مع اتجاه الهيئات التشريعية في العديد من الولايات الأميركية -التي يسيطر الجمهوريون على مجالسها التشريعية- إلى تغيير قوانين الانتخابات بطرق تصعب من تصويت ذوي الأصول الأفريقية والفقراء وبقية الأقليات، تعبئ الحكومة الفدرالية والأقلية ذات الأصول الأفريقية جهودها لمواجهة هذه التحركات التشريعية.
ويلقي الكثير من الجمهوريين بالمسؤولية على خسارتهم الثلاثية بانتخابات 2020 (رئاسة البلاد ومجلسي النواب والشيوخ) إلى عملية التوسع في التصويت بالبريد، وزيادة الفترة المتاح التصويت فيها، وهو ما دفع إلى تصويت الأقليات التي تنتخب عادة الديمقراطيين بنسب كبيرة، وقد أدى ذلك إلى خسارة الجمهوريين الانتخابات.
وضاعفت المزاعم المتكررة للرئيس السابق دونالد ترامب، بوقوع تزوير للانتخابات، من الضغوط على المشرعين الجمهوريين بالمجالس التشريعية للولايات من أجل تعديل قوانين التصويت.
وزارة العدل والولايات
تزامن تحرك الولايات -التي يسيطر عليها مشرعون جمهوريون- للتضييق على تصويت الأقليات، مع فشل تمرير مشروع قانون شامل تبناه الديمقراطيون بالكونغرس يهدف إلى حماية حقوق الناخبين.
كما رفعت وزارة العدل دعوى قضائية الأسبوع الماضي للطعن في قانون انتخابي تبنته ولاية جورجيا يفرض قيودا جديدة على التصويت، ووصف وزير العدل ميريك غارلاند قانون ولاية جورجيا بأنه “انتهاك للحقوق المدنية”.
وشهدت ولاية جورجيا إقبالا قياسيا على التصويت والمشاركة بانتخابات عام 2020، وهو ما أدى لفوز المرشح جو بايدن ليصبح أول مرشح ديمقراطي يفوز بأصوات الولاية منذ 3 عقود. وتشهد جورجيا زيادة مطردة في نسب السكان من أصول أفريقية ومن أقليات أخرى خاصة الهيسبانيك (الذين ينحدرون من أميركا الجنوبية وإسبانيا) ويميل تصويت هذه الأقليات للحزب الديمقراطي.
ووقع بريان كيمت حاكم جورجيا على مشروع قانون رقم 202، وهو دليل شامل من 98 صفحة يجري تغيرات شاملة على قواعد التصويت الغيابي بالولاية، ويقلل الوقت المتاح أمام الناخبين للاقتراع، ويتشدد مع متطلبات تحديد هوية الناخبين، ويضيق على إمكانية التصويت أيام الأحاد.
كما أقر حكام ولايات أريزونا وفلوريدا وأيوا، وكلهم جمهوريون، قيودا جديدة على التصويت، في الوقت الذي تعمل فيه المجلس التشريعي بولايتي بنسلفانيا وتكساس على الدفع بإجراءات مماثلة.
قيود على التصويت
ويؤمن وزير العدل بأن قانون ولاية جورجيا الجديد يهدف إلى “تقييد وصول الناخبين السود إلى صناديق الاقتراع” وقال “هناك العديد من الأمور التي يمكن مناقشتها والاختلاف بشأنها، لكن حق جميع المواطنين المؤهلين في التصويت ليس واحدا منها. وهو حجر الزاوية في ديمقراطيتنا، وتنبع منه جميع الحقوق الأخرى نهاية المطاف”.
وقال غارلاند إن الدعوى التي رفعتها وزارته ضد ولاية جورجيا هي الأولى ضمن “خطوات عديدة تتخذها الوزارة لحماية حق التصويت لجميع الناخبين المؤهلين”.
وردا على دعوى إدارة بايدن، قال حاكم جورجيا إن الدعوى “استندت إلى الأكاذيب والمعلومات المضللة التي دفعت بها إدارة بايدن ضد قانون نزاهة الانتخابات في جورجيا منذ البداية” وأضاف كيمب في بيان “بايدن وحلفاؤه يسلحون وزارة العدل لتنفيذ أجندتهم اليسارية المتطرفة التي تقوض نزاهة الانتخابات، وتمكن الحكومة الفدرالية من تجاوز ديمقراطيتنا”.
قال حاكم جورجيا بريان كيمب إن الدعوى التي رفعتها وزارة العدل ضد الولاية “استندت إلى الأكاذيب والمعلومات المضللة التي دفعت بها إدارة بايدن ضد قانون نزاهة الانتخابات في جورجيا منذ البداية”
استدعاء رحلة الحرية
لم تقتصر جهود مواجهة تضييق الجمهوريين على تصويت ذوي الأصول الأفريقية على وزارة العدل، فقد استدعى نشطاء من ذوي الأصول الأفريقية ما عرف تاريخيا باسم “رحلة الحرية” (Freedom Ride).
ففي عام 1961، استقلت مجموعة مؤلفة من 13 ناشط أميركيا، منهم 7 من ذوي الأصول الأفريقية و6 من البيض، حافلة من العاصمة واشنطن لزيارة مدن جنوبية، احتجاجا على قوانين الفصل العنصرية آنذاك. والآن، وبعد مرور نحو 60 عاما على “رحلة الحرية” تُنظم عدة رحلات مشابهة لإعادة الاهتمام بحق ذوي الأصول الأفريقية في التصويت من خلال حملة شعارها “أصوات السود مهمة”.
وتسعى الحملة إلى توعية الناخبين بالذكرى الستين لـ “رحلة الحرية” وذلك عن طريق إطلاق حملات توعية لإشراك الناخبين ذوي الأصول الأفريقية وبناء قوة تصويت من هذه الشريحة في جميع أنحاء الجنوب الأميركي.
وتتوقف حافلات الحملة بالولايات الجنوبية الرئيسية بغرض تجميع المشاركين من منظمات محلية شريكة، فضلا عن الاجتماع مع الناخبين، ومناقشة القضايا التي تؤثر على مجتمعاتهم.
ويقول أحد مؤسسي حملة “أصوات السود مهمة” ويدعى كليف أولبرايت إنه وبعد 60 عاما على مبادرة “رحلة الحرية” ما يزال الأميركيون ذوو الأصول الأفريقية يواجهون معوقات كبيرة بصناديق الاقتراع، ويضيف “التشريعات الجديدة في جورجيا وفلوريدا وعشرات الولايات الأخرى تهدد بزيادة حرمان مجتمعاتنا من حقوقها وسلبنا قوتنا. إننا نطلق حملة رحلة الحرية من أجل حقوق التصويت للبناء على إرث رحلة الحرية، ومواصلة محاربة أنظمة العنصرية والفصل العنصري، وقمع الناخبين وهي أمور تؤثر على مجتمعاتنا اليوم”.