على حسابه على فيسبوك أن خطاب قيس سعيّد في حواره مع فرانس 24 ” خطاب طالب لجوء وبتلك النبرة يصاب المرء بالسُل وتتفتت الأكباد ويتمنى الانسان الكوفيد ولا يسمعها”.
وقال” تمادى سعيّد في تشويه صورة تونس وسبّها ولعنها عندما ذكر بأن تونس بلاد اللصوص، وأنها مكان للنهب، و بلاد سرقة أصوات الناخبين، وليست آمنة، وبالتالي ليست بلاد استثمار، وليس فيها استقرار” .
وتساءل” بالله هل سمعتم مسؤول دولة في العالم يشوه بلاده بخطاب منحط وتافه وفارغ ولا تستطيع فهمه حتى لو حاولت، ولا تعرف تضحك ولا تبكي عندما تسمعه”.
وضرب مثلا بالممثل الفكاهي عندما سألوه في باريس في حوار تلفزي عندما قالوا له في سؤال تلقيني” “تونس ماشية للهاوية” .
فأجاب ” تلك بلادي العزيزة والنهضة أناسي ولا أسب بلادي وأولاد بلادي وأنا خارج تونس، ولا أشوه أحدا، وإذا كنت أختلف معهم ففي تونس فقط وليس في فرنسا “.
وعلّق طالب” لطفي العبدلي سجل موقف رجولي حقا، أما من أـتت به المخابرات فمفروض عليه يطلب اللجوء في فرانسا، لأن خطابه يعكس الخوف من الوضع الأمني في بلاده وخائف من الاضطهاد والتعذيب، فالخطاب خطاب طالب لجوء يبرر أسباب طلبه اللجوء والخوف من بقائه في بلاده”. .
ما الذي جلبه لتونس؟
وتساءل الإعلامي والمحلل السياسي برهان بسيس عن حصيلة ومنافع الزيارة التي أداها قيس سعيد مؤخرا إلى فرنسا للمشاركة في قمة دعم الاقتصادات الإفريقية.
وقال بسيس في مداخلة له ببرنامج “راف ماغ” بإذاعة ifm، اليوم الخميس 20 مايو 2021 م “عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري السوداني الانقلابي عاد لبلده بإلغاء كل ديون السودان لدى فرنسا المقدرة بـ 5 مليون دولار مع 1،5 مليار دولار لسداد صندوق بنك النقد الدولي، وسعيّد الديمقراطي الذي انتخبه 2.7 مليون تونسي عاد بتداعيات حوار مع فرانس 24”.
واستنكر بسيس طريقة خطاب سعيد وحديثه عن الأوضاع في تونس لأن لكل مقام مقال ولا يجب الخوض في المسائل الداخلية خلال الزيارات الخارجية.
كما استغرب بسيس عدم إبداء سعيد موقفه من بيان الرئاسة الفرنسية الذي أبدت دعمها فيه لإسرائيل واعتبرت أن فصائل المقاومة بما فيهم حماس حركات إرهابية وهي من ساهمت في توتر الأوضاع، ولم يرد سعيّد عن ذلك حتى في الحوار المشار إليه، كما غيّر مفهومه للخيانة العظمى” من اعتراف بالكيان الصهيوني إلى مجرد عدم الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، فحتى الكيان الصهيوني لديه مفهوم للحق الفلسطيني يعترف به، فأي متاهة يقودها سعيّد في تونس والمنطقة.