بعد 6 سنوات من حظرها، وعلى خلفية الاضطرابات بين المستوطنين اليهود والمواطنين الفلسطينيين، بالمدن المختلطة (يسكنها فلسطينيون ويهود) في مايو الماضي، يتضح لمسؤولي الأمن “الإسرائيلي” أن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية التي يرأسها الشيخ رائد صلاح عاد إلى نشاطه جزئيا، وذلك وفقا لصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية.
وقالت الصحيفة العبرية، الصادرة اليوم الخميس، “يشهد قادة الجناح الشمالي للحركة ونشطاؤها ومن اعتقلوا أو تم استجوابهم مؤخرًا تعاطفًا ودعمًا من الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، والذي يعتبر جزءا من التحالف الحاكم في (إسرائيل)“.
ودللت الصحيفة على ذلك، بصدور لوائح اتهام بحق القيادي في الفصيل الشمالي الشيخ كمال الخطيب، بتهمة “التحريض على العنف ونشر عبارات مدح للإرهاب”، وكذلك مساعده زياد طه، المتهم بإطلاق النار بشكل غير قانوني وحيازة سلاح.
وأضافت: “كما تم اعتقال اثنين من كبار رجال الدين المنتسبين إلى الفصيل الشمالي، تنسب إليهم مؤسسة الأمن الإسرائيلية أيضًا مساهمة في أحداث المدن المختلطة، وهما الشيخ يوسف الباز إمام الجامع الكبير في اللد، والشيخ محمد ماضي إمام مسجد الرمل في عكا“.
تقارب جناحي الحركة
إلا أن ما يبعث على الخوف بالنسبة للأجهزة الأمنية “الإسرائيلية” -بحسب الصحيفة- التقارب بين جناحي الحركة في الداخل الفلسطيني المحتل.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الآونة الأخيرة، زار زعيم القائمة العربية الموحدة المنبثقة عن الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية منصور عباس، خيمة احتجاجية أقيمت بعد اعتقال كمال الخطيب (نائب رئيس الفصيل الشمالي)، كما أن بعض قادة الجناح الجنوبي هنأ الشيخ خطيب، بعد الإفراج عنه ودعوا إلى وحدة الحركة الإسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشيخ محمد سلامة حسن من قرية “الرينة” (بالداخل المحتل)، أحد كبار الشخصيات في الفصيل الجنوبي، كتب مؤخرًا أن “الفلسطينيين متحدون من النهر إلى البحر حتى يزول الاحتلال تمامًا“.
وادعت الصحيفة أن الخلاف الأساسي بين الجناحين الجنوبي والشمالي للحركة الإسلامية يتعلق بمسألة المشاركة في انتخابات البرلمان “الإسرائيلي” (كنيست)؛ حيث يعارض الجناح الشمالي ذلك بشدة، بينما يؤيد الجناح الجنوبي المشاركة في انتخابات الكنيست ويدعمها.
واجتاحت المدن والقرى الفلسطينية في الداخل الفلسطيني في مايو الماضي، موجة احتجاجات ومواجهات مع شرطة الاحتلال والمستوطنين، احتجاجا على الاعتداءات “الإسرائيلية” على المصلين في المسجد الأقصى، واعتداءات المستوطنين على فلسطينيي الداخل، وعمليات التهجير التي تستهدف حي الشيخ جراح ومناطق في القدس المحتلة.
وقمعت شرطة الاحتلال بالقوة هذه الاحتجاجات، واعتقلت 2142 فلسطينيا من مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48.
مسيرة الحركة
يشار إلى أن الحركة الإسلامية في فلسطين 48، تأسست عام 1971 على يد الشيخ عبد الله نمر درويش، ونشطت بين المسلمين من فلسطينيي الـ48 (الذين يحملون الجنسية “الإسرائيلية”)، وهي قريبة فكريًا من الإخوان المسلمين، غير أن قادتها يقولون إنهم يعملون في إطار القانون “الإسرائيلي”.
ومنذ تأسيسها، أسهمت الحركة في بناء العديد من المساجد والمؤسسات والمراكز الاجتماعية في الداخل، ونشطت في ترميم والدفاع عن المساجد في القرى والمدن الفلسطينية.
وفي عام 1989، وتحت شعار “الإسلام هو الحل” فازت الحركة الإسلامية برئاسة العديد من المدن والبلدات في الداخل الفلسطيني، على رأسها مدينة أم الفحم، وهي ثاني أكبر مدينة يقطنها فلسطينيو الداخل.
وانشقت الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، عام 1996 إلى جناحين، يعرفان إعلاميا بـ(الشمالي والجنوبي)، على خلفية رفض قسم منها المشاركة في انتخابات البرلمان الإسرائيلي “كنيست“.
ويقود الجناح الجنوبي منصور عباس، فيما يقود الجناح الشمالي الرافض لدخول الكنيست الشيخ رائد صلاح.
وتعد الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، بقيادة الشيخ رائد صلاح، من أبرز الحركات السياسية، التي تتولى الدفاع عن المسجد الأقصى.
وأسهمت في ترميم المصلى المرواني في المسجد الأقصى وفتحه للصلاة؛ حيث تحدثت تقارير إعلامية “إسرائيلية” آنذاك عن نية الحكومة تحويل المصلى الذي كان مهجورا، إلى كنيس لصلاة اليهود.
كما أطلقت الحركة مشروع “البيارق” الذي شمل تسيير حافلات مجانية لنقل مسلمين من المدن والقرى الفلسطينية في الداخل إلى المسجد الأقصى؛ بهدف إعمار المسجد بالمصلين والدفاع عنه بالتواجد شبه المستمر فيه، لا سيما في ظل اقتحامات المستوطنين لباحاته، بدعم من شرطة الاحتلال الإسرائيلية.
كذلك ساهمت الحركة في الكشف عن العديد من المخططات الإسرائيلية التي تستهدف الأقصى ومحيطه، فأطلقت شعار “المسجد الأقصى في خطر”؛ وهو ما أثار غضباً كبيراً لدى حكومة نتنياهو.
وفي 17 نوفمبر 2015، قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “كابينت” حظر الحركة وإغلاق مؤسساتها؛ بدعوى أنها “تشكل تنظيماً متطرفاً لا يعترف بمؤسسات الدولة، وينكر حقها بالوجود، ويسعى إلى إقامة خلافة إسلامية بدلاً منها“.
واعتبرها الـ”كابينت” أيضاً أنها “تنتمي للتيار الإسلامي المتطرف وهي جزء من حركة الإخوان المسلمين العالمية. وتتبنى أيديولوجية تهدف لتدمير (إسرائيل)“.
ورغم حظر الحركة الإسلامية وإغلاق مكاتبها وملاحقة قادتها وأعضائها، فإن عناصر منها يتواجدون في مختلف الأنشطة الاحتجاجية على إجراءات الحكومة الإسلامية بحق المواطنين الفلسطينيين ومدينة القدس والمسجد الأقصى.