أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر رفضها الشديد لأحكام الإعدام التي صدرت يوم أمس الاثنين بحق قياداتها، ووصفتها بالانتقامية والجائرة، وحملت الجماعة في بيانها من سمّتهم “أصحاب المواقف السلبية المسؤولية أمام الله ثم أمام التاريخ”.
وطالبت “العالم الحر بكل مؤسساته ومنظماته” بوقف تنفيذ هذه الأحكام وإلغاء كافة الأحكام “المفتقدة لأدنى درجات المصداقية والخالية من العدالة والنزاهة”، وفق تعبيرها، مؤكدة في الوقت نفسه “مواصلة أداء دورها في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون تردد أو وجل”، وفق ما جاء في البيان.
وجاءت مطالب جماعة الإخوان بعد إعلان محكمة النقض -أعلى محكمة طعون بالبلاد- تأييد حكم أولي صدر في سبتمبر/أيلول 2018 بإعدام 12 شخصا بينهم قياديون بالجماعة هم: محمد البلتاجي، وعبد الرحمن البر، وأحمد عارف، والوزير السابق أسامة ياسين.
وخففت العقوبة َلـ31 آخرين من الإعدام إلى المؤبد، وذلك في القضية المعروفة بـ”فض اعتصام رابعة”.
والحكم وفق القانون المصري نهائي وواجب التنفيذ، ويعد الأول بحق قياديين في الصف الأول منذ صيف 2013 والأزمة مع النظام، الذي يعتبر الجماعة محظورة.
واعتقل أغلب المتهمين منذ أواخر 2013 إثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الراحل محمد مرسي، ووجهت إليهم النيابة اتهامات، نفوا صحتها، بينها “القتل العمد والتجمهر والتخريب”.
وفي 14 أغسطس/آب 2013، فضت قوات من الجيش والشرطة اعتصامين لأنصار مرسي في ميداني “رابعة العدوية” و”النهضة”، رافضين قرار الإطاحة به من منصبه بعد عام من حكمه، وخلّف الفض مقتل المئات، وفق تقارير محلية.
وفي 2018، قضت محكمة جنايات مصرية بإعدام 75 من أنصار مرسي بعد إدانتهم بالقتل ومقاومة قوات الأمن أثناء فض اعتصامهم في القاهرة.
أحكام سياسية وانتقامية
ووصفت سارة ليا واتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، قرار محكمة النقض المصرية تأييد أحكام الإعدام بالشنيع. وقالت في مقابلة سابقة مع الجزيرة إن هذه الأحكام “سياسية وانتقامية”.
وقالت إنه “من الواضح أن هذه المحاكمات والأحكام بالإعدام، بالإضافة إلى الأحكام المخففة بحق 31 آخرين، ليست لها أي علاقة بجرائم حقيقية. وإذا كان هناك مجرمون فهم الأشخاص الذين قتلوا المتظاهرين في عام 2013”.
وتوجه منظمات حقوقية دولية انتقادات حادة للسلطات المصرية بسبب عدد الإعدامات الذي ارتفع بشكل لافت منذ عام 2013.
وتشير الأرقام التي تعرضها هذه المنظمات إلى أن مصر باتت من بين أعلى 10 دول من حيث عدد الإعدامات السنوية، وتقول إنها انضمت إلى دول أخرى تصفها بسيئة السمعة.
وحثت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي وهيئات حقوق الإنسان الأممية على دعوة السلطات المصرية على وضع حد الإعدامات فورا.
وتذكر منظمة هيومن رايتس ووتش في أحد تقاريرها أن مئاتٍ حكم عليهم بالإعدام منذ العام 2014، وأن عشرات نُفذت فيهم الأحكام فعلا بعد محاكمات قالت إنها مشوبة بالتعذيب.
قضاء مستقل
لكن القاهرة ترفض أي تشكيك في نظامها القضائي، وتقول إن أحكاما سابقة بالإعدام لم تصدر إلا بعد جلسات محاكمة مطولة، توفرت فيها كل ضمانات المحاكمات العادلة.
واعتبر المحامي والباحث الحقوقي أسعد هيكل في نشرة سابقة مع الجزيرة أن مصر عانت كثيرا من الصراع الداخلي على مدى السنوات العشر الماضية مما أودى بحياة كثير من الأبرياء، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي “أرجع أمر المصالحة السياسية في مصر إلى الشعب”.
وقد وصف الكاتب الصحفي المصري جمال سلطان أحكام الإعدام التي أيدتها محكمة النقض المصرية بغير المسبوقة في تاريخ المحاكمات السياسية.
وقال سلطان في مقابلة سابقة مع الجزيرة إن مثل هذه الأحكام تعطي الانطباع بأنه لا توجد أي رؤية سياسية لحكم مصر.