كطيفٍ مرَّ من أمامي داخل مسجد طوكيو الكبير ثم جلس، استأذنت من مُحدثي وذهبت إليه وألقيت السلام، فأجاب، فقلت بلغة يابانية: أتتحدث العربية؟
قال: نعم.
فقلت مبتسمًا: هذه عمامة أزهرية!
– نعم، أنا أدرس في الأزهر الشريف!
عرّفته بنفسي وأنني أيضًا أزهري، وتبادلنا حديثًا لدقائق عطَّرته سيرة الأزهر والكتب واللغة العربية.
في سمته وقار، وفي قلبه رقة، وفي وجهه بشاشة مع حياء، سمعت أنينه بعد صلاة الجنازة -التي جئنا لشهودها- وهو يقف بجوار والد الشاب المتوفى -رحمه الله- الذي هو أستاذه في اللغة العربية، كما أخبرني.
قال: أدرس في كلية الدراسات الإسلامية، وذهبت إلى مصر مرات عديدة، ولكن بسبب جائحة كورونا أدرس عبر شبكة الإنترنت حاليًّا.
سألته عن سهولة توافر الكتب، فقال: أستوردها، ثم أخرج كتابًا في الفقه الحنفي وقال: أقرأ في مثل هذه الكتب وأتعلم منها؛ حتى أصبح إمامًا مؤهَّلًا لأحد المساجد في اليابان!
– هل عمامتك هذه من مصر؟
قال: نعم، صنعها لي أخو زوجتي المصرية، فهو يجيد الخياطة!
اختار لنفسه بعد إسلامه اسم “أيوب”.
قلتُ: لكل من اسمه نصيب، وإن شاء الله يكون لك نصيب من الصبر في رحلتك لطلب العلم والعمل به والدعوة إلى الله على بصيرة ويقين.
لحظات أعادت لي بعض نبض قلبي، وأحببت مشاركتها معكم، والدعاء للشيخ الأزهري أيوب الياباني بالثبات والتوفيق والخير لنفسه وأهل بيته ومن حوله، وحيث كان في كل زمان.
والحمد لله رب العالمين.
___________________________
(*) مقيم في اليابان.