قال المتحدث باسم حركة “حماس”، سامي أبو زهري: إن صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة و”إسرائيل” مرهون بالسلوك “الإسرائيلي” على الأرض.
وأكد أبو زهري، في مقابلة مع “الأناضول”، خلال زيارته لتونس العاصمة، أن حركته ستحترم اتفاق وقف إطلاق النار طالما احترمته “إسرائيل”.
وأوضح أنه في حال لم تلتزم “إسرائيل”، فمن الطبيعي أن نذهب لمواجهتها.
اتفاق التهدئة “هش” نظراً لاستمرار الاقتحامات “الإسرائيلية” لمدن الضفة
وشدّد على أن لدى حركته كامل الخيارات، وسلاحها بيدها، وتُحدد موقفها وقرارها في ضوء السلوك “الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن ما تم هو اتفاق لوقف متبادل ومتزامن لإطلاق النار وليس هدنة، واصفاً إياه بـ”الهش، بفعل الطبيعة الدموية والإجرامية للاحتلال.
ونبّه أبو زهري إلى أن الاحتلال لا يحترم الاتفاقات، وهناك اجتياحات واقتحامات يومية لمدن الضفة الغربية، ولا يزال تهديد أهالي مدينة القدس بالتهجير، قائماً.
وتابع: وبالتالي فإن حالة الاشتباك والمواجهة لا تزال موجودة، والمعركة ستعود في ظل التهديدات والجرائم “الإسرائيلية” المستمرة.
في 13 أبريل الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات وحشية “إسرائيلية” بمدينة القدس المحتلة، وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية وتحول إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة انتهت بعد 11 يوماً بوقف لإطلاق النار فجر 21 مايو الماضي.
وأسفر العدوان “الإسرائيلي” على الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة السابقة، عن 290 شهيداً، بينهم 69 طفلاً و40 سيدة و17 مسناً، بجانب أكثر من 8900 مصاب، مقابل مقتل 13 “إسرائيلياً” وإصابة مئات؛ خلال رد الفصائل في غزة بإطلاق صواريخ على “إسرائيل”.
وتعقيباً على الحراك الإقليمي لتثبيت وقف إطلاق النار، اعتبر أبو زهري أن زيارة مدير المخابرات المصرية عباس كامل لغزة، الإثنين الماضي، تأتي في سياق الاهتمام المصري بمتابعة القضية الفلسطينية، وحرص القاهرة على دعم الموقف الفلسطيني عقب العدوان.
نُحذر من أي تباطؤ في إعادة إعمار غزة ونرفض ربط ذلك بملف الأسرى “الإسرائيليين”
ورأى أن الحفاوة التي استُقبل بها الوفد المصري في غزة دليل على حرص “حماس” على بناء علاقات كبيرة مع القاهرة؛ انعكاساً للعلاقات التاريخية بين الشعبين.
وأضاف أبو زهري: سيكون لهذه الزيارة ما بعدها في تطوير العلاقات الثنائية؛ خدمةً لمصلحة أهالي غزة.
ملف الإعمار.. وتبادل الأسرى
وأشار أبو زهري إلى أن ملف إعادة إعمار القطاع كان أساسياً على طاولة الحوار.
وجدّد رفض حركته الربط بين ملف الإعمار، وقضية تبادل الأسرى.
وتحتفظ “حماس” بأربعة “إسرائيليين”، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، بينما دخل الآخران غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.
وتشترط “إسرائيل” ربط إحراز أي تقدم بملف إعمار غزة، بإنهاء قضية جنودها المأسورين في غزة.
وفي السياق، قال أبو زهري: ملف إعادة أعمار غزة مرتبط بنتائج العدوان “الإسرائيلي”، أما صفقة تبادل الأسرى فلها سياقات وأثمان متعلقة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
ولفت إلى أن حركه تشترط، قبل الدخول في مفاوضات جديدة، إفراج “إسرائيل” عن الأسرى الذين أعادت اعتقالهم عقب الإفراج عنهم في صفقة “شاليط” (وفاء الأحرار) عام 2011.
وحذّر أبو زهري من أي تباطؤ أو تأخير في ملف إعادة إعمار غزة.
لم نشترط أن نكون طرفاً في إعادة إعمار
وأكد أن “حماس” لم تشترط أن تكون طرفاً في تنفيذ أي عملية إعادة إعمار، وتعهدت بتقديم كامل التسهيلات للجهات المانحة بهذا الشأن.
واستدرك بالقول: إن ذلك لا يعني التباطؤ في مشاريع الإعمار، مطالباً الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بعدم استغلال هذا الملف لمعاقبة الشعب الفلسطيني على احتضانه للمقاومة.
وأضاف أبو زهري: نمتلك الخيارات التي تضمن إعادة الإعمار، ونثق بأن أطرافاً عربية وإسلامية (لم يُسمها) لن تسمح بأي تأخير في هذا الأمر.
ودعا تلك الأطراف إلى تقديم تعهدات مالية لإعادة الإعمار، عبر تشكيلها لجاناً للإشراف بشكل مباشر على إنفاق الأموال المخصصة لهذا الملف.
وتابع: مصر تمتلك الخبرة والكفاءة للمساهمة بدور نشط في ملف الإعمار، ودورها مرحّب به.
ووعدّ أبو زهري الفلسطينيين المتضررين من العدوان “الإسرائيلي” بالوقوف إلى جانبهم، وتعويضهم عما خسروه من بيوت وممتلكات.
وانتقد المتحدث باسم “حماس” دور السلطة الفلسطينية وأداءها خلال العدوان “الإسرائيلي” على غزة.
نطالب بعدم استغلال ملف الإعمار لمعاقبة الفلسطينيين على احتضانهم للمقاومة
وقال: للأسف، فقد غابت السلطة الفلسطينية خلال العدوان، ووقفت موقف الحياد، ثم هي الآن تبحث -في الوقت الضائع- عن دور لها في ملف الإعمار.
زيارة هنية للقاهرة
وفي سياق متصل، أكد أبو زهري أن رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية سيزور القاهرة قريباً لبحث العلاقات الثنائية وملف إعادة إعمار غزة.
وفي وقت سابق، أعلنت حركة “حماس” أن السلطات المصرية وجّهت دعوة لهنية لزيارة القاهرة؛ لبحث جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وإعادة إعمار القطاع.
وأوضح أبو زهري أنه يجري إتمام ترتيبات الزيارة، مُشيراً إلى اعتزام هنية القيام بجولة تشمل دولاً عربية وإسلامية.
الموقف من إيران
وحول تكرار إشادة قادة “حماس” بإيران، وما يثيره ذلك من انتقادات في أوساط مناصري الحركة، على خلفية موقف طهران من الثورة السورية، أجاب أبو زهري بأن قرار حركته يُتخذ عبر مؤسساتها الرسمية والشورية.
وأضاف: ما يصدر عن قيادات الحركة هو انعكاس لموقفها الرسمي، لكن من الطبيعي أن يوافق هذا الموقف مزاجات لآخرين أو يتعارض معها، إلا أننا ملتزمون بما يصدر عن مؤسسات الحركة.
وأوضح أن حركته تحرص على علاقات مع جميع الأطراف العربية والإسلامية، ولا تصنع أي علاقة مع أحدها على حساب الآخر، مضيفاً: نحن نرحب بكل من يريد أن يتقرب منا.
وزاد في قوله: إيران قدّمت وتُقدم الكثير من أجل المقاومة، ونُقدر لها هذا الموقف على قاعدة خدمة القضية الفلسطينية.
نحرص على علاقات مع جميع الأطراف العربية والإسلامية
زيارة تونس
من جانب آخر، أشار أبو زهري أنه يُجري حالياً زيارة رسمية لتونس، في إطار تقدير الموقف الرسمي والشعبي من العدوان “الإسرائيلي” الأخير، ووقوف التونسيين إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين.
وأضاف أنه التقى بالعديد من الأحزاب والتيارات والمؤسسات الفاعلة على الساحة التونسية، على اختلاف توجهاتها، داعياً إلى تشكيل صندوق وطني لفتح الباب أمام المساهمين في دعم المتضررين من العدوان “الإسرائيلي” على غزة.
وأكد أبو زهري أن الشعب التونسي كان له بصمة خاصة في مقاومة العدوان “الإسرائيلي”، عبر الطائرات المُسيرة التي استخدمتها المقاومة وتحمل اسم محمد الزواري، مهندس الطيران التونسي الذي اغتيل في 15 ديسمبر 2016.
وأعلنت حركة “حماس” حينها أن الزواري ينتمي إلى جناحها المسلح “كتائب القسام”، واتهمت “إسرائيل” باغتياله، على خلفية إشرافه على مشروع تطوير طائرات دون طيار، ومشروع غواصة مسيّرة.