“داخل التطبيق شيخ”، كلمات بسيطة من شباب مصري مندهش تعبر عن مظهر جديد يحاول –بحسب تعبيره- أن يغير صورة ذهنية مستقرة عند المصريين عن تطبيق “تيك توك” سيئ السمعة الذي ارتبط بفتيات العري والدعارة الإلكترونية.
ورغم عقد محاكمات لفتيات مصريات بسبب تطبيق “تيك توك”، فإن حساب “دار الإفتاء المصرية” على تطبيق “تيك توك” قلب الطاولة فجأة، وما زال يثير الجدل والحيرة لدى العديد من المراقبين والمتابعين فضلاً عن المواطنين.
خطوات مماثلة
من جانبها، دعت د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، جميع الصالحين والمصلحين لدخول التطبيق وترويج منتجاتهم الصالحة حتى يغلب الصالح الطالح.
وتقول، في تصريح لـ”المجتمع”: إن دخول دار الإفتاء المصرية لتطبيق “تيك توك” خطوة محمودة يجب أن يتبعها خطوات من كافة الصالحين والمصلحين لدخول التطبيق حتى يغلب الصالح الفاسد دون مشاركة في ترويج أي فساد داخل التطبيق الآن؛ لأنه يغلب عليه الفساد، لكن يمكن الترويج له بعد علو الصلاح به.
وتضيف أن دعوة الأنبياء والمصلحين كانت في قلب دار فساد وإفساد، ولم تكن منعاً لهم في التقدم بدعوتهم ضمن هذه المنتديات بأفكارهم وأخذ عموم البشر إلى الصلاح والإصلاح.
مسؤولة بالأزهر: ندعو لخطوات مماثلة لإصلاح المحتوى
وتحذر د. شاهين من التكسب من الدعوات لذلك التطبيق الآن لأنه يحتوى على غلبة للفساد من المواد الخليعة وغير الأخلاقية، لكن قالت: يجوز تكسب أحد الصالحين من محتواه فقط دون مشاركة في الترويج للتطبيق نفسه الآن إلا للدخول إلى المحتوى النافع الصالح.
وتوضح أن تصريحاتها السابقة بأن التطبيق يحتوي على بعض المواد والفيديوهات الخليعة المخالفة للدين والشرع، وبالتالي فينصح بتركه وعدم الاستجابة لدعوات الترويج له، جاءت انطلاقاً من عدم تواجد الصالحين عليه بكثافة ولكن بمبادرة دار الإفتاء المصرية للدخول إليه، فأنصح بتكثيف الجهود عليه والمشاركة بكثافة حتى يغلب الجيد الرديء والصالح الفاسد.
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اقتحم المجال في أحدث فتاويه، حيث أجاب عن سؤال ورد إليه حول الحكم الشرعي في الأرباح الناتجة عن تحميل تطبيق “تيك توك”.
وتصدى الشيخ محمد العليمي، عضو مركز الأزهر للفتوى، لهذا السؤال في بث مباشر قبل أيام على صفحة الأزهر الشريف على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وأشار الشيخ محمد العليمي، في رده، إلى ضرورة بيان هل التطبيق يستخدم في الخير فقط أم يستخدم في الشر فقط أم يستخدم في كليهما؟ موضحاً أنه إذا كان يستخدم في الخير فقط؛ فيجوز للإنسان تحميله وأخذ الأجر منه، أما إذا كان يستخدم في حرام فقط؛ فيحرم تحميله ويحرم أخذ الأجر منه.
مرصد للإفتاء حذر من التطبيق في عام 2020 بسبب الإرهاب
وقال العليمي، في الفتوى: أما إذا كان فيه حلال وفيه حرام أي فيه نفع وفيه ضر لكن غالبه الضر ففي هذه الحالة إذا تيقن الإنسان من نفسه أنه لن يتضرر من هذا الضر، وسيستخدم هذا البرنامج للنفع فقط، فيجوز مع الكراهة تحميل البرنامج، وإذا كان البرنامج غالبه النفع وقليله الضر فيجوز تحميله.
وحول الأرباح والأموال الناتجة من تحميل التطبيق أجاب عضو مركز الأزهر للفتوى: إذا كان هذا الأمر لا يصطدم مع القوانين المنظمة لهذه الأمور ولا يؤدي إلى مفسدة لا في الحال ولا في المآل فلا مانع شرعاً طالما كان استخدام الإنسان لهذا البرنامج في أمر مباح غير محرم، كما إن هذا البرنامج لا يشغل وقت الإنسان، ولا يكون سبباً لترك بعض الواجبات أو الإهمال في المستحبات، وإن كنا نرى أن استخدام المال الناتج عن “تيك توك” الأولى الابتعاد عن ذلك، وإذا كان الإنسان في حاجة إليه يلزمه الالتزام بالضوابط المذكورة.
تبرير الدار
د. شوقي علام، مفتي الديار المصرية، برر التواجد على “تيك توك” بأن دار الإفتاء تواجدت بالتطبيق بعد أن لاحظت وجود فتاوى صوتية للجماعات الإرهابية وأفكاراً شاذة تنشر عبر هذا التطبيق.
وأضاف، في تصريحات رسمية رصدها مراسل “المجتمع”، أن الدار تدرس كافة التعليقات ويتم تصنيفها لتصحيح المسار، موضحاً أن لدى دار الإفتاء 17 صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فضلاً عن أن صفحة موقع “فيسبوك” الخاصة بدار الإفتاء عليها 11 مليون مشترك، يتفاعلون معها، ما يؤكد أهمية التفاعل.
وتضمن الحساب الرسمي لدار الإفتاء على “تيك توك”، على 25 فيديو، لموضوعات متنوعة، منها: الميراث والقضايا المتعلقة بالمرأة والمعاملات المالية والصلاة والصيام والذكر والزواج والاقتراض وكورونا والتحرش الجنسي، ولم يتم نشر مواد عن محاربة التطرف أو الإرهاب بعد.
وكان رأي دار الإفتاء مختلفاً في سبتمبر 2020، حيث حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية كان حذر الأسر في العام 2019، من استخدام أبنائهم لتطبيق “تيك توك” موضحاً أن تطبيق “تيك توك” يظهر عليه بشكل مكثف دعاية للجماعات الإرهابية التي تستفيد من التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة في نشر أفكارها وعملياتها الإرهابية.
ملاحقة قضائية
يأتي ذلك بعد فترة من إجراءات ملاحقة قضائية للعديد من الفتيات المتهمات بممارسة الفجور والدعارة الإلكترونية عبر ذلك التطبيق.
وشهدت الأشهر الأخيرة في مصر ملاحقة قضائية للعديد من فتيات “تيك توك” تحت مظلة مخالفة قيم المجتمع والحض على أعمال منافية للآداب وحتى الاتجار في البشر، وتم الحكم بالفعل على عدد منهن بالسجن لمدد متفاوتة.
وبحسب تقارير محلية، يقف خلف قضبان سجن القناطر وزنزانة الحبس أكثر من 8 فتيات وسيدات، وجهت النيابة العامة لهن تهم “العري وممارسة أعمال منافية للآداب العامة على تطبيق “تيك توك”، بهدف تحقيق الشهرة والثراء السريع”.
وأدانت المحكمة المتهمين بالإتجار بالبشر واستدراج فتيات قاصرات عن طريق بعض منصات التواصل الاجتماعي، واستغلالهن في أنشطة منافية للآداب مقابل تلقي تحويلات بنكية من إدارة التطبيق.