تكرر سيناريو 27 أبريل الماضي في الجلسة العادية لمجلس الأمة الكويتي عندما جلس نواب على مقاعد الوزراء فطارت الجلسة، حيث رفعت جلسة مجلس الأمة العادية للمرة الثانية، أمس الثلاثاء، عقب رفض الحكومة حضورها بسبب جلوس النواب على مقاعد الوزراء، ليستمر سيناريو تعطيل الجلسات العادية، وتزامن ذلك مع تقديم نواب طلب عقد جلسة خاصة الأحد المقبل لتعديل اللائحة الداخلية بما يمكنهم من عزل رئيس المجلس مجدداً.
موقف الحكومة
الحكومة رفضت حضورها بسبب جلوس النواب على مقاعد الوزراء
حكومياً، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة مبارك الحريص، أن الحكومة حضرت جلسة أمس، تلبية للدعوة التي وجهها رئيس المجلس، ففوجئت بتكرار استمرار مخالفة بعض النواب للعرف الذي نشأ منذ إقرار الدستور وبدء الحياة النيابية وتواترت عليه جميع مجالس الأمة السابقة، وذلك بجلوسهم على المقاعد المخصصة لرئيس الحكومة والوزراء.
واعتبر الحريص، في بيان، أمس، أن ذلك يعد إصراراً من بعض النواب على تعمد تعطيل عقد الجلسات والإنجازات، مما يؤثر على المصلحة العامة، وتسيير الأعمال، والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، رغم إدراكهم المسبق أن الحكومة لن تقبل المساس بالعرف البرلماني المستقر، ولا سيما أنهم لم يعلنوا أسباب ممارستهم غير المبررة.
وشدد على أن الواضح من هذه الممارسة أن بعض النواب يستهدفون تعطيل العمل والإنجاز المطلوب، وإظهار الحكومة أنها تريد عرقلة عقد الجلسات، ومخالفتها للدستور واللائحة.
لن تعقد الجلسات!
وفيما يبدو أن قرار النواب بالجلوس على المقاعد المخصصة للحكومة جاء كنوع من الاعتراض على تعاطي الحكومة مع استجوابات النواب المقدمة لرئيس الوزراء، حيث انتهى الاجتماع النيابي الذي حضره 26 نائباً في ديوان النائب مساعد العارضي، أول من أمس، إلى أنه «لن تكون هناك جلسة لمجلس الأمة، إلا بصعود رئيس مجلس الوزراء منصة الاستجواب».
وأعلن العارضي عقب الاجتماع عن تشكيل لجنة نيابية تنسيقية مكونة من النواب مرزوق الخليفة، وحسن جوهر، وفايز الجمهور، ومحمد المطير، وصيفي الصيفي، وعبدالعزيز الصقعبي، وأحمد مطيع، مبيناً أنه «تكريماً لبدر الداهوم، قرر المجتمعون أن يكون الداهوم المنسق العام لكتلة 30 نائباً».
هناك تصميم نيابي على تعطيل الجلسات لحين صعود الخالد منصة الاستجواب
وأضاف أن النواب المجتمعين «أكدوا الموقف السابق بألا تكون هناك جلسة إلا بصعود رئيس الوزراء المنصة»، موضحاً أن «النواب ثابتون على هذا الموقف، لأن صباح الخالد هو من عطل مصالح الشعب».
وتابع قائلاً: «الخالد هرب من الاستجوابات وعطل الجلسات وتعمد التأخير في تشكيل حكومته حتى تتعطل الجلسات، واليوم كل من لا يحترم الإرادة الشعبية يجب ألا يحترم، ولا يمكن أن تكون هناك جلسة إلا بصعوده المنصة».
وقال النائب مهلهل المضف، في تصريح صحفي: «متمسكون بقرارنا السابق، ولن تعقد جلسات ما لم يصعد رئيس الوزراء المنصة خلالها»، مشدداً على ضرورة إسقاط طلب تأجيل استجواباته الذي اتُخذ في جلسة 30 مارس الماضي.
وذكر المضف أن ذلك القرار «غير دستوري وغير لائحي ولن نقبل به بأي حال، ويعد جريمة سياسية شارك فيها كل من صوت على تمريره».
كما أكد النائب محمد المطير أنه «إذا كان رئيس الوزراء حريصاً على إقامة جلسة اليوم، فعليه احترام الدستور والصعود لمواجهة الاستجوابات».
وفي وقت انضم النائب د. صالح الشلاحي رسمياً إلى الاستجواب الذي قدمه النائب شعيب المويزري إلى الخالد، قال النائب مرزوق الخليفة: إنه «استجواب مستحق وجاء في الوقت المناسب ونؤيده وندعمه ونعلن عدم التعاون مع رئيس الحكومة»، مشدداً على أن الجلسة لن تمر ولن تعقد إذا لم يصعد المنصة، وهو ما حدث بالفعل.
الحكومة: بعض النواب يستهدفون تعطيل العمل والإنجاز المطلوب
توقيعات لعزل الرئيس
مجدداً تقدم 25 نائباً بطلب عقد جلسة خاصة لمناقشة الاقتراح المقدم من النائب د. عبدالعزيز الصقعبي بشأن تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بتمكين نواب المجلس من إعفاء رئيس مجلس الأمة.
النواب طلبوا تحديد يوم الأحد 30 مايو 2021 لعقد جلسة خاصة في الساعة الحادية عشرة صباحاً للمناقشة والتصويت على الاقتراح، استناداً على المادة (72) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
هذا، وقد قام النواب الموقعون على طلب عزل الرئيس بإصدار بيان «للأمة»، جاء فيه: «لما كانت الحكومة تطيح بالجلسات العامة والخاصة، وتضيّع حق الشعب في الرقابة على أعمالها، وغيابها عن الجلسات يتم بحجج واهية مختلفة، حقيقتها ازدراء حق الأمة وتعطيل واجبات النواب، وذلك من خلال عدم حضورها لتعطيل الجلسات، ولا تستند بهذا التعطيل إلى أي قانون أو لائحة، فيجب من الآن فصاعداً أن تُعقد الجلسات حتى وإن لم تحضر الحكومة صيانةً للدستور وحفظاً لحقوق الأمة».
وأضاف البيان: «ولما كان رئيس مجلس الأمة قد تهاون في حماية الدستور، وتنازل عن حق انعقاد الجلسات المكفول للنواب إلى الحكومة، واشترط حضورها لانعقاد الجلسات رغم توافر النصاب النيابي، لذا وجب بدء إجراءات عزل رئيس مجلس الأمة واستمرار إجراءات عدم التعاون مع رئيس الحكومة وأعضائها».
25 نائباً وقَّعوا مجدداً طلباً لعزل رئيس المجلس من منصبه وتعديل اللائحة الداخلية
جلسة الخميس المقبل
واتفق نواب على أن يشهد الخميس المقبل عقد جلسة خاصة من أربعة بنود، تتمثل في أداء النائب د. عبيد الوسمي اليمين الدستورية، ومناقشة تقرير لجنة الميزانيات البرلمانية عن صرف مكافأة الصفوف الأمامية، والقضية الفلسطينية لإقرار قانون حظر التعامل مع الكيان الصهيوني، إلى جانب الاختبارات الورقية، في ضوء ما انتهت إليه لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية.
وتجددت اعتراضات نيابية على وزير التربية د. علي المضف لإرغامه على التراجع عن قرار إجراء الاختبارات الورقية للثانوية العامة، إذ قال النائب د. أحمد مطيع: إن «الفرصة لا تزال متاحة أمام الوزير للتراجع عن القرار اللامسؤول بعقد الاختبارات الورقية وإلا فسيتحمل مسؤوليته».
الخاسر والفائز!
السؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة إزاء هذا التصعيد وهذه الحالة من الاحتقان السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتعطيل جلسات الأمة، هو: من الفائز؟ ومن الخاسر؟ فيما يبدو أنه لا فائز من لعبة الكراسي، فالجميع خاسر وفي مقدمتهم الشعب الذي تعطلت مصالحه، والوطن الذي يواجه أزمة اقتصادية وصحية بسبب تداعيات وباء كورونا.