أعلن الأزهر عن انضمام عدد من منتسبيه لاتحاد شباب الجمهورية الجديدة الذي جرى الإعلان مؤخراً عن تأسيسه، ما رآه مراقبون إحياء لتجارب أفرزت قيادات للدولة، ورآها آخرون استنساخاً لأفكار عفَّى عليها الزمن، واندهش سياسيون من إيجاد كيان للشباب مطابق لآخر قائم بنفس الأهداف.
ووافق شيخ الأزهر د. أحمد الطيب على انضمام فريق “سفراء الأزهر” لاتحاد شباب الجمهورية، لتنمية قدراتهم، وصقل مواهبهم.
ويعمل الاتحاد على دعم الكوادر الشبابية، بحسب أهدافه المعلنة، في عمل مؤسسي منظم إلى جانب تخطيط وتنفيذ أنشطة مجتمعية مختلفة.
وأوضحت الرابطة، في بيان لها، قبل يومين، أنه من المقرر استحداث برنامج تحت عنوان “سفراء الأزهر نحو الجمهورية الجديدة”، يتضمن عقد لقاءات وأنشطة وورش عمل في مجالات دعم قدرات الشباب، لزيادة الوعي الشبابي بالقضايا الوطنية ودعم سياسة الحوار المجتمعي البناء.
وانتقد مراقبون محاولات الزج بالأزهر -مع مكانته الدينية لدى المصريين- في عمل سياسي.
واستدعى تدشين اتحاد شباب الجمهورية الجديدة للأذهان تجارب لأنظمة سابقة حكمت مصر وحاولت توظيف الشباب وطاقاته بإشراكه في العملية السياسية.
ففي يوليو الماضي، حيث الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس منظمة الشباب الاشتراكي بعهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر -قبيل هزيمة يونيو 1967 م بعام واحد- جاء الإعلان عن انطلاق اتحاد شباب الجمهورية الجديدة، ليكون كياناً جامعاً للشباب بمختلف توجهاتهم وفئاتهم.
ويعد المجتمع المصري مجتمعاً شاباً، إذ إن نحو نصف المصريين شباب في أعمار ما بين 18 و45 عاماً، وفق ما يمكن استخلاصه بالتقريب من إحصاءات رسمية للجهاز المركزي للإحصاء للتعبئة والإحصاء، تؤكد أن ثلثي المصريين من الشباب في الفئة العمرية ما بين 15 و65 عاماً.
وطوال العقود القليلة الماضية، ظلت فئة الأطفال والشباب هي الأكبر بين المصريين، نظراً لعدة عوامل اجتماعية تتعلق بارتفاع نسب الإنجاب، بحسب بيانات وزارة الصحة والسكان.
وظل الشباب محط اهتمام الأنظمة المتعاقبة بمصر للاستفادة من طاقاتها، باعتبارها المستقبل المنتظر الذي “سيرث السلطة مستقبلاً بعد أن يدعم بقاءها حالياً”، كما قال متابعون.
وتعددت تجارب الاستعانة بكيانات شبابية في الأنظمة المتعاقبة التي حكمت مصر منذ يوليو 1952 حتى اليوم.
وبعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، نشأت تجربتان هما منظمة حورس في مطلع التسعينيات برعاية وزارة الشباب والرياضة في الجامعات بهدف مواجهة تمدد التيارات الإسلامية وقتها، ثم خفت نشاطها، وجمعية جيل المستقبل، برعاية جمال مبارك نجل الرئيس الأسبق، التي اتخذت من جامعة القاهرة مقراً رئيساً لها، بهدف إعداد جيل جديد من القياديين.
تشابه المضامين والأهداف
وتتشابه المضامين والأهداف التي كانت معلنة سواء لمنظمة الشباب في الستينيات أو حورس وجيل المستقبل بعصر مبارك، مع الأهداف المعلنة لاتحاد شباب الجمهورية الجديدة، مع اختلاف الصياغات المكتوبة.
وبحسب موقع الاتحاد على الأنترنت، فالاتحاد يعد “تجمــعاً شــبابياً مــصرياً يضــم مختلــف الفئــات الشــبابية تحــت مظلــة واحـدة، يهـدف إلـى توحيـد مجهـودات العمـل المجتمعـي والتنمـوي فـي إطار رؤيـة مصـر 2030، وسياســات الدولــة المصريــة لبناء الجمهورية الجديدة”.
ويستهدف الاتحاد تأسيس كيان وطني يكون قادرًا على إحداث تغيير وتطوير في الحياة المجتمعية، كذلك استثمار طاقات ورؤى وأفكار الشباب بما يساهم في نهضة المجتمع المصري، لإعداد جيل جديد من شباب مصر متدرب على التحديات والصعوبات ومسلحاً بالخبرات العلمية.
وتخطى عدد المنضمين للاتحاد عند انطلاقه 21 ألف متطوع، بينهم 6510 فتيات، و14490 شاباً.
وانضم إليه عــدد مــن الكيانـات الشــبابية، والمبــادرات والحــركات المعنيــة بالعمــل العــام، والتنميــة المجتمعية والسـياسية، والتجمعات الـشبابيـة، منها مجموعة من خريجي الأكاديمية الوطنية للتدريب، متطوعو حياة كريمة، كوادر البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، منتدى شباب العالم، والمؤتمر الوطني للشباب.
بناء على ما تلقاه الاتحاد من طلبات “كثيفة” من الشباب الراغبين بالانضمام للاتحاد برفع السن الخاص بالانضمام لـ45 عاماً، قام القائمون على الاتحاد بالإعلان عن تعديل الشروط الخاصة بالفئة العمرية لعضوية الاتحاد لتصبح من 18 إلى 45 عاماً.
توالى انضمام كيانات أخرى شبابية على رأسها شباب 30 يونيو بناء وتنمية مصر، ويالا يا سيسي، والسياسي الشاب، وبكرة لينا.
https://www.youtube.com/watch?v=AYxuQM6zyLs&t=3s
“ندرك أن جانباً من هؤلاء المنضمين لا يعنيهم سوى الصعود والامتيازات التي يعتقدون أنهم بانضمامهم له سيتحصلون عليها”، قالها عضو باتحاد الشباب وموكل إليه ضمن فريق مهام توسيع قاعدة الاتحاد، وذلك رداً على سؤال عن العدد الذي وصل إليه الاتحاد حالياً، الذي لم يحدده المتحدث لعدم إحصاء المنضمين الجدد.
وتابع بالقول، طالباً التحفظ على اسمه: إنه يدرك بالطبع كما يدرك مؤسسو الاتحاد وقياداته أن هنالك “كيانات وهمية وبعضها مجرد لافتة وبعضها مؤسس حديثاً سعت للانضمام للاتحاد لا انطلاقاً من فكرة العطاء والعمل الطوعي لخدمة المجتمع، ولكن للحصول على مكاسب متخيلة”، مضيفاً: “نتحرى الدقة في قبول المنضمين”.
استنساخ القديم والجديد
واتحاد شباب الجمهورية هو التجربة الثانية بعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي لإيجاد كيان شبابي بجوار تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
ودعا ذلك التكرار لتجربتين متشابهتين بنفس العهد مراقبين للتساؤل عن الضرورة من وراء إنشاء كيان جديد للشباب، في حين يجري النظر لتجربة التنسيقية بشكل إيجابي عند الحديث عنها في وسائل الإعلام المحلية المقربة من السلطة، باعتبارها “مفرخة” لكوادر تتبوأ اليوم مواقع قيادية ومهمة بالبلاد.
ونظمت مؤسسة الأهرام ندوة قبل شهور لمجموعة من شباب تنسيقية الشباب لتقييم دورها، خلص إلى أن التجربة نجحت في غضون 3 سنوات من تأسيس التنسيقية في أن يصبح لديها وجود وتمثيل نيابي يضم:
– 48 نائباً ونائبة في مجلس النواب والشيوخ.
– 6 نواب محافظين.
– تمثيل في الإعلام والمؤسسات الصحفية وتواصل مباشر ما بين 48 نائباً ومن خلفهم من كتائب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين يتواصلون مع الشارع.
– تمثيل وتواصل مع 26 حزباً سياسياً.
– أكدت الندوة أن التنسيقية استطاعت جمع كل هؤلاء على طاولة واحدة، “ليجلس اليمين مع اليسار لا يهمه في المقام الأول إلا مصلحة الوطن”.
وإذا كانت تنسيقية الشباب والأحزاب تحظى بتقييم إيجابي وأثر كبير وناجح، فلماذا إذن يحتاج النظام لكيان جديد؟
قيادي بحزب نشأ قبل ثورة يناير 2011 أكد أن إنشاء أكثر من كيان للشباب وراؤه محاولة ترضية أكبر عدد ممكن من كيانات الشباب المحسوبة على أجنحة النظام والأحزاب الداعمة له، ولا سيما وأن عدداً من الأحزاب الكبيرة محسوبة على أجهزة أمنية مختلفة، استحوذت على معظم المواقع القيادية بالتنسيقية.
وكشف القيادي -رفض ذكر اسمه- أن الفترة التي تلت إنشاء التنسيقية عام 2018 شهدت حالة من عدم الرضا بين ائتلافات شبابية داعمة للسلطة، بسبب ذلك الاستحواذ، ما دفع لإنشاء كيان جديد على وعد بتأهيلهم ضمن الكيان الجديد لتولي مواقع في “الجمهورية الجديدة”.
ورأى كتَّاب ومحللون أن اتحاد شباب الجمهورية الجديدة يرسخ لزيادة الوعي السياسي بين الشباب، فيما رأى سياسيون أنه استنساخ لتجارب بائدة بناء على أفكار عفَّى عليها الزمن.
وقال القيادي السابق بحزب الوسط طارق الملط: إنه من المناقض لفكرة أن تكون الجمهورية “جديدة” أن يتم إعادة تدوير الماضي “البائس”، عاقداً مقاربات بين المؤسسات التي ظهرت بعهد السيسي وتلك التي ظهرت بعهد عبدالناصر.
ولفت إلى أن منظمة الشباب القديمة “استنسختها” أكاديمية الشباب، أما التنظيم الطليعي فقد استنسخته تنسيقية الشباب، وفيما يتعلق بالاتحاد الاشتراكي، فقد استنسخته برلمانات “سلطوية لا شعبية” إلى جانب اتحاد شباب الجمهورية الجديدة.
وأوضح أن الإنجازات التي قام بها السيسي وأشاد بها مراقبون، قد تنشئ حقبة جديدة في تاريخ أي بلد، ولكن مصطلح الجمهورية الجديدة يكون عندما يحدث “تجديد وتغيير بالفعل” في بنية وفلسفة نظام الحكم حتى لو من خلال نفس المؤسسات أو القيادات.
https://www.facebook.com/tarek.elmalt.5/posts/10157997790796366
https://www.facebook.com/shimaa.galal.96/posts/10221884888126269
https://www.facebook.com/sakrmohamedeg/posts/4110797365668621
https://twitter.com/Extranewstv/status/1416563371961245696
في كتاب “منظمة الشباب الاشتراكي.. تجربة مصرية في إعداد القيادات 1963 – 1976” للقيادي اليساري عبدالغفار شكر، تفاصيل مهمة عن تجربة منظمة الشباب، التي يقارن مراقبون بينها وبين اتحاد الشباب حالياً.
وبدأت التحضيرات لنشأة المنظمة أواخر عام 1963م، وحينها جرت الاستعانة بمفكرين من كل الاتجاهات السياسية، لإعداد البرنامج الفكري.
وتقرر اختيار مجموعة من الرواد الذين سيقودون المنظمة بعد ذلك، وتنظيم معسكرات لهم في أماكن منعزلة للتفرغ تماماً لهذه الدراسة.
وبعد أعوام الاستعداد، انطلقت منظمة الشباب حاضنة خرجت منها قيادات مؤثرة ومهمة في البلاد لاحقاً.
وظلت تلك القيادات ممسكة بزمام إدارة البلاد حتى أطل جمال مبارك برأسه على الحياة السياسية للبلاد، أسس جمعية جيل المستقبل عام 1998م، وهي منظمة غير حكومية لا تهدف للربح، من قِبَل رجال أعمال مصريين بالقطاع الخاص.
وتتلخص أهداف جمعية جيل المستقبل المعلنة هي تطوير قطاع الموارد البشرية بمصر، وخرج من جمعية المستقبل عدد من الوزراء، جمعوا إلى جانب عضويتهم فيها عضويتهم في لجنة السياسات التي انضم إليها شيخ الأزهر الحالي الشيخ أحمد الطيب.
ومثل تجربة حورس التي ماتت في مهدها بالجامعات، نشطت جمعية جيل المستقبل بين شباب الجامعات المصرية، قبل أن يطيح بأحلام مؤسسيها وأعضائها شباب ثورة يناير 2011 الذين قالت تلك الجمعية: إنها تمثلهم.