نفت وزارة الصحة التونسية، أمس الجمعة، في بيان لها، انهيار المنظومة الصحية، وأكدت أن المنظومة الصحية لم تنهَر، وستبقى صامدة في وجه كل الصعوبات والطوارئ بفضل الله ثم مجهودات الجيش الأبيض (الأطباء والممرضون وموظفو الصحة)، وأيضاً بفضل تكاتف المجتمع وتضامنه.
ويبدو أن تصريح الناطقة باسم الوزارة التي تحدثت أول أمس عن انهيار المنظومة الصحية، لم تستشر في مفرداته الوزارة واللجنة العلمية المتخصصة في الشأن قبل الإدلاء به.
موجة غير مسبوقة
وقالت الوزارة، في بلاغها: “تشهد بلادنا موجة وبائية غير مسبوقة تتميّز بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا في جلّ ولايات الجمهوريّة، وارتفاع نسق الإصابات وعدد الحالات المتكفل بها في المستشفيات، وأيضا ارتفاع مؤسف في عدد الوفيات. تخوض بلادنا حربا حقيقيّة ضد الوباء؛ مما يفرض علينا جميعا رصّ الصفوف، وتغليب المصلحة الوطنيّة، والوقوف إلى جانب فرقنا الصحية”.
مواجهة التحديات
وأشارت إلى أن ما راكمته الفرق الصحية من خبرات في كل الخطوط، وما تمّ توفيره من إمكانيات إنعاش وأكسجين، وما تم تركيزه وبرمجته من مستشفيات ميدانية، سمح للمنظومة الصحية بمواجهة التحديات الوبائية، وبمواصلة التكفل بالمرضى رغم ما تعانيه البنية التحتية من نقائص دامت لعقود.
ووجهت وزارة الصحة شكرها للجيش الأبيض (الأطباء والممرضون والعاملون في القطاع الصحي) في كل القطاعات وفي كل الخطوط على ما يبذلونه من مجهودات للتصدي للجائحة في إطار منظومة صحية، أثبتت أنها “قادرة على تحدي الصعوبات بفضل كفاءة بناتها وأبنائها، وبفضل تضامن التونسيات والتونسيين، والتعاون المشترك مع أصدقاء بلادنا وأشقائها”.
اللجنة العلمية تنفي
بدوره، قال عضو اللجنة العلمية لمجابهة كورونا محجوب العوني، يوم الجمعة: “إن المنظومة الصحية لم تصل بعد إلى حد الانهيار، ولم تتداع حتى اليوم بل إنها تواصل تأمين الخدمات العلاجية لمصابي كورونا في ظل وضع حرج جداً”.
وذكر العوني، في تصريح إعلامي، أن “سقف هذه المنظومة يمكن أن يتداعى في حال استمرت المؤشرات المرتبطة بنسبة التحاليل الإيجابية، وامتلاء الأسرة بالمستشفيات في الارتفاع، خلال الأسابيع المقبلة”.
وأفاد بأن “المستشفيات تشكو من نقص في كميات الأوكسجين الاصطناعي، ومن عدم توفر أسرة شاغرة؛ ما يدفع بالطواقم الطبية إلى نقل المرضى إلى مستشفيات خارج مناطقهم الترابية”، لافتا إلى أن “اللجنة العلمية تعول على أن يساهم إحداث المستشفيات الميدانية بعدد من الجهات في تخفيف الضغط عن المستشفيات”.
وعبر عن الأمل في أن “تتوفق جهود السلطات في أن ينطلق نشاط المستشفيات الميدانية في أقل من أسبوعين من الآن على ألا تسجل تونس في هذه الفترة ظهور موجة جديدة أكثر حدة من كورونا”.
واعتبر العوني أن “الوضع حرج جداً، ويجب احتواء مخاطره، لكن لم يبلغ بعد درجة الكارثة التي عاشت على وقعها إيطاليا والصين اللتان شهدتا في وقت ما سقوط ضحايا كورونا في الشوارع جراء عجز المستشفيات عن قبول المرضى”.
تخطئة بن علية
وتأتي تطمينات عضو اللجنة العلمية محجوب العوني، بعد التصريح الذي أدلت الناطقة به باسم وزارة الصحة نصاف بن علية مؤخراً، وتحدثت فيه عن انهيار المنظومة الصحية، معللة ذلك بامتلاء الأسرّة الموضوعة على ذمة مرضى كورونا في ظل تواصل توافد المصابين على أقسام الاستعجالي في حالة متقدمة من المرض، وببلوغ حد الطاقة القصوى لاستهلاك الأكسيجين إلى جانب ما يشهده العاملون في القطاع الصحي من حالة إرهاق شديد وسط هذا المنحى الوبائي غير المسبوق.
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد انتقدوا بشدة بن علية، واعتبروا تصريحها “ضرباً للعزائم وتثبيطاً للهمم ورسالة سلبية للداخل والخارج”.
وأكدوا أن الأمل هو ما يتمسك به الشعب ولا سيما المرضى، وأنه “آخر من يموت بعد استنفاد كل السبل وبذل كل الطاقات، وانتظار نتائج كل المحاولات، وعندما يموت الأمل يموت كل شيء”.
ويتوقع كثيرون أن يتم الاستغناء عن نصاف بن علية كناطقة باسم وزارة الصحة التونسية؛ وهو ما طالب به كثير من السياسيين والناشطين في تونس.