تزوج محمود أبو قويدر، من امرأة فلسطينية من خانيونس في قطاع غزة منذ 20 عاما، وعندها بدأت معاناتهما.
“أبو قويدر”، من مدينة بئر السبع في جنوبي (فلسطين المحتلة)، وهو يحمل الجنسية “الإسرائيلية”، أما زوجته التي تحمل الجنسية الفلسطينية، فتناضل معه منذ ذلك الحين للحصول على “الإقامة“.
وقال أبو قويدر لوكالة الأناضول: “تزوجتُ في العام 1992 وعندي 7 أبناء، منهم 4 بنات، وجميعهم لديهم هويات إسرائيلية، ولكن زوجتي ليس لديها هوية، وكل ما تقدمنا بطلب يقولون: مرفوض”.
ويتم رفض طلبات أبو قويدر لِلَم الشمل مع زوجته بموجب قانون “المواطنة” المؤقت الذي تم سنّه عام 2003، ويمدد سنويا، وترفض تل أبيب بموجبه طلبات لم الشمل من قبل العائلات الفلسطينية.
وقبل سن القانون، كانت سلطات (الاحتلال) الإسرائيلية ترفض أيضا “لم شمل” العائلات العربية، بذرائع أمنية.
وفشلت الحكومة “الإسرائيلية”، فجر اليوم الثلاثاء، في تمرير القانون خلال جلسة للكنيست.
وقالت وسائل إعلام عبرية، ومن بينها هيئة البث الرسمية، إن القانون سقط، بعد أن لم يحصل على العدد المطلوب لتمريره، حيث نال 59 صوتا من أصل 120.
ويقول المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في تل أبيب “عدالة” إن القانون “يمنع لم شمل العائلات بين الفلسطينيين (مواطني إسرائيل) والفلسطينيين مواطني الضفة الغربية وغزة بالإضافة الى الدول التي تعتبرها إسرائيل (دولة عدو) وهي سوريا ولبنان والعراق وإيران“.
ويعاني آلاف الفلسطينيين نتيجة هذا القانون، الذي تقول الحكومة “الإسرائيلية” إنه جاء لاعتبارات أمنية؛ أما الفلسطينيون فيقولون إنه قانون عنصري.
الأكثر عنصرية
وقالت “عدالة” في تصريح مكتوب سابق: “يعتبر هذا القانون من القوانين الأكثر عنصرية على مستوى العالم لذلك يتوجب حذفه فورًا“.
وتابعت “لا يوجد دولة واحدة في العالم تختار توطين ولم شمل أزواج وزوجات مواطنيها وفق انتمائهم القومي والإثني، ومن خلال تصنيفهم كعدو“.
ويقول أبو قويدر إن زوجته، التي لم تحصل على الهوية “الإسرائيلية” نتيجة هذا القانون “لا تتمكن من الحركة ولا أداء فريضة الحج، ولا حتى التوجه إلى القدس، وقد توفيت والدتها، ولم تتمكن من المشاركة بالجنازة، وهي تبقى بالبيت“.
وأضاف “لا يوجد معها أي بطاقة إلا البطاقة الفلسطينية وفي الكثير من الأحيان أخشى من أنه إذا خرجنا سويا، فان الشرطة قد توقفها وتعتقلها وتعيدها إلى غزة“.
ويشير أبو قويدر إلى أن وزارة الداخلية “الإسرائيلية” ترفض طلباته المتكررة، لِلَم شمل زوجته بدون تبيان الأسباب.
وقال “يقولون: مرفوض، ولا يوضحون السبب“.
وتساءل “لا أدرى لماذا هذا القانون فهي لديها أولاد معهم هويات “إسرائيلية”، إلى متى سيبقى هذا القانون؟ هذا قانون عنصري“.
ولا ينطبق القانون على اليهود من أنحاء العالم.
وقال أبو قويدر “يأتون (اليهود) من روسيا وإثيوبيا ويكون جواز السفر والهوية بانتظارهم، فهل هم بشر ونحن لا؟“.
حبيسة المنزل
وتتكرر المأساة ذاتها مع منال أبو ناب، وهي أصلا من الأردن، وتقيم مع زوجها وأولادها في حي رأس العامود بالقدس الشرقية.
وقالت أبو ناب لوكالة الأناضول: “كنت من سكان الأردن تزوجت من مقدسي قبل 28 عاما، وكنت قد حصلت على لم شمل ثم وقعت بعض المشاكل الصغيرة، فأوقفوا لم الشمل“.
وأضافت “أعاني بهذا الوضع منذ 28 عاما فأنا من سكان القدس ولكنني حبيسة المنزل، فلا أخرج من المنزل، وإذا مرضت فإنني أذهب الى الطبيب وأعود إلى منزلي“.
وتابعت أبو ناب “لا أتمكن من الخروج من المنزل مع أولادي، وتصور أن تكون على مدى 28 عاما سجين منزلك، فلا أتمكن من المشاركة بالمناسبات ولا الأفراح ولا التعازي“.
وحاولت أبو ناب على مدى سنوات طويلة، أن تجدد لم الشمل ولكن بدون جدوى.
وقالت “حاولنا من خلال المحكمة والمحامين ودائما كان الجواب هو الرفض“.
وأضافت “عندي 5 أولاد أصغرهم عمره 18 عاما، وهم معهم هويات، لأنهم تابعين لوالدهم أما أنا فلا يوجد لدي إقامة“.
ونتيجة لذلك، فإن أبو ناب لا تتمكن من لقاء أهلها، بالأردن.
وقالت في هذا الصدد “لم أتمكن من زيارة عائلتي بالأردن منذ 28 عاما، لأنني إذا ما سافرت إلى الأردن فإنني لن أتمكن من العودة الى القدس“.
وأضافت “هذه مشكلتي وأتمنى أن أحصل على حق الإقامة“.
وعن سبب رفض منحها لم الشمل قالت أبو ناب “لا يوجد مشكلة أمنية، وإنما مشكلتي الوحيدة هي أن زوجي تزوج من أخرى واعتبروا هذا تعدد زوجات، فعقابا لزوجي تمت معاقبتي“.
أفضل حالا
وبدورها، فإن سمر أبو جويعد المقيمة في بلدة عرعرة في شمالي (فلسطين المحتلة)، أفضل حالا من أبو قويدر وأبو ناب، ولكنها أيضا تعاني.
وقالت لوكالة الأناضول “أَصْلي من رام الله بالضفة الغربية وأنا متزوجة منذ 24 عاما، معي هوية يتم تجديدها كل عامين، ولكن إذا ما أردت زيارة أهلي بالضفة الغربية فإن علي أن أتوجه عبر الحواجز الإسرائيلية“.
وأضافت أبو جويعد “أبنائي يمرون بشكل عادي أما أنا فأخضع للتفتيش من قبل الجيش الإسرائيلي ولا أتمكن من السفر“.
وتابعت “أصبحت جدة الآن وما زلت أعاني من نفس المشكلة ومؤخرا توجهت إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية، وقلت لهم إنني أريد تجديد الهوية حتى أتمكن من التحرك وكان الرد إنهم بانتظار رد الكنيست“.
وتساءلت أبو جويعد “أي قانون هذا الذي يجبرني كل عامين على تجديد الهوية؟ ابنتي تزوجت وأصبحتْ معلمة وتزوجتْ، وأصبحت أنا جدة وأنا ما زلت أجدد هويتي“.
وقالت “منذ 21 عاما وأنا أجدد الهوية كل عامين ودائما يطلبون أوراق إثبات، عندي 7 أبناء منهم ولدان و5 بنات وجميعهم لديهم هويات أما أنا فلا“.
وأضافت “أنا ممنوعة من أن أذهب لأداء العمرة فلا يوجد معي جواز سفر إسرائيلي“.
وتساءلت أبو جويعد “إلى متى سنبقى نعاني؟ عمري الآن 51 عاما فإلى متى سأبقى أعاني؟“.