نجحت البرلمانية البريطانية المسلمة ناز شاه في إثارة موضوع السخرية من الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم في البرلمان البريطاني، وذلك خلال جلسة مناقشة مشروع قانون جديد، يشدد العقوبات على من يعتدي على تماثيل الرموز الوطنية البريطانية، على خلفية انتشار هذه الظاهرة في عدد من المدن بالمملكة المتحدة.
وجذبت كلمة النائبة عن حزب العمال الكثير من الانتباه، بالنظر إلى مضمونها القوي وطرحها غير المسبوق، المطالب بوضع الإساءة للرموز الدينية -وفي مقدمتها النبي محمد عليه الصلاة والسلام- في خانة الإساءة للرموز التي يجب عدم السخرية منها أو الإساءة لها.
ويأتي هذا المقترح في سياق جدل متزايد في بريطانيا، بعد قيام أستاذ بعرض رسوم كرتونية للنبي محمد على التلاميذ، مما أدى لاحتجاج أولياء الأمور، لتقدم بعدها المدرسة في منطقة باتلي اعتذاراً عن هذا “الخطأ غير المقصود”، لكن الجدل لم يغلق حتى الآن، مما دفع النائبة ناز شاه لطرحه ولأول مرة في البرلمان.
أفضل من مشى على الأرض
عوامل كثيرة جعلت المقترح الذي طرحته البرلمانية البريطانية يحظى باهتمام كبير، أهمها الوزن السياسي لناز شاه التي تعتبر من متحدثي الصف الأول في حزب العمال، وتشغل منصب وزيرة الاندماج بين المجتمعات، كما عرفت بمواقفها القوية وأحياناً المثيرة للجدل، لكن الأكيد أن كل تصريحاتها لا تمر دون أن تحدث ضجة في الساحة السياسية البريطانية.
ولم تفوّت النائبة البريطانية فرصة مناقشة البرلمان مشروع قانون اقترحته وزارة العدل، يقترح معاقبة الأشخاص الذين يدمرون التماثيل الوطنية في البلاد بالسجن مدة 10 سنوات، وذلك بعد تعرض عدد من تماثيل ملوك سابقين للتخريب والتحطيم.
وقالت النائبة البرلمانية: إن الحكومة تسارع من أجل تمرير هذا القانون كاعتراف بأن هذه التماثيل هي رموز تاريخية وثقافية واجتماعية، وتجب حمايتها وحماية شعور المواطنين، مشيرة إلى أن وزير العدل البريطاني أكد أن الهدف من هذا القانون “هو معاقبة من يستفز مشاعر الناس بتخريب التماثيل”؛ لتسأل بعدها زملاءها في البرلمان عن مشاعر المسلمين، وضرورة احترام ارتباطهم بالنبي محمد عليه السلام، وما يمثله النبي من قيم وأهمية في حياة كل مسلم، متحدثة عن خلفيتها المسلمة “باعتباري مسلمة والملايين من المسلمين في هذه البلاد وربع سكان العالم من المسلمين، فإنه في كل يوم ومع كل نفس ليس هناك من شخص نقدره ونحيي سيرته مثل حبيبنا النبي محمد”.
وأكدت البرلمانية البريطانية أنه عندما “يقوم المتعصبون والعنصريون بتشويه النبي صلى الله عليه وسلم أو الإساءة إليه، مثلما يقوم البعض بتشويه ونستون تشرشل في بريطانيا، فإن الأذى الذي يلحق بقلوبنا لا يطاق، لأنه بالنسبة لملياري مسلم، هو القائد الذي نحتفل به في قلوبنا، ويشكل أساس هويتنا ووجودنا ذاته”.
وذهبت ناز شاه -التي تعمل أيضا أستاذة جامعية- إلى الاقتباس من الكاتب المسرحي الشهير جورج برنارد شو، الذي قال عن النبي عليه السلام: “لقد كان إلى حد بعيد الرجل الأكثر روعة الذي وطئت قدماه هذه الأرض”.
ورفضت ناز شاه في مداخلتها الاستخفاف بالصور المسيئة للنبي، والقول إنها فقط رسوم، “لأنه لا يمكن لأحد أن يقول إنها مجرد تماثيل، فالكل يعرف قوة المشاعر البريطانية فيما يتعلق بالتاريخ والثقافة والهوية، إنها ليست فقط رسوم، لأنها تمثل رمزية مهمة بالنسبة لنا”.
واستغربت كيف تقترح الحكومة قانونا يحمي من استفزاز المشاعر الوطنية عندما يتعلق الأمر بشخصيات سياسية، ليست بالضرورة قريبة من قلوب الكثير من البريطانيين مثل الأنبياء محمد وعيسى وموسى عليهم الصلاة والسلام “هل هذا يظهر أننا نعي جيداً معنى استفزاز المشاعر؟!”.
دعم فلسطين
وليست هذه المرة الأولى التي تسلط فيها الأضواء على تصريحات ناز شاه، بل لها تصريحات كادت أن تكلفها موقعها في حزب العمال، خصوصاً فيما يتعلق بدعمها للقضية الفلسطينية.
وخلال عدوان الاحتلال “الإسرائيلي” الأخير على قطاع غزة، خاطبت ناز شاه رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو قائلة: في حال استمرار إراقة دماء الفلسطينيين فسوف أدفع من أجل محاكمة “إسرائيل” بتهم جرائم الحرب في محكمة الجنايات الدولية، مضيفة أن “إسرائيل” لديها فهم منحرف لحق الدفاع عن النفس.
وفي سنة 2016، جُمدت عضوية ناز شاه في حزب العمال، وذلك على خلفية سلسلة تعليقات لها في مواقع التواصل الاجتماعي سنة 2014، وفيها تنشر خريطة للولايات المتحدة وفوقها خريطة إسرائيل، وتقترح بأن يتم نقل إسرائيل إلى الولايات المتحدة “وعندها سيتم حل المشكل”، هذه التعليقات وصفت بأنها معادية للسامية مما أدى إلى تجميد عضويتها.
بعد ذلك قامت البرلمانية البريطانية بنشر اعتذار وتأكيد بأن “معاداة السامية عنصرية”، وهو الاعتذار الذي قبله زعيم الحزب حينها وأعادها للحزب.
ومن المتوقع أن تثير تصريحات ناز شاه حول النبي محمد أيضاً نقاشاً داخل الحزب مع قيادته الجديدة، التي أدت سياساتها لحالة من الجفاء مع المسلمين.