في بيانين منفصلين رحبت جمعية الإصلاح الأفغانية (الإخوان المسلمون) بانتقال السلطة لحركة طالبان بشكل سلمي “دون إراقة للدماء، أو تدمير للمؤسسات والمرافق العامة”، فيما هنأت جماعة الإخوان بمصر الشعب الأفغاني بانتصاره وتحرير أرضه.
جماعة الإخوان في أفغانستان والتي تعود جذروها إلى الحرب ضد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، واشهرت كجماعة رسمية باسم جمعية الإصلاح عام 2002م، أعربت في بيانها عن دعمها وتأييدها للاتصالات والاجتماعات الدائرة بين القوى والأحزاب السياسية الأفغانية “للاتفاق على النظام والحكومة التي يرتضيها الشعب بكل فئاته”.
ودعت لتسريع “تشكيل حكومة انتقالية رشيدة تحقق المساواة وتحقن الدماء بعيداً عن روح الانتقام والتشفي.
وأشادت بالتعامل الطيب لحركة طالبان مع مخالفيها، متمنية أن تؤدي “التحولات الأخيرة إلى تهيئة الأرضية لبناء نظام إسلامي، وتحقيق الرفاهية والأخوة بين أبناء الشعب الأفغاني”.
وشددت على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة بشكل مدني ومعقول، ودعت “طالبان” إلى بذل جهودها لتحقيق الأمان النفسي والاجتماعي للشعب الأفغاني، وتحكيم القانون والإدارة الحكيمة للدولة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.
ولكن ماذا تعرف عن الإخوان المسلمون في أفغانستان؟
بدأ اهتمام جماعة الاخوان بأفغانستان مبكراً خلال أيام مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، حين أنشأوا عام 1944م قسماً للاتصال بالبلدان الإسلامية كافة.
كان أحد الدوافع الرئيسية لهذا هو مقاومة الاحتلال الإنجليزي لأفغانستان، شأنها شأن مصر في ذلك الوقت، ووجهت الدعوة وقتها عام 1948م إلى الأفغاني هارون مجددي لحضور مؤتمر إسلامي بمدينة الإسماعيلية.
لاحقاً بدأ طلاب افغانستان الذين يدرسون في الأزهر بمصر التواصل مع جماعة الإخوان لحضور لقاءاتها ودروسها الدينية والتربوية وكان من بينهم قادة أفغان كبار لاحقاً مثل برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف.
عقب الغزو السوفيتي لأفغانستان وتلاقي وجهتي نظر الإخوان وحكومة الرئيس السادات الراحل وقتئذ في محاربة الروس المحتلين، زاد نشاط الإخوان في أفغانستان في الجوانب الإنسانية بشكل أساسي.
وتطور وجود جماعة الإخوان هناك واتسع حجم المنتمين لها خلال الجهاد ضد السوفييت وعقب دحرهم وهزيمة الغزو وسيطرة المجاهدين على البلاد وتحريرها.
عقب تنازع الفصائل الأفغانية وتحاربها ثم تكوين حركة طالبان انطلاقاً من باكستان بدأت طالبان تتحرك عسكرياً للسيطرة على البلاد وإبعاد فصائل المجاهدين المتحاربة، وسيطرت على الحكم من 1996 حتى 2001م حين غزا الأمريكان أفغانستان.
بسبب العلاقة بين الإخوان في أفغانستان وبين الفصائل الجهادية التي حاربتها طالبان واختلفت معها توترت العلاقات نسبياً بين الإخوان وطالبان، حتى تم الغزو الأمريكي وإبعاد طالبان عن الحكم.
سعت جماعة الإخوان في أفغانستان عقب الغزو الأمريكي على تكثيف نشاطها لمواجهة الانحلال والفساد التي جاء مع المحتل، وقامت في العام الثاني للاحتلال (2002م) بتدشين جمعية الإصلاح بشكل رسمي لتعبر عن جماعة الإخوان.
ففي يونيو عام 2002م، أعلنت 30 شخصية أفغانية تنتمي للإخوان تأسيس كيان سياسي يمثل جماعة الإخوان في أفغانستان، تحت مسمى “الجمعية الأفغانية للإصلاح والتنمية الاجتماعية”، في منطقة تيمني في العاصمة كابول.
وحصلت على الموافقة الرسمية من وزارة العدل، خلال حكم الرئيس السابق حامد كرزاي، وضمّت 35 فرعاً.
عقب نشأة «الجمعية الأفغانية للإصلاح والتنمية الاجتماعية»، التي تتخذ من كابول مقراً لها، وتنتشر فروعها في أكثر من ثلاثين ولاية أفغانية، بدأت تكثف نشاطها التربوي والدعوي والتعليمي والإنساني والخيري.
مؤسسات الإخوان
في مجال التعليم أسس «الإخوان» 12 مدرسة من الابتدائية حتى الثانوية، وأربعة معاهد لتعليم الفتيات ولتخريج معلمات، وثماني مدارس للدراسات الدينية، و8 مدارس لتدريس العلوم الشرعية.
و7 معاهد متخصصة في تأهيل المعلمين، منها على سبيل المثال: “إصلاح النموذجية”، أُسست عام 2006م في مدينة جلال آباد، ومعهد “الإصلاح لإعداد وتأهيل المعلمات”، الذي أنشئ عام 2008م؛ ومعني بدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية
و”دار العلوم الإسلامية” أُنشئت عام 2008م، ومدرسة “الفلاح” للبنات، أُنشئت عام 2009م بمدينة جلال آباد، وتخصصت في إعداد الكوادر القيادية في المجالات الفكرية والعلمية والمهنية، وكل هذه الأنشطة التعليمية تطلب من الملتحقين بها رسوماً رمزية.
وفي مجال الإعلام أسس «الإخوان» منابر إعلامية، منها قنوات فضائية مثل «الإصلاح» وهي أول قناة فضائية أفغانية، وإذاعة اسمها “صوت الإصلاح”، تأسست عام 2008م.
ومجلات مثل «إصلاح مللي» الأسبوعية التي تصدر بالباشتو والفارسية، ومجلة «جوان» بالبشتو، ومجلة “رسالة الإصلاح” (نصف شهرية)، و«معرفة» الشهرية بالفارسية، وكذلك «رسالة الإصلاح» التي يطبع منها ما يربو على مائة ألف نسخة، وتستقطب أقلاماً أفغانية مهمة ولها تأثير بالغ في الشارع الأفغاني.
أما في مجال العمل الخيري، فقد أطلق «الإخوان» «جمعية المساعدات الإنسانية» التي تمارس مهام إنسانية مثل العناية بالأرامل ورعاية الأيتام، وتقديم خدمات طبية مجانية وبأسعار رمزية، وتقديم إعانات منتظمة للفقراء.
أسس إخوان أفغانستان “جمعية المساعدات الإنسانية”، كمنظمة عاملة في المجال الخيري، وتوسعت في إنشاء المستشفيات والعيادات الطبية، كنوع من تحقيق استراتيجية “الدولة البديلة”، أو “الدولة الموازية” للنظام السياسي القائم، والسيطرة على الطبقات الفقيرة، بما يخدم أهدافها السياسية.
وأموال هذه الأنشطة كافة تأتي من تبرعات تجار ورجال أعمال وميسورين ونسبة تصل إلى 2% يتبرع بها أعضاء الجماعة من مرتباتهم ودخولهم.
أيضا تمتلك جماعة الإخوان داخل أفغانستان مؤسسات اقتصادية كبيرة.