تواصلت ردود الفعل السياسية في تونس على الوثيقة المسربة من مكتب الرئيس قيس سعيد وتتحدث عن انقلاب على الدستور وإجهاض الديمقراطية في البلاد، وصدر أكثر من موقف من داخل البرلمان التونسي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعا البعض لإجراء تحقيقات برلمانية وقضائية وعلى مستوى الأمن الوطني التونسي، فيما أشار كثيرون إلى ضرورة أخذ الأمر مأخذ الجد.
وقال آخرون: إن الوثيقة ليست صادرة من مكتب الرئيس سعيّد، وإنما أرسلت إلى مكتب مديرة مكتبه نادية عكاشة ومنها وقع تسريبها إلى الخارج على أساس أنها وثيقة من مكتب الرئيس في حين أنها واردة عليه من الخارج.
“النهضة” تدين
وقد أعربت حركة النهضة، في بيان لها، عن إدانتها الشديدة لما ورد في الوثيقة المسربة مطلع هذا الأسبوع، التي يعود تاريخها إلى 13 مايو الجاري، والموجهة إلى مديرة الديوان الرئاسي، وما تضمنته من توجهات ومقترحات خطيرة تحت لافتة تفعيل الفصل (80) من الدستور، معتبرة أن ما زاد من خطورة هذه الوثيقة أنّها تتساوق مع خطابات الأطراف المناوئة للمسار الديمقراطي والعاملة على إرباك الوضع العام بالبلاد.
كما دعت إلى فتح تحقيق جدي وسريع برلماني وقضائي حول هذه الوثيقة لكشف جميع ملابساتها، وطمأنة الرأي العام الوطني والدولي.
ووجهت الحركة دعوتها لكل المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين إلى تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن المسار الديمقراطي والحقوق والحريات، والوقوف سداً منيعاً أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات، مجددة تأكيدها على ضرورة انعقاد الحوار الوطني الجامع ليتناول الأزمة السياسيّة التي تعيشها البلاد ويسعى إلى ترتيب الأولويات الوطنيّة والتوافق حولها ويحفظ للبلاد مقدراتها وأمنها واستقرارها.
عدم التهاون مع المعطيات المسربة
وأكد رئيس كتلة حركة النهضة في مجلس نواب الشعب (54 نائباً) عماد الخميري أن ما نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني وما نقلته عنه وسائل الإعلام المحلية والدولية يجب أن يؤخذ مأخذ الجد.
وقال الخميري، في تدوينة له بصفحته الرسمية على “فيسبوك”: إن ما نشرته بعض وسائل الإعلام من وجود دعوات للانقلاب على الدستور وإجهاض الديمقراطية التونسية والانفراد وجمع السلطات بيد شخص واحد وهو رئيس الجمهورية يجب حمله على محمل الجد وعدم التهاون في التعامل مع هذه المعطيات المسربة.
وتابع: هذا الحديث استمعنا لمن يردد مقالته في البرلمان وفي الجلسة العامة والدعوات الانقلابية تحت مسمى تفعيل الفصل (80) من الدستور رددها بعض النواب في وسائل الإعلام وفي البرلمان وفي رسائل مفتوحة لرئيس الجمهورية”.
وأردف: في اعتقادي أن من يدعو لهذا الخيار، أو يحرّض عليه، يريد الدفع بالبلاد نحو المجهول بضرب وحدة الدولة والمساس بأمنها واستقرارها، وطالب في جلسة بالبرلمان، أمس الثلاثاء، بتحقيق برلماني وقضائي.
عهد الانقلابات ولى
وقال رئيس كتلة حزب قلب تونس أسامة الخليفي (29 نائباً)، الإثنين الماضي، في تعليقه على الوثيقة المسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة، التي نشرها موقع “ميدل إيست آي” البريطاني التي كشفت عن خطة لانقلاب رئيس الجمهورية على النظام الحالي: إن” عهد الانقلابات قد انتهى، والدولة محصنة بشعبها ومؤسساتها”.
وبين الخليفي، في تصريح لإذاعة “موزاييك” الخاصة أن الهدف من التسريب هو إرباك عمل الدولة، مشدداً على ضرورة التصدي لهذه المحاولات.
واعتبر الخليفي أن الوثيقة المسربة تساهم في مزيد تأزم الوضع وتقدم صورة عن عدم وجود استقرار في تونس خاصة على المستوى المؤسساتي والسياسي، لافتاً إلى أن حزب قلب تونس لا يعطي أهمية لمثل هذه الوثائق المسربة.
لم تكن مفاجئة
وذكر الكاتب والمحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، في تدوينة له على صفحته بـ”فيسبوك”، أنه كان على علم بالوثيقة، وأن مجموعة كانت تشتغل على صياغتها، وأن الوثيقة لم تكن مفاجئة، على اعتبار أن الوزير السابق وأمين عام التيار الديمقراطي سابقاً محمد عبو وزوجته، اقترحوا ما ورد بالوثيقة عديد المرات في العلن.
وأكد الحبيب بوعجيلة أنه لا يمكن تنفيذ ما تم التخطيط له بالوثيقة الانقلابية، لأن أجهزة الدولة رفضتها، وانتهى بوعجيلة إلى السؤال: لماذا كشفت الوثيقة الآن؟
أخذ الحيطة
من جانبه، طالب المدون سمير ساسي الحكومة والبرلمان بأخذ الاحتياطات الاحترازية العاجلة، إلى حين أن تتضح الأمور وكشف حقيقة ما تضمنته الوثيقة.
فيما اعتبر رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة عبداللطيف علوي أن الوثيقة تعتبر أحد الأشياء المسكوت عنها.
وقال: واضح أنّ وفاق عبّو كان يشتغل بتركيز عالي الدّقّة على وضع خارطة طريق لما كان قد أعلن عنه سابقاً، أيّاً كانت الأحوال، واهم ثمّ واهم ثمّ واهم! من يظنّ أنّه فيل والباقي نمل، في إشارة إلى استعداد للمقاومة.
واكتفى القيادي البارز بحركة النهضة رفيق عبدالسلام بالقول: هذه الوثيقة تغني عن الحديث والتعليق، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وتفشي الوثيقة المسربة التي نشرها موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، الأحد الماضي، مخططاً لانقلاب دستوري في تونس.