قصة الراحل الحاج عبدالحليم الباشا (62 عاماً) من مدينة قلقيلية الذي دفن في تركيا بعد إصابته بفيروس كورونا في الآونة الأخيرة، لها أبعاد إنسانية، فالراحل المحرر الحاج عبدالحليم الباشا سافر مع حفيديه عبيدة، ومحمد؛ لزراعة الكلى لهما، وهما طفلا الأسير صالح أبو صالح المحكوم 45 شهراً والقابع في سجون الاحتلال.
الراحل المحرر الحاج عبدالحليم الباشا والد الشهيد محمد الباشا الذي استشهد عام 2005 برصاص قوات المستعربين في حي كفر سابا شرق قلقيلية، وكان عمره لا يتجاوز 15 عاماً، ووالد الشهيدة سندس التي استشهدت في مطار إسطنبول أثناء سفرها إلى تركيا مع زوجها وطفلها الذي استشهد معها خلال عملية إرهابية نفذها “داعش” في المطار قبل 3 أعوام، كما أن الاحتلال أبعد صِهرهُ في صفقة “وفاء الأحرار” إلى قطاع غزة.
الشيخ المبعد المحرر القيادي طلال الباز ألقى كلمة رثاء أثناء دفن المحرر الحاج عبدالحليم الباشا في تركيا، وتضمنت كلمته أن هذا الرجل هو والد الشهيد والشهيدة، خرج من قلقيلية يرافق حفيديه وهما طفلا أسير كي ينقذهما من خلال زراعة الكلى لهما، فكان قدره أن يفارق الحياة وهو يسعى لإدخال السعادة عليهما، وقد آوى المطاردين والملاحقين من قِبل مخابرات الاحتلال في الانتفاضة الثانية.
أما شقيقه إسماعيل الباشا الذي سافر معه إلى تركيا يقول: شقيقي الحاج عبدالحليم الباشا نموذج لتضحية والعطاء، فقد آثر البقاء مع حفيديه ورفض مغادرة تركيا والعودة إلى قلقيلية حتى تتم العملية لهما، ورفض أن أكون مكانه في هذه الرحلة، وطلب مني العودة، إلا أن قدر الله نافذ، ولقي الله تعالى هناك، فهو رجل إصلاح وأسير محرر وناشط اجتماعي له سمعته وصيته، وكان موته فاجعة للجميع، وما زال حفيداه في تركيا لمواصلة العلاج وزراعة الكلى وهما يفتقدانه في هذه الرحلة.
ابنته أم عبيدة والدة الطفلين محمد، وعبيدة، تقول: والدي الراحل الحاج عبدالحليم الباشا رغم كِبَر سنه ومرضه أَصر أن يكون معنا في رحلة علاج الطفلين، برغم التخوف من منع الاحتلال له بالسفر، حيث كان ممنوعاً من السفر إلى الخارج، وكان خلال تواجده في تركيا وقبل إصابته بفيروس كورونا يتابع ملف علاجهما وتفاصيل عملية زراعة الكلى لهما، وكان لا يتعب ولا يمل والفرحة على مُحياه بعد نجاح العملية الأولى، وكان ينتظر بأحر من الجمر نجاح العملية الثانية لطفلي عبيدة، فهو صاحب القلب الكبير، ولم يُظهر أي ضجر أو ملل خلال رحلة العلاج، وكان يُصبرني ويعطيني الأمل في شفاء أطفالي والعودة بهم سالمين إلى قلقيلية.
الراحل الحاج عبدالحليم الباشا فُتحت له بيوت العزاء في تركيا وفي العاصمة الأردنية عمَّان وفي قلقيلية وفي السجون حيثُ صِهرُه الأسير صالح أبو صالح وفي قطاع غزة حيثُ صهره المحرر المبعد ناصر نزال.
ويقول المحرر مؤيد شريم، قريب الراحل الحاج عبدالحليم الباشا: أمَّ بيت العزاء في قلقيلية جموع غفيرة من أنحاء الضفة الغربية لتقديم واجب العزاء والوفاء للراحل الحاج عبدالحليم الباشا.