بعد يوم واحد على القمة الروسية الأميركية والاتفاق على عودة السفراء وإطلاق حوار شامل رغم الخلافات، حذّر الكرملين من مساعي ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)، معتبرا أن ذلك يشكل “خطا أحمر” بالنسبة لموسكو.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن روسيا قلقة من الأنباء بشأن احتمالات انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، ووصف المسألة بأنها خط أحمر ترفضه موسكو.
وتشهد العلاقات الروسية الأوكرانية توترا متصاعدا منذ نحو 7 سنوات، وذلك عقب ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها، ودعمها الانفصاليين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
وبرزت أوكرانيا بوصفها واحدة من نقاط الخلاف الأساسية بين البلدين خلال القمة التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن في جنيف أمس الأربعاء.
وأعلن بوتين وبايدن إطلاق حوار ثنائي شامل حول الاستقرار الإستراتيجي، وقال الرئيسان في بيان نشرته الرئاسة الروسية بعد لقائهما في جنيف إنهما يسعيان من خلال هذا الحوار إلى إرساء الأساس لإجراءات مستقبلية للحد من التسلح والحد من المخاطر، وأكدا التزامهما بمبدأ ألا رابح في حرب نووية ولا ينبغي إشعالها مطلقا.
وقال الرئيس الأميركي إن أجندته ليست ضد روسيا وإنما لمصلحة الشعب الأميركي. من جهته وصف الرئيس الروسي اللقاء ببايدن بأنه بناء، وأكد أنه تم الاتفاق في القمة على عودة السفراء إلى أماكن عملهم الدائمة في كلا البلدين.
بدوره، قال بايدن إنه أخبر نظيره الروسي أن انتقاده لوضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة سخيف. وأضاف في مؤتمر صحفي بجنيف عقب لقائهما أنه أثار مع بوتين ملف المواطنين الأميركيين في السجون الروسية.
وعقب لقاء القمة، أشار مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى أن العلاقات مع روسيا قد تشهد مزيدا من التدهور جراء سياسات موسكو.
ودعا بوريل إلى تطوير قدرات الاتحاد الأوروبي لحماية مصالحه من محاولات روسيا الرامية إلى تقويضها، وفق تعبيره.
اختبار سوريا
بدوره قال مسؤول أميركي رفيع إن الرئيس بايدن لم يحصل على التزام من نظيره الروسي بالموافقة على تجديد عملية الأمم المتحدة لتقديم مساعدات عبر الحدود إلى النازحين داخل سوريا.
وأضاف المسؤول في إحاطة صحفية، أن الجانب الأميركي أوضح خلال القمة التي عقدت في جنيف أن هذه المسألة لها أهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن، كي يكون هناك تعاون آخر بشأن سوريا.
ووصف المسؤول الأميركي التجديد المزمع في مجلس الأمن الشهر المقبل بأنه اختبار لإمكانية تعاون الولايات المتحدة وروسيا معا.
وتسعى واشنطن ودول أخرى أعضاء في المجلس إلى تمديد العملية التي وصفها مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارك لوكوك بأنها شريان حياة لنحو 3 ملايين سوري شمالي البلاد.
لكن روسيا تشكك في أهمية العملية القائمة منذ 2014 لنقل مساعدات إلى سوريا عبر 4 نقاط حدودية، والتي تم تقليصها العام الماضي إلى نقطة واحدة عبر الحدود مع تركيا.
أسوأ المراحل
وانعقدت قمة جنيف وسط ظروف تمر فيها علاقات البلدين بأسوأ مراحلها، حسب مسؤولين أميركيين وروس. وقد بحث الجانبان قضايا عدة على رأسها الأمن السيبراني، وملفات أمنية وسياسية واقتصادية متنوعة هي محل خلاف بين موسكو وواشنطن.
وفي مستهل اللقاء، عبّر الرئيس الروسي عن أمله بأن تكون قمته مع الرئيس الأميركي مثمرة، في حين قال بايدن إن اللقاء وجها لوجه هو السبيل الأفضل دائما.
وقال مراسل الجزيرة في جنيف زاور شوج إن القمة الموسعة جرت بحضور معظم أفراد الوفدين الروسي والأميركي، وجرت مناقشة الملفين السوري والأوكراني.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن ثمة بعض التوافقات بين الجانبين الروسي والأميركي بشأن تخفيف حدة المواجهة الدبلوماسية بما يتيح عودة جون سوليفان السفير الأميركي إلى موسكو، وأناتولي أنتونوف السفير الروسي إلى واشنطن، وإعادة النظر في قرار البلدين إغلاق عدد من التمثيليات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة جراء تدهور العلاقات السياسية بينهما.
ومن أبرز القضايا الخلافية بين روسيا وأميركا معاهدات التسلح ونشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، والحضور العسكري لأميركا ولحلف الناتو قرب الحدود مع روسيا، ودعم واشنطن المعارضة الروسية، إضافة إلى الملف الحقوقي داخل روسيا، ودعم موسكو الانفصاليين المسلحين في شرقي أوكرانيا، فضلا عن الملف السوري.